إلى كمْ حبسها تشكو المضيقا … أثرها ربَّما وجدتْ طريقا
تنشّطْ سوقها واسرحْ طلالها … عساها أنْ ترى للخصبِ سوقا
وإنْ لمْ تمضي هرولة ً وجمزاً … فأمهلها الروائدَ والعنيقا
أجلها تطلبْ القصوى ودعها … سدى ً يرمي الغروبُ بها الشروقا
فإنَّ منَ المحالِولمْ تهدَّمْ … غواربهاتنجزُّكَ الحقوقا
أتعقلها وتقنعْ بالهوينا … تكونُ إذاً بذلَّتها خليقا
ولمْ يشفقْ على حسبٍ غلامٌ … يكونُ على ركائبهِ شفيقا
أخضْ أخفاقها الغمراتْ حتّى … ترى في الآلِ سابحها غريقا
سمائنٌ أوتعرِّقها الفيافي … فتتركها عظاماً أو عروقا
تلاقطَ جوهرَ الحصباءِ منها … مناسمُ منْ دمٍ يصفُ العقيقا
يصيبُ بهِ رميَّتهُ معانُ ال … يدينِ موفَّقٌ نصلاً وفوقا
يفضُّ على جنوبِ البيدِ منها … سهامُ النزعِ مفلتة ٌ مروقا
صبورٌ للهواجرِ والسوافي … يرى بجدوبهِ العيشَ الرقيقا
إذا عدمَ المياهَ على الركايا … كفاهُ أنْ يعدَّ لهُ البروقا
تورَّطها فإمّا نلتَ خيراً … فسعى ٌ وافقَ القدرَ المسوقا
وإمّا أنْ تخيبُ فلستُ فيها … بأوّلِ طالبِ حرمَ اللُّحوقا
أرى الأيّامُ تأخذُ ثمَّ تعطي … وتخرقُ ثمَّ تنتصحُ الخروقا
وتوقدْ نارها دقّاً لقومٍ … وفي قومٍ تضرِّمها حريقا
وكلُّ حلوبها عندي سواءٌ … مشوبا أو صريفاً أو مذيقا
مظالمَ لو رفعنَ إلى كريمٍ … لكانَ بسدِّ عورتها حقيقا
ولو نادتْ كمالِ الملكِ ألفتْ … على الأدواءِ حاسمها الرفيقا
وحطَّتْ فادحَ الأثقالِ منهُ … بذي جنبينِ يحملها مطيقا
غيورٌ لا ينامُ على اهتضامِ ال … كرامِ ولا الغرارِ ولا الخفوقا
تنقِّلهُ منَ العزماتِ شمٌّ … يدوسُ جبالها نيقاً فنيقا
إذا ركبَ الطريقَ إلى المعالي … فلا زادٌ يعدُّ ولا رفيقا
وحيدُ ترهفُ الاْحداثُ منهُ … على أعناقها نصلاً عتيقا
لبيبُ الرأيِ يكبرُ عنْ مشيرٍ … إذا ما الرأيُ شارفَ أنْ يموقا
إذا خفيتْ شواكلُ كلُّ أمرٍ … جليلِ الخطبِ أبصرها دقيقا
فلو روّي ليفرقَ بينَ ماءٍ … وماءٌ مثلهُ وجدَ الفروقا
نمتْ أمُّ الوزارة ِ منْ أخيهِ … ومنهُ البدرَ والغصنَ الرشيقا
هما الولدانِ منْ صلة ٍ وبرٍّ … إذا ولدتْ منَ النّاسِ العقوقا
منَ النفرِ الّذينَ إذا استغيثوا … رأيتَ بهمْ وساعَ الأرضِ ضيقا
كتائبَ ما رعتْ عيناكَ خرساً … مسوَّمة ً وألوية ً خفوقا
تخالُ بديهَ أمرهمُ رويَّاً … إذا اجتمعوا وواحدهمْ فريقا
رطابُ النطقِ بسّامو المجالي … إذا ما أيبسَ الفرقُ الحلوقا
لهمْ شرفٌ سرى منْ ظهرِ كسرى … مطاً فمطاً فما ضلَّ الطريقا
طوى أصلابهمْ أو جاءَ عبدُ ال … رّحيمِ فجاءَ متَّسقاً مسوقا
ترى الأبَ بالشهادة ِ في بنيهِ … قريباً وهو قدْ أمسى سحيقا
وما تسمو النفّوسُ ولا تزكّي … إذا لمْ تنظمْ الحسبَ العريقا
وبانتْ آية ٌ بأبي المعالي … فكانَ مصلِّيا فضلَ السَّبوقا
ربا معهُ الكمالُ فشقَّ منهُ … لهُ لقبٌ فصارَ لهُ شقيقا
خلائقَ تارة ً يشربنَ صابا … وأحياناً مشعشعة ً رحيقا
يثيرُ السخطُ منها والتغاضي … صواعقها ووابلها الدَّفوقا
ففي حالٍ تكونُ بها شريباً … وفي حالٍ تكونُ بها شريقا
ويسكركَ الّذي يصحيكَ منها … فما تنفكُّ سكراناً مفيقا
فداؤكَ كلُّ جهمِ الوجهِ أنَّي … لقي مرَّ الخلائقَ كيفَ ذيقا
تراهُ ناشطاً يأتي ويمضي … وقيدُ العجزُ يجعلهُ ربيقا
إذا عزلوهُ لمْ يحذرْ عدوّاً … وإنْ ولَّوهُ لمْ يحرزْ صديقا
يراكَ بمؤخرِ العينينِ غيظاً … وقدْ أفديتهُ جفناً وموقا
فلا مدّتْ لنعمتكَ اللّيالي … يدا طولي ولا ظفراً علوقا
وإنْ سنحتْ ميامنُ كلِّ يومٍ … صباحاً بالسعادة ِ أو طروقا
فغنّتكَ المطاربَ ثمَّ أبكتْ … ديارَ عداكَ نوحاً أو نعيقا
وجادكَ كسبُ جودكَ منْ ثنائي … مواقرَ ترجعُ الذاوي وريقا
إذا هي وبلتْ بسطتْ عريضاً … وإنْ هي أسبلتْ حفرتْ عميقا
فتلحمَ في ربوعكِ أو تسدِّي … خمائلَ تأسرِ الطرفِ الطليقا
تزوركَ شاكياتٍ كلَّ يومٍ … حشى ً حرّانَ أو قلباً مشوقا
على مسعاتها قامتْ مقاماً … مقرّاً منْ قبولكَ أو زليقا
وكمْ عثرتْ بذنبٍ كانَ سهواً … فكنتَ بأنْ تغمّدهُ حقيقا
وحرَّ بالخطيئة ِ صارَ عبداً … غفرتَ غلاطهُ فغدا طليقا