أرى العلياءَ واضحة َ السبيلِ … فما للغُرِّ سالِمَة َ الحُجُولِ
إلى كَمْ يَقْتَضِيكَ المَجْدُ دَيْناً … تحيلُ بهِ على القدِر المَطُولِ
وأيُّ فتًى تَمرَّسَ بِالمَعالِي … فلم يهجمْ على خطرٍ مهولِ
وإنَّ عِناقَ حَرِّ المَوْتِ أوْلَى … بِذِي الإمْلاقِ مِنْ برْدِ الْمَقِيلِ
وما كانتْ مُنى ً بعدتْ لتغلُو … بطولِ مشقَّة ِ السيرِ الطَّويلِ
فكيفَ تخيمُ والآمالُ أدْنى … إليكَ منَ القداحِ إلى المجيلِ
وقدْ نادى النَّدى هلْ مِنْ رجاءٍ … وقالَ النَّيْلُ هَلْ مِنْ مُسْتَنِيلِ
وَلَمْ أرَ قَبْلَهُ أمَلاً جَواداً … يُشارُ بِهِ إلى عَزْمٍ بَخِيلِ
علامَ تروِّضُ الحصباءُ خِصْباً … وَتَجْزَعُ أنْ تُعَدَّ مِنَ المُحُولِ
وَكَيْفَ تَرى مِياهَ الفَضْلِ إلاَّ … وقَدْ رُشِفَتْ بِأفْواهِ العُقُولِ
لقدْ أعطتكَ صحتَها الأمانِي … فَلا تَعْتَلَّ بالحَظِّ العَلِيلِ
وَما لَك أنْ تَسُومَ الدَّهْرِ حَظًّا … إذا ما فُزتَ بالذِكْرِ الجميلِ
إذا أهْلُ الثَّناءِ عَلَيْكَ أثنوَا … فسِرْ فِي المَكْرُماتِ بلا دليلِ
أرَى حُلَلَ النَّباهَة ِ قَدْ أظَلَّتْ … تُنَازِعُ فِيَّ أطْمَارَ الخُمُولِ
فَيا جَدِّي نَهَضْتَ وَيا زَمانِي … جَنَيْتَ فَكُنْتَ أحْسَنَ مُسْتَقِيلِ
وَيا فَخْرِي ـ وَفَخْرُ المُلْكِ مُثْنٍ … عليَّ لقدْ جَرَيْتُ بلا رَسِيلِ
تَفَنَّنَ فِي الْعَطاءِ الجَزْلِ حَتَّى … حبانِي فيهِ بالحمْدِ الجزِيلِ
فَها أنا بينَ تَفْضِيلٍ وَفَضْلٍ … تبَرُّعُ خيرِ قوّالٍ فَعُولِ
غريبُ الجُودِ يحمدُ سائليهِ … وفَرْضُ الحمْدِ ألْزَمُ للسَّؤُولِ
سقانِي الرِّيَّ مِنْ بشرٍ وجودٍ … كَما رَقَصَ الْحَبابُ عَلى الشَّمُولِ
وَأعْلَمُ أنَّ نَشْوانَ العَطايا … سيخمَرُ بالغِنا عمّا قليلِ
أما ونَداكَ إنَّ لَهُ لَحَقًّا … يُبِرُّ بِهِ ألِيَّة َ كُلِّ مُولِ
لئنْ أغربْتَ في كرمِ السَّجايا … لقدْ أعربْتَ عنْ كرمِ الأُصولِ
ألا أبلِغْ مُلوكَ الأرضِ أنِّي … لَبِسْتُ العَيْشَ مَجْرُورَ الذُّيُولِ
لدى ملكٍ متى نكَّبْتَ عنهُ … فَلَسْتَ عَلَى الزَّمانِ بمُسْتَطِيلِ
ولمّا عزَّ نائلُهُمْ قياداً … وَهَبْتُ الصَّعْبَ مِنْهُمْ للِذَّلُولِ
وطلَّقْتُ المنى لا العزمُ يوماً … لهُنَّ وَلا الرَّكائِبُ لِلذَّمِيلِ
وَلَوْلا آلُ عَمّارٍ لَباتَتْ … تَرى عرْضَ السماوة ِ قيدَ ميلِ
أعَزُّونِي وأغْنُونِي وَمِثْلِي … أعِينَ بكُلِّ منّاعٍ بَذُولِ
وَحَسْبُكَ أنَّنِي جارٌ لِقَوْمٍ … يُجِيرونَ القَرَارَ مِنَ السُّيُولِ
أَلا للهِ درُّ نَوى ً رمَتْ بِي … إلى أكنافِ ظلِّهمِ الظَّليلِ
وَدَرُّ نَوائِبٍ صَرَفَتْ عِنانِي … إلَى تِلْقائِهِمْ عِنْدَ الرَّحِيلِ
أُسَرُّ بِأنَّ لِي جَدًّا عَثُوراً … وَعمّارُ بْنُ عمّارٍ مُقِيلِي
وَلَوْلاَ قُرْبُهُ ما كُنْتُ يَوْماً … لأشْكُرَ حادِثَ الخطْبِ الجليلِ
وقدْ يهوى المحبُّ العذْلَ شوْقاً … إلَى ذِكْرِ الأحِبَّة ِ لا العَذُولِ
