أما وَعِتاقِ العَيسِ لَوْ وَجَدَتْ وَجْدِي … لَقَيَّدَ أيْدِي الواخِداتِ عَنِ الوخْدِ
إذاً عَلِمَتْ أنَّ الوَجى لَيْسَ كالجَوى … وَحَبَّبَ ما يُنْضِي إليْها الَّذِي يُرْدِي
دَعاها نَسِيمُ البانِ والرَّنْدِ بالحِمى … وهَيْهاتَ منْها مَنْبِتُ البانِ والرَّنْدِ
يطيرُ بِها لُباً على القُرْبِ والنَّوى … ويَحْمِلُها شَوْقاً على الجَوْرِ والقَصْدِ
ولولا الهوى لمْ تَرْضَ بالجزْعِ حاجِراً … ولمْ تهْجُرِ الغمْرَ النَّمِيرَ إلى الثَّمْدِ
أجِدَّكَ ما تَنْفَكُّ بِالغَوْرِ ناشِداً … فؤاداً بنجدٍ يا لقلبكَ منْ نجدِ
وإنّي لتصميني سهامُ ادِّكاركُمْ … وإنْ كانَ رامِي الشَّوْقِ منِي على بُعْدِ
تمادِي غرامٍ ليسَ يَجْرِي إلى مدى ً … وفرْطُ سقامٍ لا يُقِيمُ علَى حدِّ
ومَا أنْسَ لا أنْسَ الحِمى وأهِلَّة ً … تُضِلُّ وَمِنْ حَقِّ الأهِلَّة ِ أنْ تَهْدِي
زَمانٌ إخالُ الجَهْلَ فِيهِ مِنَ النُّهى … وحُبٌّ أعُدُّ الغَيَّ فيهِ منَ الرُّشْدِ
غَنِينَ وَما نَوَّلْنَ نَيْلاً سِوى الجَوى … وبِنَّ ما زَوَّدْنَ زاداً سوا الوجْدِ
عَواطِفُ يُعْيِي عَطْفُها كُلَّ رائِضٍ … ضعائِفُ يُوهِي ضَعْفُها قُوَّة َ الجَلْدِ
إذا نَظَرَتْ بَزَّتْ قُلُوباً أعِزَّة ً … وإنْ خَطَرَتْ هَزَّتْ قُدودَ قَناً مُلْدِ
غوالِبُ فتْكٍ لمْ يَصُلْنَ بقوّة ٍ … طَوالِبُ ثأرٍ لَمْ يَبِتْنَ عَلَى حِقْدِ
منَ المُصْبِياتِ المُحْيياتِ بدَلِّها … علَى خطإٍ والقاتِلاتِ على عِمدِ
فودّعنَّ بلْ أودَعنْ قلبي حزازة ً … وخلَّفْنَ فرْدَ الشَّوْقِ بالعَلَمِ الفَرْدِ
خَلِيلَيَّ ما أحْلى الحَياة َ لَوَ کنَّها … لِطاعِمِها لَمْ تَخْلِطِ الصّابَ بالشُّهْدِ
لقدْ حالَتِ الأيامُ عنْ حالِ عهْدِها … وَمَنْ لِي بأيامٍ تَدُومُ عَلى العَهْدِ
سَلَبْنَ جَمالِي مِنْ شَبابٍ وَثَرْوَة ٍ … ووفَّرْنَ حظِّي منْ فراقٍ ومنْ صدِّ
وأنْحَيْنَ حَتّى ما تَرَكْنَ بَوارِياً … علَى العظْمِ منْ نحْضٍ لبارٍ ولا جلْدِ
وَما شاقَنِي أنْ لَسْتُ مُسْتَعْدِياً علَى … نوائبِها إلاّ لقلَّة ِ منْ يُعْدِي
ولا بُدَّ أنْ أدْعُو لدَفْعِ خُطُوبِها … كَرِيماً فإنْ كانَ ابْنَ سَعْدٍ فَيا سَعْدِي
فما عنْ كمالِ الدينِ في الأرضِ مذهَبٌ … لِحُرٍّ أجاجَتهُ الخطُوبُ ولا عَبْدِ
وإنَّ کعْتِصامِي بالوَزِيرِ وَظِلِّهِ … يَدٌ لِلنَّدى ما مِثْلُها مِنْ يَدٍ عِنْدِي
وأيُّ مرامٍ أبتغِي بعدَ جُودِهِ … كَفى الغَيْثُ مَنْ يُجْدِى عَلَيْهِ وَمَنْ يُجْدِي
وها أنا قدْ ألقيتُ رَحْلِي بربعِهِ … إلى السؤدُدِ العادِيِّ والكَرَمِ العِدِّ
إلى هَضْبَة ٍ شَمّاءَ عَزَّتْ عَلى الذُّرى … وَفِي جُنَّة ٍ حَصْداءَ جَلَّتْ عَنِ السَّرْدِ
إلى أوْحَدٍ أهْدِي لَهُ الحَمْدَ وَحْدَهُ … بِحَقٍّ وَلا يُهْدِي إلَيَّ الغِنى وَحْدِي
أقَلُّ عَطاياهُ التَّوَقُّلُ فِي العُلى … وأدْنى سجاياهُ التفرُّدُ بالمَجْدِ
مُبِيدُ العِدى قَهْراً ولَيْسَ بِمُعْتَدٍ … ومُحْيي الوَرى بذْلاً وليسَ بمُعتدِ
