أرجُ الشبابِ وخمرُه المسكوبُ … لَيفوحُ من أردانِكُمْ ويطيبُ
ومنَ الربيعِ نضارةٌ بوجوهكم … تَنْدىَ . ومن شهدِ الحياةِ ضريب
ومنَ الفُتوّةِ سَلْسَلٌ متحدرٌ … مما يفيضُ يكادُ يُترَعُ كوب
وَلأنتُمُ إن غاب نجمٌ يُقتدى … أو حُمَّ خَطبٌ حالِكٌ غِرْبيب
وتأزمت كُرَبٌ ، وضاقت خطّةٌ … واستوحشتْ طرقٌ لنا ودُروب
سُرُجٌ تنير الخابطين ، وأنْجُمٌ … نغدو على أضوائها وَنَؤُوب
تتجهّمُ الدُّنيا ، ويعبسُ باسمٌ … منها ، ويعتوِرُ الحياةَ قُطُوب
حتى إذا ابتسمَ ” الشبابُ ” تذوُّبَتْ … كالغيمِ في الصّحوِ الجميلِ يذوب
يا عاكفينَ على ” الدُّروس ” كأنَّهُم … غُلْبُ الصُّقورِ من الظَماء تلوب
والعازفين عن اللذائذِ همُّهمْ … ” جَرَسٌ ” يُدقُّ ومِنبرٌ وخطيب
تركوا مواعيدَ الحِسانِ وعندَهُم … بين المقاعدِ مَوْعدٌ مَضروب
أشهى من الوجهِ الجميلِ إليهمُ … وجهُ ” الكتابِ ” وَوُدُّهُ المخطوب
إن العراقَ بلا نصيرٍ منكم … وبلا مُجيرٍ ، مُقفِرٌ وجديب
عاشت سواعدُكُم فهن ضوامنٌ … أن يُسْتَرَدَّ من الحقوقِ سليب
وَزَكتْ عواطِفُكُمْ فأَيةُ ثروةٍ … منها نكافيءُ مُخلِصاً ونُثيب
وَلأْنتُمُ أنْتُمْ – وليس سواكمُ … أملُ البلادِ وذُخْرُها المطلوب
وَلأْنتُمُ إذ لا ضمائرَ تُرْتَجَى … للرافدَيْن ، ضمائرٌ وقلوب
ولأنتُمُ إن شوّشتْ صفحاتِنا … مما أُجِدَّ نقائصٌ وذُنوب
الطّاهرونَ كأنهمْ ماءُ السّما … لم يَلْتَصِقْ دَرَنٌّ بِهِمْ وعيوب
إنّا وقد جُزْنا المَدَى وتقاربتْ … آجالُنا . وأمضّنا التجريب
وتحالفتْ أطوارُنا وتمازَجَتْ … ونبا بنا التَقريعُ والتأنيب
وتخاذَلَتْ خُطواتُنا من فَرْط ما … جَدَّ السُرى ، والشدُّ ، والتقريب
لنَراكُمُ المثلَ العليَّ لأمّةٍ … ترمي إلى أهدافها وتُصيب
هي أُمّةٌ لم تحتضن آمالها … وغداً إلى أحضانِكُمْ ستؤوب
وغداً يُكفَّرُ والدٌ عما جنى … ظلماً على يدِ إبنه ويتوب
فتماسكوا فغدٌ قريبٌ فَجْرُهُ … منكم . وكلُّ مُؤمَّلٍ لَقَريب
وِتَطلّعوا يُنِرِ الطريقَ أمامَكم … قَبَسٌ يشعُّ منارهُ ، مَشبوب
وتحالفوا أنْ لا يُفّرِقَ بينكم … غاوٍ .ولا يَنْدسَّ فيكُمْ ذيب
وتذكّروا المستعمرينَ فانَّهُمْ … سَوْطٌ على هذي البلادِ وحُوب
فتفهمّوا إنَّ العراق بخيره … وثرائه ، لطَغامِهِمْ منهوب
وتميزوا فهناك وجهٌ سافرٌ … منهمْ ، وآخرُ بالخنا محجوب
وسويّة في خِزيّةٍ مستعمرٌ … أو مَنْ يُقيمُ مقامَه ويُنيب
إياكُمُ أنْ تُخدعوا بنجاحكم … فيما هو المقروءُ والمكتوب
أو تَحْسَبوُا أن الطريقَ كعهدِكم … بين الصفوفِ ” معبّدٌ ” ورحيب
ان الحياة سيبلوَنَّ جهادَكم … منها نجاحٌ مرهِقٌ ورسوب
ومُسَهَّدينَ جزاهُمُ عن ليلِهِمْ … اللهُ ، والتعليمُ ، والتدريب
أضناهُمُ تعبٌ .. وخيرُ مجاهدٍ … مُضنى يُعَبِّئُ أمّةً ” متعوب “
أأُخيَّ ” عبودٌ ” ولستَ بمُعوِزٍ … مدحاً . ولكنَّ الجُحودَ مَعيب
إن كان مسَّك و ” الحسينَ ” كلالةٌ … أو كان نالكما عناً ولُغُوب
فلأنتما والشاعرون سويةٌ … كالشمع يَهدي غيرَه ويذوب
أُلاء غرسُكما فهل مِنْ غارسٍ … يزكو كهذا ، غرسُه ويَطيب
وهلِ الخلودُ ألَذُّ مما أنتما … فيه ، وأمرُ الخالدينَ عجيب
لا يحسبون وجودَهم . ووجودُهم … قبلَ الوجودِ ، وفوقه محسوب