إن تفخر الدنيا فأنت فخارها … أو تختر العليا فأنت خيارها
المجد ممنوع بسيفك عزه … والأرض معمور بملكك دارها
زهيت بذكرك أرضها وسماؤها … وجرى بسعدك ليلها ونهارها
هديت بهديك في الظلام نجومها … وسرت بنورك في الدجى أقمارها
يا عامريين اعمروا رتب العلا … فلكم سني سنائها وفخارها
وتمكنوا من دولة العز التي … أنتم زكي أرومها ونجارها
لا تعدمن علاكم الرتب التي … أضحت معظمة بكم أقدارها
بكم اكتست حلل السنا وبسعيكم … ضاءت معالمها وحيط ذمارها
رضيت تعبدكم لها أملاكها … وتفاخرت بولائكم أحرارها
من دوحة الكرم المنعمة التي … أخذت بآفاق العلا أشجارها
مدت لأمن المسلمين ظلالها … ودنت لأرزاق العباد ثمارها
في ذروة الشرف التي شادت لكم … شرفاتها قحطانها ونزارها
أعطتكم رهن السباق جيادها … وخلا لفائت شأوكم مضمارها
سبق القضاء بأنكم أملاكها … دون الأنام وأنكم أنصارها
لله منك إذا الشفار تقاصرت … همم تمر بمرها أقدارها
يا قائد الخيل العتاق كأنما … عزماته أرماحها وشفارها
ليث يخاطر في المكر بنفسه … همم عظيم في العلا أخطارها
أوطأت أرض المشركين كتائبا … فيها وشيك فنائها ودمارها
وتركت أرض ليون وهي كأنها … لم تغن بالأمس القريب ديارها
مرفوعة لك في العلا أعلامها … لما غدت بك عافيا آثارها
شيع حواها حد سيفك عنوة … أضحت وعقبى الإنتقام قصارها
وفلول من فات الفرار بنفسه … جاءت يعاجلها إليك فرارها
من بعدما عاذت بحفظ حياتها … ببروج منع للنجوم جوارها
واستعصمت بمعاقل قد أصبحت … للحين وهي قيودها وإسارها
غبقوا بخمر الحرب صرفا فاغتدت … تلك الحفائظ والحتوف خمارها
وكأنما بصرت لظى بمكانهم … متمنعين فعاجلتهم نارها
نار تطاير بالغواة كأنها … حين ارتمت بهم هناك شرارها
وتبرؤوا من كل مخطفة الحشا … محفوظة لحليلها أطهارها
شجيت بمصرع بعلها ثم انثنت … مطلوبة بجفونها أوتارها
من كل مغرمة بخل تمتري … السيف أمضى فيه أم تذكارها
لبست ثياب الأمن حين تمنعت … آفاقها وتباعدت أقطارها
وتسربلت حلل الثلوج جبالها … واستفرغت مد الحيا أنهارها
والخيل والأبطال تجهد خلفها … ألا يشط على الخليل مزارها
حتى عبرن خليج دوير كأنها … سفن ترامى بالحتوف بحارها
بقواضب قضبت بهن حياتها … وصوارم صرمت بها أعمارها
وكتائب لهجت بطيب ذكركم … فلذيذه عند الهياج شعارها
وكأنهن وقد دجت ظلم الوغى … في الروع أفلاك عليك مدارها
وصلت بيمنك صومها بجهادها … وندى يديك بأوبها إفطارها
حتى قدمت بمفخر الفتح الذي … أحيا المنى بقدومه استبشارها
وطلعت للمتأملين بغرة … كالشمس يحسر دونها أبصارها
فنفوس أهل الخافقين فداؤها … والله من صرف الحوادث جارها