إلى أي ذكر غير ذكرك أرتاح … ومن أي بحر بعد بحرك أمتاح
إليك انتهى الري الذي بك ينتهي … ولاح لي الرأي الذي بك يلتاح
وفي مائك الإغداق والصفو والروى … وفي ظلك الريحان والروح والراح
وكل بأثمار الحياة مهدل … وبالعطف مياس وبالعرف مياح
فأغدق للظمآن محيا ومشرب … وأفصح بالضاحي غصون وأدواح
تغني طيور الأمن فيها كأنما … بعلياك تشدو أو بذكرك ترتاح
فألحانها في سمع من أنت حزبه … أغان وفي أسماع شانيك أنواح
وكم قدت للأعداء من حزن ليلة … ضحاها لمن والاك غنم وأفراح
سموت لها باسم وفعل كلاهما … بسيفك في الهيجاء أزهر وضاح
جهاد وفت آيات فعلك باسمه … كما شرح المعنى بيان وإيضاح
وكالجيش إذ أعلقته منك نسبة … بعزتها تعلو الجيوش وتجتاح
أبوة آباء لأبناء ملكه … مشابه يحدوهن صدق وإفصاح
فما ظلموها قائمين بشبهها … إذا غوروا تحت السنور أو لاحوا
سوابغ لم تخلل بصبغ جسومهم … إذا ما غدوا في لبس نعماك أو راحوا
ولا أسهكتهم في سبيلك لبسة … بإسهاكها طابوا ومن ريحها فاحوا
وكم من فتى أعديته منك شيمة … يشم بها ريح العداة فيرتاح
ويزجي من الخطي أشطان ماتح … إلى قلب وسط القلوب فيمتاح
وبدر إذا ما غم في رهج الوغى … تجلى به قرن من الشمس لماح
وقرم لشول الحق إن حال وسقها … تجللها منه ضراب وإلقاح
جعلت عليه البر والبحر إسوة … ففي البر طيار وفي البحر سباح
وأقبسته من نور هديك فاهتدى … إلى حيث لا يهدى شراع وملاح
بفلك كأفلاك السماء نجومها … كمي ونبال وشاك ورماح
وغر إلى الغايات هيم نوازع … تهيم بها في لجة البحر أشباح
قرعت بها أمواج بحر تركته … وأمواجه تحت الكلاكل أطلاح
مفاتيح أقفال الفتوح التي نأت … وأنت بها في طاعة الله فتاح
وصابحة للمسلمين بغارة … غنائمهم فيها تمور وتنساح
حكمت برد الحق عنها فأسمحت … ولولا ظباك الحمر ما كان إسماح
غداة طمست الغي منهم بوقعة … وما قدر مصباح إذا لاح إصباح
مآثر لم يعطل بها قرن ناطح … وكيف وقرن الحق عنهن نطاح
قد اكتتبت في اللوح فخرا مؤيدا … صدور الدنا منها سطور وألواح
وآمالنا فيها بضائع متجر … سجاياك أموال لهن وأرباح
مساعي أبقين الدهور كأنها … جسوم لها منه نفوس وأرواح
محاسن تتلوها الليالي كأنها … علوم إليها تستهل وترتاح
فلو أعطيت غيد الكواعب سولها … لصيغ لها منها عقود وأوضاح
وبأس لو استعطى الكماة فضوله … لقد لهم منه سيوف وأرماح
إليها حدتني حادثات كأنها … بوارح يحدوهن برح وأبراح
على غول بحر من هموم عبابه … برحلي إلى غول المتالف طواح
إذا رام تغريقي فلج وغمرة … وإن مد في ظمئي فآل وضحضاح
وحسبي منه في الهواجر والسرى … جناح له من حسن ظني وإنجاح
وشأو مدى في مورد النجح شارع … وزند هدى في فحمة الليل قداح
إذا مد إظلام الأسى ظلم الدجى … تمثل لي من نور وجهك مصباح
وإن أبهمت أقفالها عني الفلا … تخيل لي من بشر برك مفتاح
فما صدني عن ملتقى الغيل ضيغم … ولا راعني في مورد الماء تمساح
ولا برحتني يا موفق نشوة … سجاياك لي فيها كئوس وأقداح
فكل فؤاد مخلص فيك مخلص … وكل لسان صادق لك مداح