ألا يا قومُ للقدرِ المتاحِ … وللأيّامِ ترغبُ عن جِراحي
و للدنيا تماطلُ بالرزايا … مطالَ الجربِ للإبلِ الصحاحِ
تُسالمني ولي فيها خَبِيءٌ … أَغَصُّ عليه بالعَذْبِ القَراحِ
و يا لملمة ٍ نزعتْ يميني … وَ حصتْ بالقوادمِ منْ جناحي
فتنتُ بها ومنظرها قبيحٌ … كما فتنَ المتيمُ بالملاحِ
ألا قلْ للأخاريرِ من قريشٍ … وسُكَّانِ الظّواهِرِ والبِطاحِ:
هَوَى من بينكمْ جبلُ المعالي … و عرنينُ المكارمِ والسماحِ
وجبَّ اللهُ غاربَكمْ فكونوا … كظالعة ٍ تحيد عن المراحِ
يُدَفِّعُها مُسوِّقُها المُعَنَّى … و قد شحطَ الكلالُ عن البراحِ
وغُضّوا اللَّحْظَ عن شَغَفٍ إليهِ … فما لكُمُ العَشيَّة َ مِنْ طَماحِ
غُلِبْناهُ كما غُلِبَ ابنُ ليلٍ … و قد سئمَ السهادَ على الصباحِ
فقلْ لمعاشِرٍ رَهبوا شَباتي … وما تَجني رماحي أو صِفاحي
رِدُوا من حيثُما شِئْتُمْ جِمامي … فإني اليومَ للأعداءِ ضاحِ
ورُوموني ولا تخشَوْا قِراعي … فقد أصبحتُ مُستَلَبَ السِّلاحِ
وقودوني فما أنا في يديكمْ … على ما تَعهدون من الجِماحِ
و لا تنتظروا مني ارتياحاً … فقد ذهب ابن موسى بارتياحي
فللسببِ الذي يشجى التزامي … وللسَّببِ الّذي يُسلي اطِّراحي
لواني ما لواني عن مرادي … وحالَ الدَّهرُ دونَ مَدَى اقتراحي
فلا دوٌّ تخبُّ به ركابي … و لا جوٌّ تهبُّ به رياحي
فَمَنْ للخيلِ يقدِمُها مُغِذًّا … ينازعنَ الأعنة َ كالقداحِ ؟
ومَنْ للبيضِ يُولِغُها نَجيعًا … من الأعداء في يومِ الكفاحِ ؟
ومَنْ للحربِ يُقِدُ في لَظاها … إذا احْتَدَمَتْ أنابيبَ الرِّماحِ؟
و منْ لمسربلٍ في القدَّ عانٍ … على وجلٍ يذادُ عن السراحِ ؟
ومن للمال يَعْصي فيه بَذْلاً … أساطيرَ العواذلِ ” واللواحي ” ؟
و من لمسوفٍ بالوعد يلوى … ومَطروحٍ عنِ الجَدوى مُزاحِ؟
هيَ الدُّنيا تُجَمْجمُ ثمَّ تأتي … مِنَ الأَمْرِ المبرِّحِ بالصِّراحِ
تنيلُ عطية ً وتردُّ أخرى … و تطوى الجدَّ في عينِِ المزاحِ
فمنْ يعدى على أمَّ الرزايا … إذا جاءتْ بقاسية ِ الجِراحِ؟
سلامُ الله تنقلهُ اللّيالي … و يهديهِ الغدوُّ إلى الرواحِ
على جدثٍ تشبث من لؤيٍّ … بينبوعِ العبادة والصَّلاحِ
فتى ً لم يروَ إلاّ من حلالٍ … و لم يكُ زادهُ غيرَ المباحِ
ولا دَنِسَتْ له أُزُرٌ بعارٍ … ولا عَلِقَتْ له راحٌ براحِ
خفيفُ الظهرِ من ” حملِ ” الخطايا … وعُريانُ الصَّحيفة ِ من جُناحِ
مَسوقٌ في الأمورِ إلى هُداها … ومَدْلولٌ على بابِ النَّجاحِ
مِنَ القوم الّذين لهمْ قلوبٌ … بذكرِ اللهِ عامرة ُ النَّواحي
بأجسامٍ من التقوى ” مراضٍ ” … لمبصرِها وأديانٍ صِحاحِ
بنى ” الآباءِ ” قوموا فاندبوهُ … بألسنة ٍ بما ” تثنى ” فصاحِ
وإنْ شئتمْ له عَقْرًا فشلُّوا … نفوسَ ذوي اللقاحِ عن اللقاحِ
أصابَكَ كلُّ مُنْهَمِرٍ دَلوحٍ … ” وحاملُ ” كلَّ مثقلة ٍ رداحِ
وروَّاك الغَمامُ الجُون يَسْري … بطيءَ الخَطْوِ كالإِبلِ الرِّزاحِ
ترابٌ طاب ساكنهُ فباتتْ … تأرَّجُ فيهِ أنفاسُ الرِّياح
غنيٌّ أنْ تجاورهُ الخزامى … وتُوقَدُ حوله سُرُجُ الأقاحي