أَلاَ مَنْ لِصَبٍّ عَازِبِ النَّوْم سَاهِدِ … ومن لمحب مثبتٍ للعوائد
وَقَالُوا: بِهِ دَاءٌ أصَابَ فُؤَادَهُ … مِنَ الْجِنِّ أوْ سِحْرٌ بِأيْدِي الْمَوَارِدِ
وما ذاك إلا حب خودٍ تعرضت … لتقتلني بالمنظر المتباعد
فَأدْرَكَ مَجْلُودِي جَوى الْحُبِّ كَاعِبٌ … كشمس الضحى في الفائقات الخرائد
كَأنَّ الْعَذَارَى حِينَ قَوَّمْنَ حَوْلَهَا … قلائد بدلهن أم القلائد
فسارقت أصحابي المكبين نظرة ً … إلى غادة لم تستتر بالولائد
غَدَاة َ مَشَتْ فِيهِنَّ رُودٌ لِجَارَة ٍ … يَمِيلُ بِهَا غُصْنُ الْهَوَى الْمُتَزَائِدِ
مَشَتْ قَابَ قَوْسٍ دُونَهَا ثُمَّ ألْقِيَتْ … إِلَى الأَرْضِ مِنْ جَهْدِ الْخُطَى كَالْمعَانِدِ
فَوَطَّأنَ مَمْشَاهَا بِمَا لَوْ كَسَبْنَهُ … كفاهن من زبن الخروج الحواشد
وَخِفْنَ الضِّحَى مِنْ نَوْمِهِنَّ عَلَى الضُّحَا … فأقبلن إقبال الغصون الموائد
يُفَدِّينَهَا طَوْراً وَطَوْرَاً يَلُمْنَهَا … عَوَاكِفَ حَتَّى جَاوَزَتْ غَيْرَ باعِدِ
فَلَمَّا اشْتَكَتْ حَرَّ السَّمُومِ وَأهْلَهَا … قريب وملت مشيها في المجاسد
ضربن عليها الستر ثم سترنها … بأخضر من خز عتيق العضائد
مِن الشَّمْسِ والرَّائِين والرِّيحِ والسَّفا … كما سُتِر الضَّوْءُ الَّذِي فِي الْمساجِدِ
مخافة َ أنْ تُعْدَى بِشْيءٍ يُرِيبُها … فطيمة ُ أو تغتالها عين حاسد
أفاطِمُ إِنَّ النَّفْس تُخْفِي مِن الْهوى … جليلاً وتبدي مثله في المشاهد
ولا صاحبٌ أشكو إليه فأشتفي … إذا ما شكى رأسي مكان الوسائد
سوى راقدٍ لم يدر مابي ولو درى … لهان عليه مشهدي ومراقدي
أعيرت نفساً لم تمت ببقائها … وما ذنبُ معدودٍ له الموت وارد
كفى منك أني في الجميع إذا بدوا … أظَلُّ كَمْلُقى رَأسُهُ غَيْرِ جَاهِدِ
مكباً بعيني الأماني منكمو … أماني لا تجدي كأحلام راقد
وإني أقاسي من جهادك خالياً … عياء فأنى لي بأجر المجاهد
كأني بوسواس الهوى من حديثكم … أخو جِنَّة ٍ في الْمُقْفَلاتِ الْحدائِدِ
فأنت الهوى شطت بك الدار أو دنت … وإِنْ رغِمَتْ مِنْهُ أنُوفُ الْحَوَاسِدِ
فكوني كما كنا لكم نقض حاجة ً … ولا تسمعي قول العدو المكايد
لقد زادني وجداً لكم وصبابة ً … إشارة أقوام أكف السواعد
إلى من صبا هذا ومن يصب يتهم … مَقَالَة َ أدْنَاهُ وَنَهْيَ الأَبَاعِدِ
وَحَسْبُ الْفَتَى مِمَّنْ يُكَابِدُ هَمَّهُ … إذا كان من يهوى كذوب المواعد
تشكى الذي في نفسها من مودتي … وقد زعمت أني بها غير واجد
وَلَكِنَّنِي أَخْشَى عُيُوناً وَأتَّقِي … بواسط من جارٍ غيورٍ ووالد
شَكَتْ طُولَ هِجْرَانِي عَشِيَّة َ زُرْتُهَا … وما وجدت وجدي بها أم واحد
وأقسم لو قيس الذي بي من الهوى … لقد عرفت فضلاً لحران جاهد
منعت قيادي غيرها حين رامني … وَذَلَّتْ بِمَا تَهْوَى إِلَيْهَا مَقَاوِدِي
إِذَا أُنْشِدَتْ بِالشِّعْرِ عِنْدِي قَصِيدَة ٌ … طربت ولم تطرب لها أم خالد
يخامرني مما أقول بحبها … جوى مثل سحر البابلي المعاود
كَأنِّي أكِيدُ النَّفْسَ مِنِّي بِكَيْدِهَا … فَتُغْفِي وَأحْيِي لَيْلَتِي جدَّ سَاهِدِ
فإني وتحبيري القوافي فأصبحت … علي رقى معقودة في القصائد
كمستحرشٍ من عقرب دببت له … جُيُوشُ الأَعَادِي أوْ جُنُودُ الأَسَاوِدِ
فأصبح من هذي وهاتيك قبلها … نَسِيمُ الْمَنَايَا بَارِقاً بَعْدَ رَاعِدِ
كَذَلِكَ مِنْ شِعْرِي جَنَيْتُ الَّذِي جنتْ … فليت الذي كايدته لمكايدِ