أصفْراءُ ما في الْعيْش بعْدكِ مَرْغَبُ … ولا للصبى ملهى ً فألهو وألعبُ
أصفراءُ إِنْ أهْلِكْ فأنْتِ قتلْتِنِي … وإِنْ طال بي سُقْمٌ فذنْبُك أذْنبُ
أصفْراءُ أيَّامُ النَّعيمِ لذيذة ٌ … وأنْتِ مع الْبُؤْسى ألذُّ وَأطْيبُ
أصفْراءُ في قلْبي علَيْك حَرَارة ٌ … وَفي كَبدي الْهَيْمَاءِ نَارٌ تَلَهَّبُ
أصَفْراءُ مَالي في الْمَعَازف سَلْوَة ٌ … فَأسْلُو وَلاَ في الْغَانيَات مُعَقَّبُ
أصَفْرَاءُ لي نَفْسُ إِلَيْكِ مَشُوقَة ٌ … وَعَيْنٌ عَلَى مَا فَاتَ منْكِ تَصَبَّبُ
أصَفْرَاءُ لَمْ أعْرفْك يَوْماً وَإِنَّنِي … إليكِ لمشتاقٌ أحنُّ وأنصبُ
لقد كنت عن عض الصبابة والهوى … غنياً ولكن المقادير تغلبُ
بعَيْنيَ منْ صَفْرَاءَ بَادٍ عُجَابُهُ … وَمَا بالْحَشَا من حُبٍّ صَفْراءَ أعْجبُ
وقد زادني شوقاً هديلُ حمامة ٍ … على إلفها تبكي له وتطربُ
فقُلْتُ لنْدماني طربْتُ فغنِّني … بصفراء لا يصفو مع الشوق مشربُ
وما كان اغرامي بها عن مراسلٍ … جرت بيننا بك كاعبٌ لا تحوبُ
فَيَا حَزَناً لاَ أنا غِرُّ مُشَبَّبٌ … نعمتُ ولا في الشوق إذ أنا أشيبُ
وما ذاك إلا حبُّ صفراء مسني … فيوْمي به مُرٌّ وليْلي مُوصّبُ
وما بالُ قلْبي لاَ يزُولُ عن الصِّبى … وقد زعموا أن القلوب تقلبُ
سأرمي بصولانَ المفاوز إنهُ … خرُوجٌ مِنَ أبْواب الْمفاوز مُنْغِب
معوجٌ إذا أمسى طروبٌ إذا غدا … مجداً كما غنى على الأيك أخطبُ
لعلَّ ارْتحالي بالْعشيِّ وبالضُّحى … يقربني والنازح الدار يقربُ
عتبت على خنزير كلبٍ وإنني … بذاك على الكلب التميمي أعتبُ
هما أنَّباني أنْ نعِمْتُ ببدْرة ٍ … وما منْهُما إِلاَّ لئيمٌ مُؤنَّبُ
إذا شبعا احتالا على صاحبيهما … كما احْتَال بِرْذَوْنُ الأَمير الْمُرطَّبُ
يهُرَّان آباءً لئِاماً وفيهما … حقوقٌ لزوار الندى وتحلُّبُ
وطالبِ عُرْفٍ يسْتعينُ عليْهما … فقُلْتُ لهُ: أخْطأتَ ما كنْتَ تطْلُبُ
على الكلب أهوال إذا ما رأيتهُ … وخنزير كلب بالمخازي مدربُ
تَعَرَّ فلاَ تخْلِطْهما بمودَّة ٍ … ولا قرباً ما في السماوات أقربُ
إذا لم تر الذهلي أنوك فالتمس … لَهُ نَسَباً غَيْرَ الذي يَتَنَسَّبُ
وَأمَّا بَنُو قَيْس فَإِنَّ نَبيذَهُمْ … كَثيرٌ وَأمَّا خَيْرُهُمْ فَمُغَيَّبُ
وَفي جَحْدَرٍ لُؤْمٍ، وَفِي آل مسْمَعٍ … صلاح ولكن درهم القوم كوكبُ
وسيد تيم اللات عند غدائه … هزبر وأما في اللقاء فثعلبُ
وَقَدْ كَانَ في «شَيْبَانَ» عزٌّ فَحَلَّقَتْ … به في قديم الدهر عنقاء مغربُ
وحيا ” لجيمٍ” قسوران تنزعت … شباتهما لم يبق نابٌ ومخلبُ
وأنذل من يمشي “ضبيعة ُ” إنهم … زَعَانِفُ لَمْ يَخْطُبْ إِلَيْهِمْ مُحَجَّبُ
