ألاَ إنَّ هذا الفؤادَ اضطرم … فهلْ من خمودٍ لهذا الضرَّمْ
وفي كلِّ جارحة ٍ لوعة ٌ … تثور وفي كل عضوٍ أَلَمْ
وأيقظ وجديَ برقٌ يلوح … وقد نام عن أعينٍ لم تنمْ
ولما سرى موهناً في الدجى … بكيت له عن جوى ً وابتسم
وباحت دموعي بسرّي المصون … وسرّ الصبابة لا ينكتم
فللّه برق أثار الغرام … ولله دمع جرى وانسجم
صامَمْتُ عن عاذلي في الهوى … وما بي ودين الهوى من صمم
فمن منصفي من غرام ظلوم … ومن منصفي من حَبيب ظَلَم
فلا سلم الصبر من مغرم … إذا ذكر الحي في ذي سَلَم
أعلل نفسي بنيل المنى … وما لي إلي نيلها مقتحم
ومن لي بعزم الجريّ الأبيّ … فلا ينثني عزمه إن عزم
وإنّي على شغفي بالخمول … أروم من الدهر ما لم يُرَم
وقد شَيَّبتني صروف الزمان … وصرف الزمان يشيب اللمم
فما لي أقمت بأرض العراق … ولولا خمولي بها لم أقم
وكنت ترحَّلْتُ عن موطنٍ … إذا كنت في غيره لم أضم
إلى قائد عسكر المسلمين … ومقدامهم في الحروب الدهم
عليّ الرضا مشرفيّ القضا … وغيث العطاء غياث الأمم
قريب النوال مجيب السؤال … منيع المنال رفيع الهمم
جزيل الثواب مجيد الضّراب … شديد العقاب إذا ما انتقم
أذلّ الطغاة وأردى الكماة … وساق الصناديد سوق الغنم
إذا حارب الأُمَم الفاجرين … تصدَّعَ من شعبها ما التأم
سيف مبيد ورأي سديد … وعزم شديد وأنفٍ أشم
حسام الدولة عبد المجيد … مليك الملوك وسيف خذم
يقدّ به الهام ممَّن عَصاه … ويَفَلق في شفريته القمم
وإن هالت الحرب يوم النزال … تصدى ّ لأهوالها واقتحم
وحسبك أنَّ المليك اصطفاه … وولاّه دفع الأهمَّ الأهم
فكان إذا استخون الغادرين … رأى من عليّ وفيّ الذمم
ففي مثل صدق عليّ الرضا … تَبَلَّج صبُحُ الرّضا وابتسم
فقرّبه من علاهُ المليك … فكان المبجَّلَ والمحتشم
وفي عدل هذا المليك العظيم … نجاة الرعية من كلِّ غم
إذا أبْعَدَته ملوك الزمان … تُقَبّلُ منه مكان القدم
به اعتصمت من جميع الخطوب … وفي مثل دولته المعتصم
بصنعٍ أجاد وفضلٍ أعاد … وقرنٍ أباد وأنفٍ رغم
وتلك المواهب بين الملوك … وفيك البداية والمختتم
تلوذ برأفته الخائفون … فتأمن من كلِّ أمرٍ مهم
ومن كان باباً لنيل المراد … فلا شك في بابه المزدحم
مناهله شرعة الواردين … بحيث النوال وحيث الكرم
صوارمه نقمة تتَّقى … وأنظاره نعمة تغتنم
وقد خلق الله كلتيهما … لحتف دنا أو لرزقٍ قسم
أعاد إلى الملك شرخ الشباب … وعهد الشبيبة بعد الهرم
رقاها ببيض الحداد … فما برح الداء حتى انحسم
فأينع في روضها ما ذوى … وشيّد من ركنها ما انهدم
حمى حوزة الدين في صام … إذا صرم الموت فيه انصرم
فتهدي الأنام لسلطانه … بحسن الثناء وطيب الكلم
دعاء لدولته يستجاب … وعهد لخدمته يلتزم
وفيت له يا علي الرضا … وهل ينفع الغادرين الندم
وقمت لدولته قائماً … لكربٍ ألمَّ وخطبٍ هجم
ولله درُّك من صادق … إذا مُيّز الصدق والمتهم
ولاحت خفايا صدور الرجال … وأصبح أمرهم قد علم
ألا لا برحت سرور الوجود … بمن أوجد الخلق بعد العدم
وقد نظم العبد فيك القريض … فصلْ من قبولٍ لها من نظم
يَؤُمُّ جنابَ عليّ الجناب … ومن حقّ حضرته أن تؤم
تلوح معاليه للناظرين … ولا مثلَ نارٍ بأعلى علم
فأنطقَ بالمدح حتى العُجُم … وأسمع بالصيت حتى الأصم
محبَّتُه أُغرزت في القلوب … وشكرانه ساغ في كل فم
لقد شملتنا له نعمة … وقد أوجب الله شكر النعم
فيا ليتني كنت في ظلّهِ … وكنت أكون كبعض الخدم
أفوز بباب عليّ الجناب … فأروي محاسن تلك الشيم
وأنْشِدُه الشعر عن أخرسٍ … يترجم عنه لسان القلم