أما في نسيمِ الرّيحِ عرفٌ معرِّفُ … لنا هل لذاتِ الوَقفِ بالجِزْعِ مَوْقِفُ
فنَقضِيَ أوْطَارَ المُنى مِنْ زِيَارة ٍ، … لنَا كلفٌ منها بما نتكلّفُ
ضَمَانٌ عَلَيْنَا أنْ تُزَارَ، وَدُونَها … رقاقُ الظُّبَى والسّمهرِيُّ المثقَّفُ
غيارى يعدّونَ الغرامَ جريرة ً … بها، والهوى ظلماً يغيظُ ويؤسفُ
يَوَدّونَ لَوْ يَثْنِي الوَعيدُ زَمَاعَنا؛ … وهيهاتَ ريحُ الشّوقِ من ذاكَ أعصفُ
يسيرٌ لدى المشتاقِ، في جانبِ الهوى ، … نوى غربة ٍ أو مجهلٌ متعسَّفُ
هلِ الرَّوعُ إلاّ غمرة ٌ ثمّ تنجلي؛ … أمِ الهولُ إلاّ غمّة ٌ ثمّ تكشفُ ؟
وَفي السِّيَرَاء الرّقْمِ، وَسطَ قِبَابِهمْ، … بعيدُ مناطِ القرطِ أحورُ أوطفُ
تَبَايَنَ خَلْقاهُ، فَعَبْلٌ مِنَعَّمٌ، … تأوّدَ، في أعلاهُ، لدنٌ مهفهفُ
فللعانكِ المرتجّ ما حازَ مئزرٌ؛ … وَللغُصُنِ المِهْتَزّ ما ضَمّ مِطْرَفُ
حَبِيبٌ إلَيْهِ أنْ نُسَرّ بِوَصْلِهِ، … إذا نحنُ زرنَاهُ، ونهْنا ونسعَفُ
وَلَيْلَة َ وَافَيْنَا الكَثيبَ لِمَوْعِدٍ، … سُرَى الأيمِ لمْ يُعْلَمْ لمَسرَاهُ مُزْحَفُ
تَهَادى أناة َ الحَطْوِ، مُرْتَاعَة َ الحَشا، … كمَا رِيعَ يَعْفُورُ الفَلا المُتَشَوِّفُ
فَما الشّمسُ رَقّ الغَيمُ دون إياتها، … سوَى ما أرَى ذاكَ الجَبِينُ المُنْصَّفُ
فديتُكِ أنّى زرتِ نورُكِ واضحٌ، … وعطرُكِ نمّامٌ وحليُكِ مرجفُ
هبيكِ اعتررْتِ الحيّ، واشيكِ هاجعٌ، … وفرعُكِ غربيبٌ، وليلُكِ أغضفُ
فأنّى اعتسفَت الهولَ خطوُكِ مدمجٌ … وَرِدْفِكِ رَجرَاجٌ وَخَصرُكِ مُخطَفُ
لجاجٌ، تمادي الحبّ في المعشرِ العِدا، … وَأَمٌّ الهَوَى الأفقَ الذي فيه نُشْنَفُ
وَأنْ نَتَلَقّى السّخْطَ عانينَ بالرّضَى … لغيرَانَ أجْفَى ما يُرَى حينَ يَلطُفُ
سَجايا، لمَنْ وَالاهُ، كالأرْى تُجنى ، … فَيُومىء طَرْفٌ، أوْ بَنَانٌ مُطَرَّفُ
خليليّ مهلاً لا تلومَا، فإنّني، … فؤادي أليفُ البثّ، والجسمُ مدنفُ
فأعْنَفُ ما يَلقَى المُحبُّ لحَاجَة ً … على نفسهِ في الحبّ، حينَ يعنَّفُ
وإنّي ليستهوينيَ البرقُ صبوة ً، … إلى برقِ ثغرٍ إنْ بدَا كاد يخطفُ
وما ولعي بالرّاحِ إلاّ توهّمٌ … لظَلْمٍ، بهِ كالرّاحِ، لوْ يُترَشّفِ
وتذْكرُني العقدَ، المرنَّ جمانُهُ، … مُرِنّاتُ وُرْقٍ في ذُرَى الأيك تهتِفُ
فما قيلَ من أهوَى طوى البدرَ هودجٌ … ولا صانَ ريمَ القفرِ خدرٌ مسجَّفُ
ولا قبلَ عبّادٍ حوى البحرَ مجلسٌ، … ولا حملَ الطّودَ المعظَّمَ رفرَفُ
