أقلا فشأنكما غيرُ شانى … ولستُ بطوعكما فاتركانى
ولا تجْشَما عَذْلَ مَن لا يُصيخُ … فما تُعدِلاني بأنْ تَعذُلاني
غرامي بغيرِ ذواتِ الخدودِ … ووجدى بغير وصالِ الغوانى
ولي شُغُلٌ عن هوى الغانياتِ … وما الحبُّ إلاّ فراغُ الجنانِ
ومن أجلِ وَسْواسِ هذا الغرامِ … أقامَ العزيزُ بدارِ الهَوانِ
ولولا الهوى ما رأيتَ الشُّجاعَ … يَقنِصُ في حَومة ٍ للجبانِ
ولي عِوَضٌ بوجوهِ الصَّوابِ … مشرقة ً عن وجوه الحسانِ
فأغنى من البيضِ بيضُ الضّراب … وأغنى من السّمرِ سمرُ الطّعانِ
دعانى إليهِ فلبّيتهُ … مليكُ الورى والعلا والزّمانِ
دعانى ولولا ولائى الصّريح … لدولتهِ وجدها ما دعانى
أتتهُ ولم يأتها ريبة ً … يَغارُ على مِثلها الفَرقدانِ
وكنتُ أراها له بالظُّنونِ … فقد صرتُ أُبصرها بالعِيانِ
فدونَكَها دولة ً لاتَبيدُ … كما لا يبيدُ لنا النّيّرانِ
بناها لك اللهُ فى شامخٍ … بعيدِ الرِّعانِ رفيعِ القِنانِ
فقد علمَ المُلكُ ثمَّ الملوكُ … أنّك أولاهمُ بالرّهانِ
وأنَّك أضرَبُهُمْ بالحُسامِ … وأنَّكَ أطعنُهمْ بالسِّنانِ
وأنّكَ أبذَلهمْ للبدُورِ … وأملاهُمُ في قِرى ً للجِفانِ
وأنّك سلماً وحرباً أحقُّ … بظهر السَّريرِ وظهرِ الحِصانِ
وأنّك فى خشناتِ الخطوبِ … أبعدُهُمْ عن محلِّ اللِّيانِ
فللّهِ دَرُّك يومَ التَوَتْ … عليك الخطوبُ التواءَ المثانى
وقد ذهبوا عن طريق الصّوابِ … وأنتَ عليه وما ثمَّ ثانِ
دعوك إليها دعاءَ الرّكوبِ … سُرَى اللّيل للقمر الأَضْحَيانِ
وقالوا هلمَّ إلى خطّرٍ … تُقَعْقِعُ بالشَّرِّ لا بالشِّنانِ
عشيّة َ لاكوا ثمارَ النّكولِ … وذاقوا جنى عجزهمْ والتّوانى
ولاحتْ شواهدُ مشنوءة ٍ … ودلّ على النّارِ لونُ الدّخانِ
وأشعرنا الحزمُ قبلَ اللّقاءِ … بيومٍ يسيلُ ردى ً أرْدَنانِ
وأنتَ على ظهر مجدولة ٍ … منَ الشَّدِّ والطَّرْدِ جَدْلَ العِنانِ
كأنّ الذى فوقها راكبٌ … قرا يذبلٍ أوْ سراتى ْ أبانِ
إلى أن جذبتَ صِعابَ الرِّقابِ … وشُمَّ المخاطمِ جَذْبَ العِرانِ
وغيرُك يندمُ في فائتٍ … وليس له غيرُ عضِّ البنانِ
وغرَّهمُ منك طولُ الأناة ِ … وكم غُرَّ في السَّرْعِ من بُعْدِ دانِ
فلا تَسْتغرّوا بإطراقة ٍ … تهابُ كإطراقة ِ الأفعوانِ
ولا تحسبوا حلمهُ ديدناً … فكم نزعَ الحِلْمَ إصرارُ جانِ
وإنّك فى معشرٍ شأنهمْ … إذا شَهدوا معركاً خيرُ شانِ
لهمْ رممٌ كلّما رجّلتْ … فبالسّائل العَصْبِ لا بالدِّهانِ
وأيمانهمْ خلقتْ فى الهياجِ … لضربٍ يقطٌّ الطّلى أو طعانِ
يحلّون فى كلّ مرهوبة ٍ … محلَّ الغرارِ الحسامِ اليمانى
وإنْ أنتَ طاعنتَ أغنوك فى الـ … ـقناة ِ، وقد حضروا، عن سِنانِ
فيا رُكنَ أدياننا والجمال … لمِلَّتنا في نأى ً أو تَدانِ
أبوك الذي سامني مدحَه … ومازلتُ عنه طويلَ الحِرانِ
إلى أنْ ثناني إليه الوِدا … دُ منه وكرَّمني فاشتراني
وما زال يجذبنى باليدين … حتّى عطفتُ إليه عنانى
ولمَّا رَقاني ولم أعْيِهِ … وأعييتُ من قبله منْ رقانى
فسيَّرتُ فيه منَ الصّائباتِ … دراكاً نحورَ العدا والمعانى
وأطربتهُ بغناءِ المديحِ … فأغنيتهُ عن غناءٍ القيانِ
فخذ منّى اليومَ ما شئتَ منْ … صنيعِ الضّمير ونسجِ اللّسانِ
كلاماً يغور إليه البليدُ … وينقلُهُ مُسرعاً كلُّ وانِ
شموساً يبرّحُ بالهاتفين … ولمّا هَتَفْتُ به ماعصاني
غنيّاً بصنعته لم يطفْ … بلفظِ فلانٍ ومعنى فلانِ
فلو رامه الأفقُ ما ناله … ولولاكَ كُفْواً لهُ ما عَداني
ولي خدمة ٌ سَلفتْ في الزَّمانِ … صدعتُ بها غرّة ً فى زمانى
ولمّا رأتْنِيَ منكَ اللِّحاظُ … حمتنى هنالك منك اليدانِ
وأسكنتُ عندك ظلاًّ أقول : … كفانيَ مانلتُ منه كفاني
وما زلتُ مذْ ذاك تحنو على … ودادك فى الصّدرِ منّى الحوانى
يَهابُ مراسِيَ مَن رامني … ويُخطئني خِيفة ً مَن رماني
ولولا دفاعك عنّى لما … تغيّبَ عن ريبِ دهرى مكانى
ولا كنتُ ممّنْ يَرى سيِّئاً … بغير ومقلتُهُ لاتَراني
ولمْ لا أتِيهُ وأنتَ الذي … تَنَخَّلَني خِبرة ً واصطفاني؟
ولمّا انتسبتُ إلى عزّهِ … حميتُ الذى كان قدماً حمانى
فلا زلتَ من تبعاتِ الخطوب … ومن كلّ طارقة ٍ فى أمانِ
وأصبحتَ مُصًطبحاً ماتَبيتَ … تُرامقُهُ من مُنى ً أو تراني
ولا فارقتكَ ضروبُ السّرورِ … ولا صارمتك فنونُ التّهانى