إني لَيَنْفَعُني بَأسِي، فَيَصْرِفُني … إذا أتَى دُونَ شَيْءٍ مرّةُ الوَذَمِ
وَالشّيْبُ شَرُّ جَدِيدٍ أنْتَ لابِسُهُ، … وَلَنْ تَرَى خَلَقاً شَرّاً مِنَ الهَرَمِ
ما مِنْ أبٍ حَمَلَتْهُ الأرْضُ نَعلَمُه … خَيرٌ بَنِينَ، وَلا خَيرٌ مِنَ الحَكَمِ
الحَكَم بن أبي العاصِي الذينَ هُمُ … غَيْثُ البِلادِ وَنُورُ النّاسِ في الظُّلَمِ
مِنهمْ خَلائِفُ يُستَسقى الغَمامُ بهمْ، … وَالمُقْحِمُونَ على الأبطالِ في القَتَمِ
رَأتْ قُرَيْشٌ أبَا العاصِي أحَقَّهُمُ … باثنَينِ: بالخاتَمِ المَيْمُونِ وَالقَلَمِ
تَخَيّرُوا قَبلَ هذا النّاس إذْ خُلقُوا … مِنَ الخَلائِقِ أخْلاقاً مِنَ الكَرَمِ
مِلْءَ الجِفانِ من الشِّيزَى مُكَلَّلَةً، … وَالضّرْبَ عندَ احمرَارِ المَوْتِ للبُهَمِ
ما ماتَ بعَدَ ابن عَفّانَ الذي قَتَلوا، … وَبَعْدَ مَرْوَانَ للإسْلامِ وَالحُرَمِ
مثْلُ ابنِ مَرْوَانَ وَالآجالُ لاقِيَةٌ … بحَتْفِهَا كُلَّ مَنْ يَمْشِي على قدَمِ
إنْ تَرْجِعوا قد فرَغتمْ من جَنازَتِهِ، … فَما حَمَلْتُمْ على الأعْوادِ من أمَمِ
خَليفَةً كانَ يُستَسقى الغَمَامُ بِهِ، … خَيرَ الذِينَ بَقُوا في غابِرِ الأُمَمِ
قالُوا ادْفُنُوهُ فكادَ الطّوْدُ يُرْجِفُهُ … إذْ حَرّكُوا نَعْشَهُ الرّاسِي من العَلمِ
أمّا الوَليدُ، فَإنّ الله أوْرَثَهُ … بِعِلمِهِ فِيهِ مُلْكاً ثَابِتَ الدِّعَمِ
خَلافَةً لمْ تَكُنْ غَصْباً مَشُورَتُهَا، … أرْسَى قَوَاعِدَها الرّحَمنُ ذو النِّعَمِ
كانتْ لعُثمانَ لمْ يَظْلِمْ خِلافَتَها، … فانْتَهَكَ النّاسُ منهُ أعظَم الحُرَمِ
دَماً حَرَاماً، وَأيْماناً مُغَلَّظَةً، … أيّام يُوضَعُ قَمْلُ القَوْمِ باللِّمَمِ
فَرّقتَ بَينَ النّصَارَى في كَنائِسِهِمْ، … وَالعابِدِينَ مَعَ الأسْحَارِ وَالعَتَمِ
وَهُمْ مَعاً في مُصَلاّهُمْ وَأوْجُهُهُمْ … شَتى، إذا سَجَدُوا لله وَالصّنَمِ
وَكَيفَ يَجتَمِعُ النّاقُوسُ يَضرِبُهُ … أهْلُ الصّليبِ مَعَ القُرّاءِ لمْ تَنَمِ
فُهّمتَ تَحوِيلَها عَنهُمْ كما فَهما، … إذْ يَحكُمَانِ لهمْ في الحَرْثِ وَالغَنمِ
داوُدُ وَالمَلِكُ المَهْدِيُّ، إذْ حَكَما … أوْلادَها وَاجْتِزَازَ الصّوفِ بالجَلَمِ
فَهَمَّكَ الله تَحْوِيلاً لبَيْعَتِهِمْ … عَن مَسجِدٍ فيهِ يُتحلى طَيّبُ الكَلِمِ
عَسَتْ فُرُوغُ دلائي أنْ يُصَادِفَها … بَعْضُ الفَوائضِ من أنهارِكَ العُظُمِ
إمّا مِنَ النِّيلِ إذْ وارَى جَزَائِرهُ، … وَطَمَّ فَوْقَ مَنَارِ المَاءِ والأكَمِ
أوْ من فُرَاتِ أبي العاصِي، إذا التَطمتْ … أثْبَاجُهُ بِمَكانٍ وَاسِعِ الثَّلَمِ
تَظَلُّ أرْكَانُ عَانَاتٍ تُقَاتِلُهُ … عَنْ سُورِها وَهوَ مثلُ الفالجِ القَطِمِ
يَخشَوْنَ من شُرُفاتِ السُّورِ سَوْرَتَهُ، … وَهُمْ على مثل فَحلِ الطّوْد من خِيَمِ
القاتلُ القِرْنَ وَالأبطالُ كَالِحَةٌ، … وَالجوعَ بالشّحمِ يوْم القِطقِط الشَّبِمِ