أقولُ لحنَّانِ العَشيِّ المُغَرَّدِ … يهُزُّ صفيحَ البارقِ المتوقِّدِ
تَبَسَّمَ عن رَيِّ البلادِ حَبيُّه … و لم يبتسمْ إلا لإنجازِ مَوْعِدِ
على الشَّرَفِ المعمورِ بالعَمْرِفالرُّبا … فتلكَ الثَّنايافالطريقِ المعبَّدِ
فسُودِ اللَّيالي من بَنِيَّة ِ جَعْفَرٍ … فَدِمنَة ِ آثارِ الخليفة ِ أحمدِ
بِصَفحَة ِ مصقولِ الأديمِكأنَّما … سَفائِنُهُ رُبْدُ النَّعامِ المُشرَّدِ
شَوائِلُ أذنابٍ يُخَيَّلُ أنَّها … عَقارِبُ دَبَّتْ فَوقَ صَرْحٍ مُمَرَّدِ
فمَشهَدُ عمروٍ حيثُ يُلْعَنُ ظالِمٌ … و تَبْكي على المظلومِ آلُ محمَّدِ
مَحلُّ الهَوى العُذريِّ في غَيرِ حِلَّة ٍ … و عَهْدُ الشَّبابِ الغَضِّ في غَيرِ مَعهدِ
مَضَت نَومَة ُ التَّعريسِ في ظلِّ أمنِهِ … و أعقبَها ليلُ السَّليمِ المُسَهَّدِ
أمُجُّ له العَذْبَ النَّميرَكأنَّه … مُجاجة ُ مُحمَرِّ الحماليقِ أسوَدِ
و لا وَصْلَ إلا أن أروحَ مُغَرِّراً … بأدهمَ في تَيَّارِ أخضرَ مُزبِدِ
إذا ما أَهَلَّ الرَّكْبُ فيه جَرَى لَهُم … على سَنَنٍ كالمَشرَفيِّ المُجرَّدِ
إذا ما ارتدَى اللَّيلَ البَهيمَفإنَّني … بلَيْلَينِ منه والدُّجُنَّة ِ مُرتَدي
أرى بلداً يشكو منَ الماءِ مثلَ ما … شَكا الغِمْدُ من حَدِّ الحُسامِ المُهَنَّدِ
تَحيفَ غَربيَّ القصورِ كأنَّما … رُمينَ على الأيَّامِ منه بمِبرَدِ
مُكَفَّرَة ُ الجُدرانِ للمَدِّ لا تَني … تَخُرُّ عليه من رُكوع وسُجَّدِ
و عَهْدي بها مثلُ الفَراقدِ تُنْتَضى … ذَوائِبُها ما بينَ نَسْرٍ وفَرقَدِ
بقيَّة ُ أبشارِ البناءِ كأنما … تَصوغُ لها الآصالُ تِيجانَ عَسجَدِ
فيا سطوة َ الأيَّامِ عُودي لسِلْمِها … كما كنتِ قبلَ اليومِ مَغلولة َ اليَدِ
و يا جانِبَيْها بالمُناخِ سُقيتُما … بأعذبَ ممَّا يُسقَيانِ وأبرَدِ
و يا ديْرَها الشَّرقيَّ لازالَ رائحٌ … يَحُلُّ عُقودَ المُزنِ فيكَ ويَغتدي
مَوارِدُ لَهْوٍ صَفَّقَتْ في ظِلالِها … مَوارِدُ من ماءِ الكرومِ مُوَرَّدِ
عليلَة ُ أنفاسِ الرِّياحِكأنَّما … يُعَلُّ بماءِ الوَرْدِ نَرجِسُها النَّدي
يَشُقُّ جيوبَ الوَرْدِ في شَجَرَاتِها … نَسيمٌ متى يَنْظُرْ إلى الماءِ يَبرُدِ
و ملعَبُ إفرِنْدِيَّة ِ الرَّوْضِ يَعْتَلي … عليه خَلوقيُّ البِناءِ المُشَيَّدِ
صوامعُ في سَروٍ أنافَ كأَنها … قِبابُ عقيقٍ في قِبابِ زَبَرْجَدِ