أنورك أم أوقدت بالليل نارك … لباغ قراك أو لباغ جوارك
ورباك أم عرف المجامر أشعلت … بعود الكباء والألوة نارك
ومبسمك الوضاح أم ضوء بارق … حداه دعائي أن يجود ديارك
وخلخالك استنضيت أم قمر بدا … وشمس تبدت أم ألحت سوارك
وطرة صبح أم جبينك سافرا … أعرت الصباح نوره أم أعارك
وأنت أجرت الليل إذا هزم الضحى … كتائبه والصبح لما استجارك
فللصبح فيما بين قرطيك مطلع … وقد سكن الليل البهيم خمارك
أفيا لنهار لا يغيض ظلامه … ويا لظلام لا يغيض نهارك
ونجم الثريا أم لآل تقسمت … يمينك إذ ضمختها أم يسارك
لسلطان حسن في بديع محاسن … يصيد القلوب النافرات نفارك
وجند غرام في دروع صبابة … تقلدن أقدار الهوى واقتدراك
هو الملك لا بلقيس أدرك شأوها … مداك ولا الزباء شقت غبارك
وقادمة الجوزاء راعيت موهنا … بحر هواك أم ترسمت دارك
وطيفك أسرى فاستثار تشوقي … إلى العهد أم شوقي إليك استثارك
ومرتد أنفاسي إليك استطارني … أم الروح لما رد في استطارك
بكم جزت من بحر إلي ومهمه … يكاد ينسي المستهام ادكارك
ذو الحظ من علم الكتاب حداك لي … أم الفلك الدوار نحوي أدارك
وكيف كتمت الليل وجهك مظلما … أشعرك أغشيت السنا أم شعارك
وكيف اعتسفت البيد لا في ظعائن … ولا شجر الخطي حف شجارك
ولا أذن الحي الجميع برحلة … أراح لها راعي المخاض عشارك
ولا أرزمت خوص المهاري مجيبة … صهيل جياد يكتنفن قطارك
ولا أذكت الركبان عنك عيونها … حذار عيون لا ينمن حذارك
وكيف رضيت الليل ملبس طارق … وما ذر قرن الشمس إلا استنارك
وكم دون رحلي من قصور مشيدة … تحرم من قرب المزار مزارك
وقد زأرت حولي أسود تهامست … لها الأسد أن كفي عن السمع زارك
وأرضي سيول من خيول مظفر … وليلي نجوم من سماء مبارك
بحيث وجدت الأمن يهتف بالمنى … هلمي إلى عينين جادا سرارك
هلمي إلى بحرين قد مرج الندى … عبابيهما لا يسأمان انتظارك
هلمي إلى سيفين والحد واحد … يجيران من صرف الحوادث جارك
هلمي إلى طرفي رهان تقدما … إلى الأمد الجالي عليك اختيارك
وحيي على دوحين جاد نداهما … ظلالك واستدنى إلي ثمارك
وبشرك قد فازت قداحك بالمنى … وأعطيت من هذا الأنام خيارك
شريكان في صدق المنى وكلاهما … إذا بارز الأقران غير مشاركب
هما سمعا دعواك يا دعوة الهدى … وقد أوثق الدهر الخئون إسارك
وسلا سيوفا لم تزل تلتظي أسى … بثأرك حتى أدركا لك ثارك
ويهنيك يا دار الخلافة منهما … هلالان لاحا يرفعان منارك
كلا القمرين بين عينيه غرة … أنارت كسوفيك وجلت سرارك
فقاد إليك الخيل شعثا شوازبا … يلبين بالنصر العزيز انتصارك
سوابق هيجاء كأن صهيلها … يجاوب تحت الخافقات شعارك
بكل سري العتق سرى عن الهدى … وكل حمي الأنف أحمى ذمارك
تحلوا من المنصور نصرا وعزة … فأبلوك في يوم البلاء اخيتارك
إذا انتسبوا يوم الطعان لعامر … فعمرك يا هام العدى لا عمارك
يقودهم منهم سراجا كتائب … يقولان للدنيا أجدي افتخارك
إذا افترت الرايات عن غرتيهما … فيا للعدى أضللت منهم فرارك
وإن أشرق النادي بنور سناهما … فبشرى الأماني عينك لاضمارك
وكم كشفا من كربة بعد كربة … تقول لها النيران كفى أوارك
وكم لبيا من دعوة وتداركا … شفى رمق ما كان المتدارك
ويا نفس غاو كم أقرا نفارك … ويا رجل هاو كم أقالا عثارك
ولست ببدع حين قلت لهمتي … أقلي لإعتاب الزمان انتظارك
فلله صدق العزم أية غرة … إذا لم تطيعي في لعل اغترارك
فإن غالت البيد اصطبارك والسرى … فما غال ضيم الكاشحين اصطبارك
ويا خلة التسويف قومي فأغدفي … قناعك من دوني وشدى إزارك
وحسبك بي يا خلة النأي خاطري … بنفسي إلى الحظ النفيس حطارك
فقد آن إعطاء النوى صفقة الهوى … وقولك للأيام حوري محارك
وياستر البيض النواعم أعلني … إلى اليعملات والرحال سرارك
نواجي واستودعتهن نواجيا … حفاظك يا هذي بذي وازدهارك
ودونك أفلاذ الفؤاد فشمري … ودونك يا عين اللبيب اعتبارك
صرفت الكرى عنها بمغتبق السرى … وقلت أديري والنجوم عقاركأ
فإن وجبت للمغربين جنوبها … فداوي برقراق السراب خمارك
وأوري بزندي سدفة ودجنة … إذا كانتا لي مرخك وعفارك
وإن خلع الليل الأصائل فاخلعي … إلى الملكين الأكرمين عذارك
بلنسية مثوى الأماني فاطلبي … كنوزك في أقطارها وادخارك
سينبيك زجري عن بلاء نسيته … إذا أصبحت تلك القصور قصارك
وأظفر سعي بالرضامن مظفر … وبورك لي في حسن رأي مبارك
فظمء المنى قد شاء بارقة الحيا … وأنشقت يا ظئر الرجاء حوارك
وحمدا يميني قد تملأت بالمنى … وشكرا يساري قد حويت يسارك
وقل لسماء المزن إن شئت أقلعي … ويا أرضنا إن شئت غيضي بحارك
ولا توحشي يا دولة العز والندى … مساءك من نوريهما وابتكارك