لَهُ كَرَمُ الغَمامِ يَجُودُ عَفْواً … فيُغْنِي عنْ ذَرِيعٍ أو وَسِيلِ
وَما إنْ زِلْتُ أرْغَبُ عَنْ نَوالٍ … يُقَلِّدُنِي يداً لِسوَى المُنِيلِ
تَجُودُ بِطيبِ رَيّاها الخُزَامى … وَيَغْدُو الشُّكْرُ لِلرِّيحِ الْقَبُولِ
وغيرِي منْ يُصاحِبُهُ خُضُوعٌ … أنَمُّ مِنَ الدُّمِوعِ عَلى الغَلِيلِ
يعُبُّ إذا أصابَ الضَّيْمُ شَرْباً … وَبَعْضُ الذُّلِّ أوْلَى بِالذَّلِيلِ
ترفَّعَ مطلَبي عنْ كُلِّ جُودٍ … فَما أبْغِي بِجُودِكَ مِنْ بَدِيلِ
وَمَالِي لا أَعافُ الطَّرْقَ وِرْداً … وقدْ عرضَتْ حِياضُ السَّلْسَبيلِ
وَقَدْ عَلَّمْتَنِي خُلُقَ المَعالي … فما أرْتاحُ إلاّ للنَّبيلِ
ولِي عندَ الزَّمانِ مُطالَباتٌ … فما عُذْرِي وأنْتَ بها كَفِيلي
وإنَّ فتى ً رآكَ لهُ رجاءً … لهْلٌ أنْ يُبَلَّغَ كلَّ سُولِ
ورُبَّ صَنِيعَة ٍ خُطِبْت فزفَّتْ … إلى غَيرَ الكَفِيءِ مِنَ البُعُولُ
أبِنْ قدرَ اصطناعِكَ لي بنعُمى … تبُوحُ بسرٍّ ما تُسْدِي وتوُلِي
إذا ما رَوَّضَ البَطْحاءِ غَيْثٌ … تَبَيَّنَ فضْلُ عارِضِهِ الهَطُولِ
وأعلِنْ حُسْنَ رأْيكَ فيَّ يرجَحْ … عَدُوِي فِي المودَّة ِ مِنْ خليلِي
فَلَيْسَ بِعائِبِي نُوَبٌ أكلَّتْ … شَبا عزْمِي ولَمْ يَكُ بالكَليلِ
فإنَّ السَّيفَ يُعْرَفُ ما بَلاهُ … بما في مضرِبيهِ منَ الفُلُولِ
وكَائِنْ بالعَواصِمِ مِنْ مُعَنّى ً … بِشَعْرِي لا يَرِيعُ إلى ذُهُولِ
أقَمْتُ بأرْضِهِمْ فحللْتُ مِنْها … محَلَّ الخال في الخدِّ الأسيلِ
وَلَكِنْ قَادَنِي شَوْقِي إلَيْكُمْ … وحُبِّي كُلَّ معدومِ الشُّكُولِ
فَأطْلَعَ فِي سَمائِكَ مِنْ ثَنائِي … نُجُومَ عُلًى تَجِلُّ عَنِ الأُفُولِ
سوائِرُ تَمْلأُ الآفاقَ فضْلاً … تُعِيدُ الغُمْرَ ذَا رَأيٍ أصِيلِ
قَصائِدُ كالكَنائِنِ فِي حَشاها … سِهامٌ كالنُّصُولِ بَلا نُصُولِ
نزائِعُ عَنْ قِسِيِّ الفكرِ يُرمى … بِها غَرَضُ المَوَدَّة ِ والذُّحُولِ
وَكُنَّ إذا مَرَقْنَ بِسَمْعِ صَبٍّ … أصَبْنَ مَقاتِلَ الهَمِّ الدَّخِيلِ
إذا ما أُنْشدتْ في القومِ رقَّتْ … شمائِلُ يَوْمِهِمْ قَبْلَ الأَصِيلِ
تَزُورُ أبا عَلِيٍّ حَيْثُ أرْسَتْ … هضابُ العزِّ والمجدِ الأَثِيلِ
وَمَنْ يَجْزِيكَ عَنْ فِعْلٍ بِقَوْلٍ … لقد حاوَلْتَ عيْنَ المستحيلِ
وَكَيْفَ لِي السَّبِيلُ إلى مَقالٍ … يُخفِّفُ محملَ المنِّ الثَّقيلِ
فَلا تَلِمُ القَوافِيَ إنْ أطالَتْ … قطيعَة َ برِّكَ البَرِّ الوَصولِ
هَرَبْتُ مِنَ ارْتِياحِكَ حِينَ أنْحى … عَلَى حَمْدِي بِعَضْبِ نَدى ً صَقِيلِ
ولمّا عُذْتُ بالعلْياءِ قالَتْ … لَعَلَّكَ صاحِبُ الشُّكْرِ القَتِيلِ
فيا لَكَ مِنَّة ً فضحَتْ مَقالِي … ومِثْلِي في القَريضِ بلا مَثِيلِ
فعُذْراً إنْ عجزْتُ لِطُولِ هَمِّي … عَنِ الإسْهَابِ والنَّفْسِ الطَّوِيلِ
فإنْ وجى الجيادِ إذا تمادى … بها شفل الجياد عن الصّهيل