أَطفىء ضياكَ وَأَظلِم مِثلَ إِظلامي … وَخلِّني في كَوابيسي وَأَحلامي
فَرُبَّ نيِّرَةٍ يا لَيلُ توقِظُني … إِلى العَفافِ فَأَنسى عِبءَ آثامي
أَحسُ في جَسَدي شَوقاً يُعَذِّبُني … فَفي دَمي سورَة كَالخَمرِ في جامي
لَم يَبقَ في حِفنَتي نارٌ لِغَير هَوىً … يودي بِجِسمي كَما أودى بِأَجسامِ
حُبّي النَقِيُّ كَإيماني القَديمِ مَضى … وَهمٌ هَذيتُ بهِ من بَعضِ أَوهامي
يا حَسرَة اللَيلِ كَم توحينَ من حُلُم … ميتٍ لِقَلبٍ بَغيٍّ أُختِ آلامِ
أَو قَلب أَرمَلَة جار الزَمانُ عَلى … عَفافِها فَأَماتَت قَلبَها الظامي
مَهما يَكُن سَبب اِستِسلامِها أَهَوىً … في النَفسِ أَم كانَ إِنقاذاً لِأَيتامِ
فَلتَقضِ شَهوَتِها حَتّى يُهَدِّمها … ما كانَ في صَدرِها مِن عُهرِها الدامي
وَتُنجزَ الشَهوَةُ الحَمراءِ دورَتَها … فَيمحي رَحمٌ مِن بَينِ أَرحامِ
أَميرَةَ الشَهوَةِ الحَمراءِ إِنَّ دَمي … مِن نَسلِكِ الهادِم المَهدومِ فَاِحتَرِمي
خُلِقتِ تَحتَرفينَ المَوتَ فَاِقتَرِبي … مِنّي فَإِنّي اِحتَرَفتُ المَوتَ مِن قِدَمِ
حَملتُ منجلَه في العَهر مُنتَقِماً … مِن النِساءِ فَهاتيهِ لِتَنتَقِمي
هاتي مِن العُهرِ أَشكالاً مُلَوَّنَةً … نمهر بِها بَعضنا بَعضاً وَنَنهَدمِ
لَقَد تَعِبتُ مِن الأَحلامِ في جَسد … ملَّ العَفافَ بِأَلوانٍ مِنَ الأَلَمِ
إِنّا أَتَّحَدنا لِيَومٍ واحِدٍ وَغَداً … يَأتي فَيخلفني قَومٌ بِحُبِّهِمِ
سَيَعشَقونَكِ يَوماً يَغنَمونَ بِهِ … ما غادَرت مِنكِ ساعاتي لِلَيلِهِمِ
وَسَوفَ تَنسينَ يا أَخت الدما فَمهم … كَما نَسيتِ عَلى رُغمِ الدِماء فَمي
عُشرونَ قَلباً شَرِبتِ الحُبَّ مِن دَمِها … وَما شَبِعتِ وَلَم يُشبِعكِ شُربُ دمي
إِذن فَسَوفَ تَظل النَفس جائِعَة … حَتّى يَجِف دَمٌ في غِلفِها النَهمِ
سَتَرجِعينَ وَلكِن مِثلَ آمالي … جَوفاءَ مَشلولَةً في جِسمِكِ البالي
سَتَرجعينَ مدمّاةً مُشَوَّهَةً … أَدنى إِلى المَوت مِنّي رُغم أَثقالي
سَترجِعينَ وَلا أقصيكِ عَن جَسَدي … حَتّى تَحلَّ اللَيالي الحُمر أَوصالي
حَتّى يحلَّ وَباءُ الخُلد في كَبدي … وَيَعلقَ العارُ مِن بعدي بِأَذيالي
وَيَرفَعُ الحُبُّ لي في كُلِّ زاوِيَة … مِن القُلوبِ ضَريحاً خالِداً عالي
أَما الشَبابُ فَفي أَقصى سُلالَته … لَن يَنتَسي كَيفَ كانَت في الهَوى حالي
سَيَنظُرُ الغَد في أَمسي وَيَغفِرُه … لِأَنَّ قَلبي كَنفسي غَير مُحتالِ
وَكُلَّما ذَكَر اِسمي مَرَّ في فَمِه … ذِكرُ الَّتي صَقَلَت لِلمَوت أَغلالي
ذكرُ الَّتي اِختَصَرَت عُمري بِشَهوَتِها … وَخَلَّدَت عُهرَها الدامي لِأَجيالي
أَجل سَتُذَكِّرُكِ الأَعقابُ وَالحقبُ ما دا … مَ في الأَرضِ مِن صُلب الزِنى عَقبُ
لا مِثلَم اذكر الإِفرَنج لورهمُ … وَلا كَما ذَكرت عَفراءُها العربُ
بَل مِثلَما ذَكَرت روما قَبائِحَها … في مُقلَتي مسلّينا وَهيَ تَضطَرِبُ
هذا هوَ اللَيلُ فَاِسقي هاتِفَة … لَعَلَّ في الناسِ قَوماً بَعدُ ما شَرِبوا
وَسَرِّحي يَدك الصَفراءَ فَوقَ هَوى … يَسيلُ في محجريهِ الجهد وَالتَعَبُ
أَطفىء ضياكَ فَإِن النورَ يُذكرني … أَمسي وَتقلق روحي هذِهِ الشُهبُ
قَد يوقِظ النورُ أَعياداً مُقَدَّسَة … تَشعُّ مِن خَلَل الماضي وَتَلتَهِبُ
أَطفَئهُ يا لَيلُ وَاِغمرني بِحالِكَةٍ … مِنَ الظَلامِ فَأَنسى حينَ أَحتَجِبُ
أَشقى بِلِذَّتي الحَمراءِ في جَسَدي … وَأَمّحي لا هَوى يَبقى وَلا وَصبُ
خَرَّبتُ قَلبي وَأَطعَمتُ الوُحوشَ دَمي … في كُلِّ مَخلَبِ وَحشٍ مِنهُما خِربُ