ألا إني وهبتُ اليومَ نفسي … لمن هو في المودة ِ مثلُ نفسي
ومَن لولاه لاستَوْبَأَتُ وِرْدي … ولاستخشنتُ مَسِّي عند لَمْسي
فتى ً ناط اإلهُ به فروعي … ولفَّ بأصلِهِ أصلي وجنسي
أصولُ بهِ على كَلَبِ الأعادي … و آوى منه في هضباتِ قدسِ
وضَوْءُ جبينهِ ليلاً وصُبحاً … إذا قابلتهُ بدرى ومسي
فقلْ للزَّينبيِّ مقالَ خِلٍّ … صربحِ الودَّ لم يلبسْ بلبسِ
أتذكرُ إِذْ هبطنا ذاتَ عِرْقٍ … و نحن معاً على أقتادِ عنسِ ؟
على هوجاءَ يُخرجُها التَّنَزِّي … أمامَ اليَعْمَلاتِ بغيرِ حِلْسِ
وإذْ سالتْ إِلينا من هُذَيلٍ … شعابُ الواديين بغير بخسِ
رجالٌ لا يبالون المنايا … تُصبِّحُهمْ نهاراً أو تُمَسِّي
بألسنة ٍ خلقن لغير ذوقٍ … وأفواهٍ شُقِقْنَ لغير نَهْسِ
يُشيعون الطَّعامَ النَّزْرَ فيهمْ … إذا ما الزّادُ أمكنَ كلَّ حَرْسِ
كأنهمُ على الحراتِ منها … وقد طَلعوا عليك بغيرِ لُبْسِ
نَفَيْتَهُمُ وقد دَلَفوا إلينا … بزوراءِ المناكبِ ذاتِ عجسِ
كأنَّ حنينَها للنَّزْعِ فيها … حنينُ مُسنَّة ٍ فُجِعَتْ بخَمْسِ
ولمّا أنْ لَقُوا منّا جميعاً … شفاءَ الهمَّ في ضربٍ ودعسِ
عَلوْا قُلَلاً لكلِّ أشمَّ طَوْدٍ … على طرقٍ من الآثار طمسِ
كأنَّ غروبَ قَرْنِ الشَّمسِ يَطْلي … ذوائبهُ وأعلاهُ بورسِ
فداؤك أيها المحتلُّ قلبي … حياة ُ مُرَوَّعِ الأحشاءِ نُكْسِ
يُعرِّدُ قبلَ بارقة ِ المنايا … ويتَّخذُ الهزيمة َ شرَّ تُرْسِ
فكم شاهدتُ قبلك من رجالٍ … وددتُ لأجلهمْ ما كان حسي
حَدَستُ بأنَّ عَقْدَهُمُ ضعيفٌ … وكانوا في الرَّكاكة ِ فوقَ حَدْسي
بأجلادٍ من التتريفِ بيضٍ … و أعراضٍ من التقريف غبسِ
كأنَّ مَقامَ جارِهُمُ عليهمْ … مقامُ مؤملٍ لرجوع أمسِ
يُنادي منهُمُ مَن صمَّ عنهُ … كما رجعتْ تندبُ أهلُ رمسِ
و لما أنْ نزلتُ بهمْ قروني … جفانَ خديعة ٍ وكؤوسَ ألسِ
وعدتُ وليس في كفيَّ لما … شريتهُمُ سِوى وَكْسي ونَحْسي
” يسومها ” مسوقها الركايا … و في الأحشاء حاجٌ ليس ينسى
يُشاطرُك الهمومَ إذا ألمَّتْ … ويُوسِعُك التقيُّلَ والتأسِّي
و غصنكَ من مودتهِ وريقٌ … وغرسك في ثراهُ خيرُ غَرْسِ
وقاني اللهُ ما أخشاه فيمنْ … به من بينِ هذا الخلقِ أُنْسي
و نكبَ فيه عن قلبي الرزايا … فأُصبِحُ آمناً أبداً وأُمسي