أعزُّ حمى ً منْ فازَ منْهُ بذمة ٍ … وأوْفى غنى ً منْ باتَ منهُ على وعدِ
فتى ً همُّهُ ما كانَ للبرِّ والتُّقى … ومغنمُهُ ما كانَ للأجْرِ والحمْدِ
مِنَ النّاقِدِينَ العاقِدِينَ عَنِ الخَنا … مآزِرَهُمْ والسالِمينَ علَى النّقدِ
مُجاوِرُهُمْ فِي الخَوْفِ لِلْجارِ مَعْقِلٌ … ووفدُهُمُ في المحْلِ منتَجَعُ الوَفْدِ
إذَا الغَيْثُ أكْدَى أنْشأتْ مَكْرُماتُهُمْ … مواطِرَ غيثٍ لا يُغبُّ ولا يُكْدِي
وإنْ زمَنُ الوَرْدِ انقضى كانَ عندَهُمْ … مواهِبُ يُلْغى عندَها زمَنْ الوَرْدِ
لهُمْ منْ ذَوِي التِّيجانِ كُلُّ مُخَلَّدٍ … عَلى فَقْدِهِ، إنَّ الثَّناءَ مِنَ الخُلْدِ
ومجدٌ حَماهُمْ طاهِرٌ أنْ يُقَصِّرُوا … بِهِ عَنْ أبٍ حازَ المَكارِمَ أوْ جَدِّ
أغَرُّ إذا أعْطى أفادَ وإنْ سَطا … أبادَ وإنْ أبْدى أعادَ الذي يُبْدِي
مُنِيفٌ على هامِ المُسامِي كأنَّما … أطَلَّ مِنَ النَّشْزِ العَلِيِّ عَلى وَهْدِ
يريكَ اهتزازاً في الأَسِرَّة ِ فخْرُها … بهِ وکخْتِيالاً فِي المُطَهَّمَة ِ الجُرْدِ
وَتُعْزَى إلَيْهِ المَكْرُماتُ ولَيْسَ لِلْـ … ـكَواكِبِ أنْ تُنْفى عنِ القَمَرِ السَّعْدِ
جَدِيرٌ بأنْ يُبْدِي لَهُ عَفْوُ رأيهِ … خَفِيَّة ٍ ما يُعْيِي الرِّجالَ مَعَ الجَهْدِ
وأنْ يَسَعَ الأمْرَ الَّذِي حَرِجَتْ بِه … مَذاهِبُ خَطِيِّ القَنا وَظُبى الهِنْدِ
جَلَوْتَ القَذَى عَنْ ناظِرِ الدِّينِ بَعْدَ ما … أتاكَ بِعَيْنِ الشَّمْسِ في الأعْيُنِ الرُّمْدِ
وكنْتَ ثقافاً للزمانِ فلمْ تَزَلْ … تُقَوِّمُ منْهُ كُلَّ أعوَجَ مُنْأَدِّ
فَلَمْ تُخْلِ سَرْحاً ذَلَّ راعِيهِ مِنْ حِمًى … ولم تخل ثغراً قلَّ حاميه من سَدِّ
أخائذُ دينٍ بات يُمنكَ كافلاً … لَهُ يَوْمَ أمْضَيْتَ کعْتِزامَكَ بالرَّدِّ
وَلَيْسَ بِبَدْعٍ مِنْكَ حدُّ صَرِيمَة ٍ … ثَنَتْ نُوَبَ الأيّامِ مَفْلُولَة َ الحَدِّ
وفِي أيِّ خَطْبٍ لَمْ تَكُنْ قاضِبَ الشَّبا … وَفِي أيِّ فَضْلٍ لَمْ تَكُنْ ثاقِبَ الزَّنْدِ
كأنَّكَ مَجْبُورٌ على الفَضْلِ وَحْدَهُ … فَمالَكَ مِنْ أنْ تُدْرِكَ الفَضْلَ مِنْ بُدِّ
إليكَ زَففْنا كُلَّ حسناءَ لوْ عدَتْ … عُلاكَ لَعادَتْ غَيْرَ مَلْثُومَة ِ الخَدِّ
مِنَ الحالِياتِ العالِياتِ مَناصِباً … تُماثِلُ مَنْ قَبْلِي وتَفْضُلُ مَنْ بَعْدِي
تُظَنُّ مُقِيماتِ وَهُنَّ سَوائِرٌ … مُخَيِّمَة ً تَسْرِي مُعَلَّقة ً تَخْدِي
رواءٌ وسجفُ الغَيْمِ ليسَ بمُسْبَلٍ … ضواحٍ وجَيْبُ الليلِ ليسَ بمُنْقَدِّ
تَمُتُّ بآمالٍ إلَيْكَ كأنَّها … رِقابُ صَوادٍ يعْتَرِكْنَ عَلَى وِرْدِ
وَما زِلْتَ لَبّاساً مِنَ الحَمْدِ فَخْرَهُ … ولَكِنَّ غَيرَ السَّيفِ يَفْخرُ بِالغِمْدِ
إذا زَيَّنَ الحسناءَ عقدٌ بجيدِها … فأحْسنُ منْهُ زينة ً موضِعُ العقدِ
أتيتُكَ للعليا فإنْ كنتَ منْعِماً … فَبالعِزَّة ِ القَعْساءِ لا العَيْشَة ِ الرَّغْدِ
إذا نائِلٌ لَمْ يَحْبُنِي الفَخْرَ نَيْلُهُ … فإنَّ انْقِطاعَ الرِّفْدِ فيهِ منَ الرِّفْدِ