وَداعا ما أردت لكَ الوَداعا … ولكنْ كانَ لي أملٌ فضاعا
وكمْ في الشرقِ مثلي من مُرَجٍّ … أرادَ لكَ النجاحَ فما استطاعا
وإنَّ يداً طوتكَ طوتْ قلوباً … مرفرفِةً وأحلاماً وِساعا
وقد كانت متى تذكَرْكَ نفسي … تَطِرْ –إذْ تمتلي فرحاً – شَعاعاً
فها هيَ بينَ تأميلٍ ويأسٍ … تُصبَّرُ ساعةً وتجيشُ ساعا
أمان الله والدُّنيا “هَلوكٌ ” … أبتْ إلَّا التحوُّلَ والخِداعا
بغيرِ رويَّةٍ حُبّاً وكُرهاً … إذا كالتْ تُوفّي المرءَ صاعا
تثَّبتْ لا ترعُكَ فليس عدلاً … ولا عَّودتَ نفسكَ أنْ تُراعا
إلهُ الشرِّ جبارٌ عنيدٌ … يحبُّ معَ الجبابرةِ الصراعا
وأحكامُ القضاءِ مغفَّلاتٌ … يُسئنَ إذا انتخبنَ الإِقتراعا
أرى رأسَ ” ابنَ سقاءٍ ” محالاً … يُطيق بتاجكَ الألِقِ اضطلاعا
بلى وأظنّه عمَّا قريبٍ … سيشكو من تحمّله الصدداعا
لقد أودى بعاطفتي ركودٌ … فها أنا سوفَ أندفعُ اندفاعا
تقدَّمْ أيها الشرقيُّ وامددْ … يديكَ وصارعِ الدُّنيا صِراعا
فقد حلَفوا بأنَّك ما استطاعوا … ستبقى أقصرَ الأقوامِ باعا
وأنَّك ما تُشيِّدْ من بِناءٍ … تَجِدْ فيه انثلاماً وانصداعا
وليس بأوَّلِ التيجانِ تاجٌ … أرْدنَ له مطامعُهم ضياعا
فيا لِشقاء شعبٍ مَشرقيٌٍّ … إذا وجدوا به ملِكاً مُطاعا
وهبْ أوفى بـ ” أنقرة ” وأنعمْ … رُواءُ المُلك يَزدهرُ التماعا
فلمْ تكنِ ” البَنيَّةُ ” وهيَ فردٌ … لتعدِلَ ألفَ بنيانٍ تداعى
سأقذِفُها وإنْ حُسِبَتْ شذوذاً … وإن ثقُلتْ على الأذنِ استماعا
فما للحرِّ بدٌّ من مَقالٍ … يرى لضميرِهِ فيه اقتناعا
إذا لم يشْمَلِ الاصلاحُ دِيناً … فلا رُشْداً أفادَ ولا انتفاعا
وأوفقُ منه أنظمةٌ تُماشي … حياةَ الناسِ تُبتدَعُ ابتداعا
أتتْ ” مدنيَّةُ الاسلام ” لمّاً … لشعثٍ لا انشقاقاً وانصداعا
ولا لُترى مواطِنُها خراباً … ولا ليبيتَ أهلوها جِياعاً
ولا لتكونَ للغربيِّ عوناً … يهدَّدُ فيه للشرقِ اجتماعا
وإلَّا ما يُريدُ القومُ منَّا … إذا ألقتْ محَّجبةٌ قِناعا
أعندَ نسائنا منهمْ عهودٌ … بأنَّهُمُ يجيدونَ الدِّفاعا
أإنْ حُلِقتْ لحىً مُلئتْ نِفاقاً … تَخِذْتُمْ شَعرها دِرْعاً مَناعا
رفعتمْ رايةً سوداءَ منها … وثوَّرتمْ بها ناساً وِداعا
عَفتْ مدنيَّةٌ لدمارِ شعبٍ … وديعٍ تخدُمُ الهمجَ الرَّعاعا
همُ نفخوا التمرُّدَ في خِرافٍ … وأغرَوهنَّ فانقلبت سِباعا
ومن خُططِ السياسةِ إنْ أرادتْ … فساد المُلك أفسدَتَ الطّباعا
على أني وإنْ أدمى فؤادي … ليومك ما أضيقُ به ذراعا
أُحمِّلكَ الملامةَ في أُموراٍ … بِطاءٍ قد مشيِتَ بها سِراعا
وقد كانت أناةٌ منكَ أولى … وإنْ كنتَ المجرِّبَ والشجاعا
” وخيرُ الأمرِ ما استقبلتَ منه … وليسَ بأنْ تتبَعهُ اتباعا”
” ولكنَّ الأديمَ إذا تفرَّى … بلىً وتعيُّباً غلبَ الصَّناعا”