و”يشكرُ” خصيانٌ عليهم غضارة ٌ … وهل يدركُ المجد الخصيُّ المجببُ
وأبلج مسهاء كأن لسانه … إِذَا رَاحَ ذُو النُّونَيْن بَلْ هُوَ أقْرَبُ
يجلى العمى عنا بفصلٍ إذا قضى … ضريبته صافي الحديدة مقضبُ
إِذَا شئْتَ نَادَى في الأَنَام بصَوْته … لأَرْفَعِ مَا أدَّى عَريبٌ وَمُعْرِبُ
لقد ساد أشراف العراق ابن “حاتمٍ” … كما سَادَ أهْلَ الْمَشْرِقَيْنِ «الْمُهَلَّبُ»
لَهُ فَضَلاتٌ منْ «قَبيصَة َ» في النَّدَى … وَأكْرُومَة ٌ منْ «حَاتمٍ» لاَ تَعَطَّبُ
وَمنْ إِرْث «سَرَّاقٍ» عَلَيْه مَهَابَة ٌ … تظل قلوب القوم منها توجبُ
وَيَغْدُو بأخْلاَق «الْمُهَلَّب» مُولَعاً … كما شمرت عن ساقها الحربُ تطربُ
وَيَعْطِفُ «كِنْديٌّ» عَلَيْه وَ«ظَالمٌ» … مَآثرَ أيَّام تَطيبُ وَتَرْحُبُ
وَتَعْرفُ منْهُ منْ شَمِائلِ «ظَالمٍ» … مَنَاقِبَ مَفْضَالٍ تَعُودُ وَتَشْعَبُ
وكم من أبٍ غمرٍ لـ”روح بن حاتمٍ” … يزين آباءً وزينهُ أبُ
إذا ذكروا في مأقطٍ أطرق العدى … ورَنَّحَ فَحْلُ الْقَرْيَتَيْنِ الْمُقَبْقِبُ
هم ذببوا عن عظم دين “محمدٍ” … بـأسيافهم إذ ليس فينا مذببُ
حدا بأبي أم الريال فأجفلت … نعامتهُ عن عارضٍ يتلهبُ
وَلاَحَتْ وَمَاءُ الأَزْرَقَيْن عَشِيَّة ً … أنَاقيعُ تَعْفُوهَا نُسُورٌ وَأذْؤُبُ
صفت لي يد الفياض “روح بن حاتمٍ” … فَتلْكَ يَدٌ كَالْمَاءِ تَصْفُو وَتَعْذُبُ
وما ولدوا إلا أغر متوجاً … له راحة ٌ تبكي وأخرى تحلبُ
وأيام أبطال عليها بسالة ٌ … وجودٌ كما جاد الفراتي أغلبُ
مُلُوكٌ إِذَا هَابَ الْعَطَاءَ مَعَاشرٌ … وضربَ الطلى سنوهما وتعجبوا
سيخبر عن “روح” ثنائي وفعله … وَمَا منْهُمَا إِلاَّ رِضى ً لاَ يُكَذِّبُ
تَعَصَّبَ «رَوْحٌ» وَالْمَكَارمُ تَابعاً … لأشياخه والسَّابقُ المتعصِّبُ
لَهُ حُكْمُ لُقْمَانٍ وَجزْمُ مُوفَّقٍ … وللْموْت منْهُ مَخْرَجٌ حين يَغْضبُ
من الواردين الرَّوع كلَّ عشيَّة ٍ … إِذا هي قامتْ حاسراً لاَ تَنقَّبُ
وأَصْيدَ نرْجُوهُ لكُلِّ مُلِمَّة ٍ … علينا ويرجوه الهمامُ المحجَّبُ
من الْغُرِّ مِنْعامٌ كأنَّ جبينه … هلالٌ بدا في ظلمة ٍ متنصَّبُ
يطِّيبُ ذفراءَ الدُّروعِ بجلدهِ … ويثنى بمسكٍ كأسهُ حين يشربُ
طلوبٌ ومطلوبٌ إليه إذا غدا … وخيرُ خليليكَ الطُّلوبُ المطلَّبُ
وما زال في آلِ الْمُهلَّب قائلٌ … وخيْلٌ تُسرَّى للطِّعانِ وتُجْلَبُ
ولما رأى الْحُسَّادُ روْح بْن حاتِمٍ … أمِيراً عليْهِ بيْتُ مُلْكٍ مُطنَّبُ
أصاخُوا كأنَّ الطَّيْرَ فَوْقَ رُؤُوسِهِمْ … يشِيمُون مَوتاً فَوْقَهُمْ يَتَقَلَّبُ
فَدَامَ لَهُمْ غَمٌّ بِرَوْحِ بْنِ حَاتِمٍ … ودامَ لروح مُلكهُ المترقَّبُ