ألا يا لَقومي لاعْتنانِ النَّوائبِ … وللغُصنِ يُرمى كلَّ يومٍ بشاذِبِ
ولَلنّاسُ إمَّا ظاعنٌ حانَ يومُهُ … وإمَّا مقيمٌ لاجْتراعِ المصائبِ
وزَوْرُ المنايا إنْ حَميناهُ جانبًا … أتانا كأنْ لمْ يُحْمَ من كلّ جانبِ
يَعُطُّ علينا كلَّ سَرْدٍ مضاعفٍ … ويَخطو إلينا كلَّ بابٍ وحاجِبِ
وكم هاربٍ منْ أنْ يلاقِيَهُ الرّدى … مُغِذِّ، ولكنْ لا نَجاءَ لهاربِ
نُقِلُّ اعتبارًا في الزَّمانِ تَغابيًا … وأبصارنا مملوءَة ٌ بالعجائِبِ
ونَصبو إلى وِرْدِ الحياة ِ، وصرفُها … يذودُ بنا عنها “ذيادَ” الغرائبِ
بُلينا من الدّنيا بِخِلْفٍ مُجَدَّدٍ … وإنْ درّ أحياناً بأيدي الحوالبِ
ونَظْما إلى ما لا يزالُ يُذيقُنا … لُعابَ الأفاعي أو شِيالَ العقاربِ
وخلٍ تولّى الموتُ عني بشخصِهِ … تَوَلِّيَ مُمتدِّ النَّوى غيرِ آيبِ
كأنّي لمّا صكّ سمعي نَعِيُّهُ … صُكِكْتُ بمسنونِ الغِرارينِ قاضِبِ
وفارقني مِن غيرِ شيءٍ أَرابَه … وصدُّ “المقاصي” غيرُ صدِّ المعاتبِ
طَواهُ الرَّدى طيَّ الرِّداءِ وعُطِّلتْ … مغاني الحِجا منه وغُرُّ المناقبِ
خليليَّ قُوما فانْدُبا مَنْ بقربهِ … لَهَوْتُ زماناً عن سماعِ النوادبِ
ويا لَهْفَتي منهُ على ذي مَوَدَّة ٍ … بريءِ الأديمِ من قروفِ المعايبِ
نسيبيَ بالوِدّ الصحيحِ وأقْربي … وصاحبيَ الأذى إذا ازوَرَّ صاحبي
ومنْ كنتُ لا “أفضي” له بخليقة ٍ … ولا أشتكي منه اعْوجاجَ المذاهبِ
ولمّا بَلَوْتُ الأصدقاءَ ووُدَّهُمْ … خلَصْتُ إليه من خلالِ التَّجاربِ
فأعْلَقْتُ قلبي منه مِلْءَ جَوانِحي … وأغلقتُ كفِّي منه مِلءَ رواجبي
شققنا له في الترابِ بيتا كأنما … شققناهُ منْ وجدٍ به في الترابِ
وهِلْنا عليهِ من جوانبِ قبرِه … ثرى ً طابَ لمّا مسَّ طيبَ الضّرائبِ
أيا ذاهبًا بُقِّيتُ للحزنِ بعدَه … ألا إننّي حزناً عليكَ كذاهبِ
تُوُفّيتَ دوني غير أنّك هالكاً … توفيتَ آمالي وغُلْتَ مطالبي
فأصبحتُ فرْدَ الشّخص لولا تلّفٌ … يزورُ بسارٍ من همومٍ وسارِبِ
ولَوْ أنَّ غيرَ الدّهرِ رابَكَ بالرَّدى … عَجلنا إليه بالقنا والقواضبِ
ودافع عنك الضّيمَ حتى “يزيغه” … رِجالٌ من لوى ّ بن غالبِ
إذا ما دُعوا طاروا إالى حومة ِ الوغى … على كلّ “معروقَ الجناجِنِ” شازِبِ
جريئون ركّابون إمّا تنمّروا … رِقابَ المنايا أو ظهورَ المعاطِبِ
وكم لهُمُ في بابِ كلّ عظيمة ٍ … قراعُ أكفٍّ أو زِحامُ مناكبِ
سقَى الله قبرًا كنتَ حَشْوَ ضَريحهِ … غزيرَ الحَوايا مُستهلَّ الهيادِبِ
تَقَعْقعُ في جوِّ السّماءِ رُعودُه … ويوقِد فيه البرقُ نارَ الحُباحبِ
وإنْ مزَّقَتْ عنه الشَّمالُ بُرودَه … على عَجَلٍ حاكتءه أيدي الجنائبِ
وماليَ أستسقي الغمامَ لقبرِهِ … وقد نُبْتُ عنه بالدّموعِ السّواكبِ