أعِيدوا صَباحي فَهوَ عندَ الكَواعبِ … ورُدّوا رُقادي فَهوَ لحظُ الحبائِبِ
فإنّ نَهاري لَيْلَةٌ مُدْلَهِمّةٌ … على مُقْلَةٍ مِنْ بَعدِكمْ في غياهبِ
بَعيدَةِ ما بَينَ الجُفُونِ كأنّمَا … عَقَدْتُمْ أعالي كلِّ هُدْبٍ بحاجِبِ
وأحْسَبُ أنّي لوْ هَوِيتُ فِراقَكُمْ … لَفارَقْتُهُ والدّهرُ أخبثُ صاحِبِ
فَيا لَيتَ ما بَيْني وبَينَ أحِبّتي … مِنَ البُعْدِ ما بَيني وبَينَ المَصائِبِ
أُراكِ ظَنَنْتِ السّلكَ جِسمي فعُقْتِه … عَلَيْكِ بدُرٍّ عن لِقاءِ التّرائِبِ
ولَوْ قَلَمٌ أُلقيتُ في شَقّ رأسِهِ … من السّقمِ ما غيّرْتُ من خطّ كاتِبِ
تُخَوّفُني دونَ الذي أمَرَتْ بِهِ … ولم تَدْرِ أنّ العارَ شرُّ العَواقِبِ
ولا بُدّ مِنْ يَوْمٍ أغَرّ مُحَجَّلٍ … يَطولُ استِماعي بَعدَهُ للنّوادِبِ
يَهُونُ على مِثْلي إذا رامَ حاجَةً … وُقوعُ العَوالي دونَها والقَواضِبِ
كَثيرُ حَيَاةِ المَرْءِ مِثْلُ قَليلِهَا … يَزولُ وباقي عَيْشِهِ مِثْلُ ذاهِبِ
إلَيْكِ فإنّي لَسْتُ ممّنْ إذا اتّقَى … عِضاضَ الأفاعي نامَ فوقَ العقارِبِ
أتاني وَعيدُ الأدْعِياءِ وأنّهُمْ … أعَدّوا ليَ السّودانَ في كَفْرَ عاقِبِ
ولَوْ صَدَقوا في جَدّهمْ لَحَذِرْتُهمْ … فَهَلْ فيّ وَحدي قَوْلُهم غيرُ كاذِبِ
إليّ لَعَمري قَصْدُ كُلّ عَجيبَةٍ … كأنّي عَجيبٌ في عُيُونِ العَجائِبِ
بأيَّ بِلادٍ لم أجُرَّ ذُؤابَتي … وأيُّ مَكانٍ لم تَطأْهُ رَكائبِي
كأنّ رَحيلي كانَ منْ كَفّ طاهرٍ … فأثْبَتَ كُوري في ظهورِ المَواهِبِ
فَلَمْ يَبْقَ خَلْقٌ لم يَرِدْنَ فِناءَهُ … وهُنّ لَهُ شِرْبٌ وُرُودَ المَشارِبِ
فَتًى عَلّمَتْهُ نَفْسُهُ وجُدودُهُ … قِراعَ العَوالي وابتِذالَ الرّغائبِ
فقَدْ غَيّبَ الشُّهّادَ عن كلّ مَوْطِنٍ … ورَدّ إلى أوطانِهِ كلَّ غائِبِ
كَذا الفاطِمِيّونَ النّدى في بَنانِهِمْ … أعَزُّ امّحاءً مِنْ خُطوطِ الرَّواجِبِ
أُناسٌ إذا لاقَوْا عِدًى فكأنّما … سِلاحُ الذي لاقَوْا غُبارُ السّلاهِبِ
رَمَوْا بنَواصِيها القِسِيَّ فجِئْنَها … دَوَامي الهَوادي سالماتِ الجَوانِبِ
أُولَئِكَ أحْلى مِنْ حَياةٍ مُعادَةٍ … وأكْثَرُ ذِكْراً مِنْ دُهورِ الشّبائِبِ
نَصَرْتَ عَلِيّاً يا ابْنَهُ ببَواتِرٍ … من الفِعْلِ لا فَلٌّ لها في المَضارِبِ
وأبْهَرُ آياتِ التّهاميّ أنّهُ … أبوكَ وأجدى ما لكُمْ من منَاقِبِ
إذا لم تكُنْ نَفْسُ النّسيبِ كأصْلِهِ … فماذا الذي تُغني كرامُ المَناصِبِ
وما قَرُبَتْ أشْباهُ قَوْمٍ أباعِدٍ … ولا بَعُدَتْ أشْباهُ قَوْمٍ أقارِبِ
إذا عَلَوِيٌّ لم يكنْ مِثْلَ طاهِرٍ … فَما هُوَ إلاّ حُجّةٌ للنّواصِبِ
يَقولونَ تأثِيرُ الكَواكِبِ في الوَرَى … فَما بالُهُ تأثِيرُهُ في الكَواكِبِ
عَلا كَتَدَ الدّنْيا إلى كُلّ غايَةٍ … تَسيرُ بهِ سَيْرَ الذَّلُولِ براكِبِ
وحُقّ لَهُ أن يَسْبِقَ النّاسَ جالِساً … ويُدْرِكَ ما لم يُدرِكُوا غيرَ طالِبِ
ويُحْذَى عَرانِينَ المُلوكِ وإنّها … لَمِنْ قَدَمَيْهِ في أجَلّ المَراتِبِ
يَدٌ للزّمانِه الجَمْعُ بَيْني وبَيْنَهُ … لتَفْريقِهِ بَيْني وبَينَ النّوائِبِ
هُوَ ابنُ رَسولِ الله وابنُ وَصِيّهِ … وشِبْهُهُما شَبّهْتُ بعدَ التّجارِبِ
يَرَى أنّ ما ما بانَ مِنكَ لضارِبٍ … بأقْتَلَ مِمّا بانَ منكَ لعائِبِ
ألا أيّها المالُ الذي قد أبادَهُ … تَعَزَّ فَهَذا فِعْلُهُ بالكَتائِبِ
لَعَلّكَ في وَقْتٍ شَغَلْتَ فُؤادَهُ … عنِ الجُودِ أوْ كَثّرْتَ جيشَ مُحارِبِ
حَمَلْتُ إلَيْهِ مِنْ لِسَاني حَديقَةً … سقاها الحجى سقيَ الرّياضِ السّحائِبِ
فَحُيّيتَ خيرَ ابنٍ لخَيرِ أبٍ بهَا … لأشرَفِ بَيْتٍ في لُؤيّ بنِ غالِبِ