أرأيتَ ما صنعتْ بنا الأيّام؟ … ضاعَ العزاءُ وضلَّتِ الأحلامُ
نبأٌ تُفَكُّ له الصدورُ عن الحِجا … وتهانُ أخطارُ النّهى وتضامُ
ومُصيبة ٍ وَلَجَتْ على ملكِ الورَى … أبوابه ” والذّائدون ” نيامُ
حلّ الرّجال بأمرها عقدَ الحبا … فكأنّهمْ وهمُ القعودُ قيامُ
واستوهلتْ آراؤهمْ فتراهُمُ … لا نَقْضَ عندَهمُ ولا إبرامُ
حاروا فليس لديهمُ إنْ خوطِبوا … أو خاطبوا فهمٌ ولا إفهامُ
كالغِمْدِ فارقَ نَصْلَه في مَعركٍ … والسّلكُ ملقى ليس فيه نظامُ
يأيّها الملك الذى لجلاله … يتعلّمُ التّوقير والإعظامُ
صبراً فبالأدبِ الذى أسلفته … فى النّائباتِ تأدّبَ الأقوامُ
أين التّشزّرُ للخطوب وأين ذا … ك الصَّبرُ والإطراقُ والإزمامُ؟
فالثِّقْلُ لا يسطيعُه مِن شارفٍ … ” كوماء ” إلاّ غاربٌ وسنامُ
والنّبعُ تسلبه النّجابة ُ فرعهُ … ونجا بلؤمٍ خِرْوَعٌ وثُمامُ
والثّلمُ ليس يكون إلاّ فى ظبا الـ … ـماضى ويخلو منه وهوَ كهامُ
والبُخلُ يَتَّرِكُ النّفيسَ وإنَّما … فقد النّفائسَ ماجدون كرامُ
والحربُ تقتنص الشّجاع، وآمِنٌ … فيها المنونَ الواهنُ المحجامُ
شبلٌ محا فيه الرّزيّة َ إنّه … باقٍ لنا من بعده الضّرغامُ
وثنيّة ٍ من يذبلٍ جدنا بها … ” إذْ ” يذبلٌ خلفٌ له وشمامُ
أخذَ الرَّدَى نَفْساً وغادرَ أنفساً … فاذهبْ حمامُ فما عليك ملامُ
وأحقُّ منّا بالبكاءِ ـ على الذي … سلب الزّمانُ الفضلُ والإنعامُ
والخيلُ قانية ُ النّحورِ كأَنَّما … بجلودِها الحِنّاءُ والعُلاّمُ
لم يدنُ منهنّ النّزول ولم يغبْ … عنهنَّ إِسراجٌ ولا إِلجامُ
وليبكهِ الرّمحُ الأصمُّ تعطّلتْ … حركاتُهُ والباترُ الصَّمْصامُ
ومؤمِّلون أَناخَ شُعْثَ رِكابهمْ … بفنائهِ “الإنفاضُ” والإعدامُ
بكروا ليستلبوا الغِنَى ويروِّحوا … فحلا لهمْ ثمرُ النّدى فأقاموا
يا نازحاً فَضَلَ الأكابرَ ناشئاً … وجنَى ثمارَ السِّنِّ وهْوَ غلامُ
تَزْوَرُّ عن صَبَواتهِ سُنَنُ الصِّبا … وتطيح عن خلواته الآثامُ
وقضى ولم تقض اللّبانة ُ ريبة ً … منه ولا عَلِقَتْ به الأَجرامُ
أمّا القلوبُ فإنَّهنَّ رواجِفٌ … حزناً ليومك والدّموعُ سجامُ
ماذا على الجَدَثِ الذي أسكنتَهُ … أَلاّ يمرَّ على ثراهُ غَمامُ؟
“يكفيه منك السّكب” إنْ جمدَ الحيا … والمستهلّ إذا السّحابُ جهامُ
أوْ لا يجاورَ روضة ً وضريحُهُ … منه بعرفك روضة ٌ ومدامُ
أو لا يُحيِّيه الرّفاقُ وعاكفٌ … للَّهِ منهُ تحيّة ٌ وسلامُ
قبرٌ تشقُّ له القلوبُ وقبله … عندَ القبورِ تُشقَّقُ الأهدامُ
وتعقّرُ المهجُ الحرامُ حيالهُ … وسواه تعقر عنده الأنعامُ
ما نحنُ إِلاّ للفناءِ وإِنَّما … تغترّنا بمرورها الأيّامُ
ومتى تأمّلْتَ الزَّمانَ وجَدْتَهُ … أجلاً وأيّامُ الحياة ِ سقامُ
نُضحي ونُمسي ضاحكين، وإِنَّما … لبكائنا الإصباحُ والإظلامُ
ونُسَرُّ بالعامِ الجديد، وإنَّما … تسرى بنا نحو الرّدى الأعوامُ
فى كلّ يومٍ زورة ٌ من صاحبٍ … منّا إلى بطن الثّرى ومقامُ
لاتُرتجى منه إيابة ُ قادمٍ … هيهاتَ أعوزَ من ردًى قَدَّامُ
فاسلمْ لنا ملكَ الملوكِ مُحَصَّناً … في راحتيك منَ الخطوب زِمامُ
تأبى المقادرُ ما أبيتَ ولا تزلْ … تجرى بما تختاره الأقلامُ
ولمن هويتَ نجاحة ٌ وفلاحة ٌ … ولمنْ شنئتَ الكبتُ والإرغامُ
فالملكُ مذْ رُفعتْ إليكَ أُمورُه … حرمٌ على كلّ الرّجالِ حرامُ