هوَ الملكُ الجعدُ، الذي في ظلالِهِ … تكفّ صروفُ الحادثاتِ وتصرفُ
هُمَامٌ يَزِينُ الدّهْرَ مِنْهُ وَأهلَهُ؛ … مليكٌ فقيهٌ، كاتبٌ متفلْسفُ
يَتِيهُ بِمَرْقَاهُ سَرِيرٌ وَمِنْبَرٌ، … وَيَحْمَدُ مَسْعَاهُ حُسامٌ وَمُصْحَفُ
يذلّ لهُ الجبّارُ، خيفة َ بأسِهِ، … ويعنو إليهِ الأبلجُ المتغطرِفُ
حذارَكَ، إذْ تبغي عليهِ، من الرّدى ، … وَدُونَك فاستَوْفِ المُنى حينَ تُنصِفُ
ستعتامُهمْ في البرّ والبحرِ، بالتّوَى ، … كتائبُ تزجى ، أو سفائنُ تجدَفُ
أغرُّ، متى نَدرُسْ دَوَاوِينَ مَجدِهِ … يَرْقْنَا غَرِيبٌ مُجمَلٌ أوْ مُصَنَّفُ
إذا نحنُ قرّطناهُ قصّرَ مطنبٌ، … ولمْ يتجاوزْ غاية َ القصدِ مسرفُ
وأروَعُ؛ لا الباغي أخاهُ مبلَّغٌ … مناهُ، ولا الرّاجي نداهُ مسوَّفُ
ممرُّ القوَى ، لا يملأ الخطبُ صدرَه، … وليسَ لأمرٍ فائتٍ يتلهّفُ
لهُ ظلُّ نعمَى ، يذكرُ الهمُّ عندهُ … ظِلالَ الصِّبا، بل ذاكَ أندى وَأوْرَفُ
جحيمٌ لعاصيهِ، يشبّ وقودُه، … وجنّة ُ عدنٍ للمطيعينَ تزلفُ
مَحاسِنُ، غَرْبُ الذّمّ عَنها مُفَلَّلٌ … كَهامٌ، وَشَملُ المَجدِ فيها مؤلَّفُ
تَنَاهَتْ، فعِقدُ المَجدِ مِنها مُفصَّلٌ … سَنَاءً، وَبُرْدُ الفَخرِ منها مُفَوَّفُ
طَلاقَة ُ وَجْهٍ، في مَضَاءٍ، كمِثلِ ما … يروقُ فرندُ السيفِ والحدُّ مرهفُ
على السّيفِ مِن تِلكَ الشّهامة ِ مِيسَمٌ، … وَفي الرّوْضِ من تلكَ الطّلاقَة ِ زُخرُفُ
… تعودُ لمنْ عاداهُ كالشرْيِ ينقفُ
يراقبُ منهُ اللهَ معتضدٌ، بهِ … يَدَ الدّهْرِ، يَقسو في رِضَاه وَيَرْأفُ
فقُل للمُلوكِ الحاسِديهِ: متى ادّعى … سِباقَ العَتِيقِ الفائِتِ الشأوِ مُقِرفُ
ألَيْسَ بَنُو عَبّادٍ القِبْلَة َ الّتي … عليها لآمالِ البريّة ِ معكفُ؟
مُلوكٌ يُرَى أحيائهم فَخَرَ دَهرِهمْ، … وَيَخْلُفُ مَوْتَاهُمْ ثَنَاءٌ مُخَلَّفُ
بِهمْ باهَتِ الأرْضُ السّماءَ فأوْجُهٌ … شموسٌ، وأيدٍ من حيا المزن أوكفُ
أشارحَ معنى المجدِ وهو معمَّسٌ … وَمُجْزِلَ حظّ الحمد وَهوَ مُسفَسِفُ
لعمرُ العدا المستدرجيكَ بزعمهمْ … إلى غِرَّة ٍ كادَتْ لها الشمسُ تُكسَفُ
لَكالُوكَ صَاعَ الغَدرِ، لُؤمَ سجيّة ٍ، … وكيلَ لهمْ صَاعُ الجزَاء المُطَفَّفُ
لقد حاولوا العظمى التي لا شوَى لها، … فأعجلهُمْ عقدٌ من الهمّ محصفُ
وَلَمّا رَأيتَ الغَدْرَ هَبّ نَسِيمُهُ، … تلقّاهُ إعصارٌ لبطشِكَ حرجَفُ
أظَنّ الأعادي أنّ حَزْمَكَ نَائِمٌ؟ … لقد تعدُ الفسلَ الظُّنونُ فتخلفُ
