أراعكَ ما راعني من ردى ؟ … وجُدتُ له مثلَ حزِّ المُدى
وهل في حسابِك أنِّي كَرَعْتُ … برُزءِ الإمامِ كؤوسَ الشَّجا؟
كأنّي وقدْ قيلَ لي إنّهُ … أتاهُ الرَّدى في يَمينِ الرَّدى
فقلْ للأكارم من هاشمٍ … ومن حلّ من غالبٍ في الثّرى
رِدوها المريرة َ طولَ الحياة ِ … وكمْ واردٍ كَدِراً ما انروى
وشقّوا القلوبَ مكانَ الجيوبِ … وجُزّوا مكانَ الشّعورِ الطُّلى
وحلّوا الحَبا فعلى رُزْئِهِ … كِرامُ الملائِكِ حلّوا الحُبا
ولِمْ لا؟ وما كتبوا زلّة ً … عليهِ وأى ُّ امرىء ٍ ما هفا؟
فيا ليتَ باكيَهُ مابكاهُ … وياليتَ ناعيَهُ مانَعى
به تقتدي عن إمامِ الورى … ويا ليتني كنتُ عنه الفِدا
هو الموتُ يستلبُ الصالحينَ … ويأخذُ مِن بيننا مَن يشا
فكم دافعوه ففاتَ الدفاعُ … وكم قد رَقَوْهُ فأَعيا الرُّقى ؟
مضى وهو صِفْرٌ منَ الموبقاتِ … نقيَّ الإزارِ خفيفَ الرِّدا
إذا رابهُ الأمرُ لم يأتِهِ … وإنْ خَبُثَ الزَّادُ والَى الطَّوَى
تعزَّ إمامَ الورى والذي … به نقتدي عن إمامِ الورى
وخلِّ الأَسَى فالمحلُّ الذي … جَثَمَتَ بهِ ليسَ فيهِ أسى
فإمّا مضى جبلٌ وانقضَى … فمنك لنا جبلٌ قد رسا
وإمّا فُجعنا ببدرِ التمامِ … فقد بَقيتْ منك شمسُ الضُّحى
وإنْ فاتنا منهُ ليثُ العرين … فقد حاطنا منك ليثُ الشَّرى
وأعجبُ ما نالنا أنّنا … حُرمنا المُنى وبلغنا المنى
لنا حَزَنٌ في محلّل السرورِ … وكم ضَحِكٍ في خلالِ “البُكا”
فَجَفْنٌ لنا سالمٌ من قذى ً … وآخرُ ممتلئٌ من قذى
فيا صارماً أغمدته يدٌ … لنا بعدكَ الصّارم المُنتضى
ويا رُكناً ذَعْذَعتهُ الخطوبُ … لنا بعد فقدكَ ركنٌ ثوى
ويا خالداً في جنانِ النعيمِ … لنا خالدٌ في جنانِ الدُّنا
فقوموا انظروا أيُّ ماضٍ مضَى … وقوموا انظروا أيُّ آتٍ أتى
فإنْ كانَ قادرُنا قد مضى … فقائمنا بعدَه ما مضَى
ولمّا دُوينا بفقدِ الإمامِ … عَجِلتَ إلينا فكنتَ الدَّوا
رضيناكَ مالكَنا فأرضنا … فما نبتغي مِنْكَ غيرَ الرِّضا
ولمّا حضرناكَ “عند” البياعِ … عرفنا بهديكَ طُرقَ الهدى
فقابَلْتَنا بوَقارِ المشيبِ … كمالاً وسنُّكَ سنُّ الفتى
وجئناكَ تَتْلو علينا العزاءَ … فعزَّيتَنا بجميل العزا
وذادتْ مواعظُكَ البالغاتُ … أخامِصَنا عن طريق الهَوى
وعلمّتنا كيف نرضى إذا … رضَى اللهُ أمراً بذاك القضا
فشمِّرْ لنا أيُّهذا الإمامُ … وكنْ للورى بعدَ فقرٍ غِنَى
ونحِّ عن الخلقِ بغيَ البُغاة ِ … وعُطَّ عن الدينِ ثوبَ الدُّجى
فقدْ هزَّكَ القوم قبلَ الضِّرابِ … فما صادفوكَ كليلَ الشّبا
وأعلَمَهم طولُ تجريبهم … بأنَّك أَوْلاَهُمُ بالعُلى
وأنَّكَ أضربُهم بالسّيوفِ … وأنَّك أَطعنُهم بالقَنا
وأنَّك أضربُهم في الرِّجا … لِ عِرْقاً وأطولُ منهم بنا
وأنكَ والحربُ تُغلى لها الـ … مراجلُ أوسعُ منهم خُطا
وأنَّك أجودُهم بالنُّضارِ … وأنَّكَ أبذلُهم للنَّدَى
سَقى اللهُ قبراً دفنَّا بهِ … جميعَ العفافِ وكلَّ التُّقَى
وجادَ عليه قُطارُ الصَّلاة ِ … فأغناهُ عن قَطَراتِ الحَيا
ومَيْتٌ له جُدُدٌ مابَلينَ … مآثرُهُ لا يَمَسُّ البِلى
وإنْ غابَ من بعدِ طولِ المَدى … فإنَّك أطولُ منه بَقا