ألا حدِّثاها فهي أمُّ العجائب … وما حاضِرٌ في وصْفِها مثلَ غائبِ
ولا تُخْليا منها على خطَرِ السُّرى … سُروجَ المذاكي أو ظُهورَ النجائبِ
ولا تُغْفلا من وَسْمِها كلّما سرَتْ … صدورُ القوافي أو صدورُ الرَّكائبِ
وحُطَّ لها بين الحَطيمِ وزمزمِ … رجالا من البُشْرى مِلآء الحقائبِ
هو الخبَرُ الصِّدقُ الذي وضَحت به … سبيلُ الهُدى بعد الْتباسِ المذاهِب
وما هي إلا دعْوة ٌ يُوسُفِيَّة ٌ … أثارتْ قَبُول الله ضَرْبة َ لازِب
سَمَتْ نحو أبوابِ السّماءِ فلم تُرَعْ … بتَشْغِيب بَوّابِ ولا إذْنِ حاجِب
أيوسُفُ إنّ الدّهرَ أصبح واقِفا … على بابِكَ المأمولِ مَوْقِف تائبِ
دُعاؤُكَ أمضى من مُهنَّدة الظُّبا … وسَعْدُكَ أقضى من سُعُودِ الكواكِب
سُيُوفُكَ في أغمادِها مُطمئنَّة ٌ … ولكنّ سيْف الله دامي المضارِبِ
فَثِق بالذي أرْعاكَ أمرَ عباده … وسلْ فضلَه فالله أكرمُ واهِبِ
لقد طَوّق الأذفنشَ سعدُكَ خِزْية ً … تجِدُّ على مرِّ العصورِ الذّواهِبِ
وفَيْتَ وخانَ العهْدَ في غيرِ طائل … وصدَّقَ أطماعَ الظُّنونِ الكواذب
جرى في مجاري العِزّ غيرَ مقصِّرٍ … وهل نَهَضَ العُجْبُ المُخِلُّ براكِب
وغالَبَ أمرَ الله جلَّ جلالُه … ولَمْ يَدْرِ أنّ الله أغْلَبُ غالِبِ
ولله في طيّ الوجودِ كتائبٌ … تَدِقُّ وتخفى عن عُيُونِ الكواكِبِ
تُغيرُ على الأنفاسِ في كُلِّ ساعة ٍ … وتكْمُنُ حتى في مياهِ المشارب
أخَذْتَ عليهِ الطُّرْقَ في دارِ طارِقٍ … فما كَفَّ عنه الجيشُ من كَفِّ ناهب
فصار إلى مَثْوى الإهانَة ِ ذاهبا … وخَلَّفَ عارَ الغدْرِ ليْسَ بذاهِب
فمِن قارع في قومِه سِنَّ نادِم … ومِنْ لاطِمٍ في خدِّه خَدَّ نادِبِ
مصائب أشْجَى وقعُها مُهَجَ العِدا … وكمْ نِعَمٍ في طَيّ تلكَ المصائب
وإن لم يُصِبْ مِنْهُ السِّلاحُ فإنما … أصِيبُ بسَهْم من دُعائكَ صائِب
ولله من ألْطافِه في عبادِه … خزائنُ ما ضاقَتْ بمَطْلَبِ طالِب
فمهما غَرَسْتَ الصَّبرَ في تُرْبة ِ الرِّضا … بحُكْمِ القَضَا فلْتجنِ حسْنَ العواقِب
ولا تُبْعِدِ الأمرَ البعيدَ وقوعُهُ … فإنّ الليالي أمهاتُ العجائِب
هنيئا بِصُنْعِ قد كفاكَ عظيمُهُ … رُكوب المرامي واخْتيارَ الكواكِب
ودونكَ فافْتح كلّ ما أبْهَم العِدا … ورُدَّ حُقوقَ الدِّينِ من كُلِّ غاصِب
وبادرْ عدوَّ الله عند اضْطِرابِهِ … وعاجِلْه بالبيضِ الرِّقاقِ القواضِب
إذا قيل أرضُ الله إرثُ عبادِهِ … بمُوجِب تقوى أنت أقْرَبُ عاصِب
ألَسْتَ من القومِ الذين إذا انْتَموْا … نَمَتْهُم إلى الأنصا غُرُّ المناسب
سماحَة َ إيمانٍ وإشراقَ أوْجُهٍ … وصِحَّة َ أحلام وغُرَّ مناقِب
إذا أشْرَقَتْ يومَ النّوالِ وجوهُهُم … رأيت البدُورَ في خِلال السَّحائب
ويا جبَلَ الفتحِ اعتمدْها صنيعة ً … رأينا بها كيف انجلاءُ الغياهب
إذا ما هباتُ الله كانتْ صحيفة ً … فما هي إلا سَجْدة ٌ في المواهِب