دواعي نفاقٍ أنذرتْكَ بأنّهُ … سيشرَى ويذوِي العضوُ من حيثُ يشأفُ
تحمّلتَ عبءْ الدّهرِ عنهم، وكلّهمْ … بنعماكَ موصولُ التّنعّمِ، مترفُ
فإنْ يكفُرُوا النّعْمَى فتِلكَ دِيَارُهمْ … بسيفِكَ قاعٌ صفصَفُ الرّسْمِ تنسفُ
وطيَّ الثّرَى مثوى ً يكون قصارهُمْ، … وَإنْ طالَ منهُمْ في الأداهمِ مَرْسَفُ
وَبُشرَاكَ عِيدٌ بالسّرُورِ مُظَلَّلٌ، … وبالحظّ، في نيلِ المُنى ، متكنَّفُ
بَشِيرٌ بِأعْيَادٍ تُوَافِيكَ بَعْدَهُ، … كما يَنسُفُ النّظمَ المُوالي، وَيَرْصُفُ
تُجَرِّدُ فِيهِ سَيْفَ دَوْلَتِكَ، الّذي … دماءُ العِدَى دأباً بغربَيْهِ تظلَفُ
هُوَ الصّارِمُ العَضْبُ الذي العَزْمُ حدُّه، … وحليتُهُ بذلُ النّدى والتعفّفُ
همامٌ سمَا للملْكِ، إذْ هوَ يافعٌ، … وتمّتْ لهُ آياتُهُ، هوَ مخلِفُ
كرِيمٌ، يَعُدّ الحَمدَ أنْفَسَ قِينَة ٍ، … فيُولَعُ بالفِعلِ الجَميلِ، وَيُشغَفُ
غدَا بخميسٍ، يقسِمُ الغيمُ أنّهُ … لأحفَلُ منها، مكفهرّاً، وأكثفُ
هوَ الغَيمُ من زُرْقِ الأسِنّة ِ بَرْقُهُ، … وللطّبْلِ رعدٌ، في نواحيهِ، يقصِفُ
فَلَمّا قَضَيْنَا مَا عَنَانَا أدَاؤهُ، … وَكلٌّ بما يُرْضِيكَ داعٍ، فَمُلْحِفُ
قَرَنَا بحَمْدِ اللَّهِ حَمْدَكَ، إنّهُ … لأوْكَدُ ما يُحْظى لدَيْهِ، وَيُزْلَفُ
وَعُدْنَا إلى القَصْرِ، الذي هوَ كَعبة ٌ، … يُغادِيهِ مِنّا نَاظِرٌ، أوْ مُطَرَّفُ
فإذْ نَحنُ طالَعْنَاهُ، وَالأفقُ لابِسٌ … عجاجتَهُ، والأرضُب بالخيلِ ترجُفُ
رَأيْناكَ في أعْلى المُصَلّى ، كَأنّمَا … تَطَلّعَ، من محْرَابِ داودَ، يُوسُفُ
ولمّا حضرْنا الإذْنَ، والدّهرُ خادمٌ، … تُشِيرُ فيُمضِي، وَالقَضَاءُ مُصَرِّفُ
وصلْنا فقبّلْنا النّدى منكَ في يدٍ، … بها يُتْلَفُ المَالُ الجسيمُ، ويُخلَفُ
لقد جُدتَ حتى ما بنَفسٍ خَصَاصَة ٌ، … وأمّنْتَ حَتى ما بِقَلْبٍ تَخَوُّفُ
وَلَوْلاَكَ لم يَسهُلْ من الدُّهرِ جانبٌ؛ … وَلا ذَلّ مُقْتَادٌ، وَلا لانَ مَعطِفُ
لكَ الخيرُ، أنّى لي بشكركَ نهضة ٌ؟ … وَكيفَ أُودّي فرْضَ ما أنتَ مُسلِفُ؟
أفَدْتَ بَهِيمَ الحالِ مِنّيَ غُرَّة ً، … يُقَابِلُها طَرْفُ الجَمُوحِ فيُطرَفُ
وبوّأتَهُ دنيْاكَ دارَ مقامة ٍ، … بحَيْثُ دَنا ظِلٌّ وَذُلّلَ مَقْطِفُ
وكمْ نعمة ٍ، ألبستُها، سندسيّة ٍ، … أُسَرْبَلُها في كلّ حِينٍ وأُلْحَفُ
مَوَاهِبُ فَيّاضِ اليَدَيْنِ، كَأنّمَا … من المُزْنِ تُمرَى أوْ من البحرِ تُغزَفُ
فإنْ أكُ عبداً قد تملّكْتَ رقَّهُ، … فأرفَعُ أحوالي، وأسْنى وأشرفُ