أجيران جيرون مالي مجير … سوى عطفكم فاعدلوا أو فجوروا
ومالي سوى طيفكم زائر … فلا تمنعوه إذا لم تزوروا
يعز علي بأن الفؤاد … لديكم أسير وعنكم أسير
وما كنت أعلم أني أعيش … بعد التفرق إني صبور
وفت أدمعي غير أن الكرى … وقلبي وصبري كل غدور
إلى ناس باناس لي صبوة … لها الوجد داع وذكرى مثير
يزيد اشتياقي وينموا كما … يزيد يزيد وثوارا يثور
ومن بردى برد قلبي المشوق … فها أنا من حره مستجير
وبالمرج مرجو عيشي الذي … على ذكره العذب عيشي مرير
نأى بي عنكم عدو لدود … ودهر خؤون وحظ عثور
فقدتكم ففقدت الحياة … ويوم اللقاء يكون النشور
أيا راكب النضو ينضي الركاب … تسير وخطب سراه يسير
يؤم دمشق ومن دونها … تجاب سهول الفلا والوعور
وجلق مقصده المستجار … لقد سعد القاصد المستجير
إذا ما بلغت فبلغهم … سلاما تأرج منه العبير
تطاول بسؤلي عند القصير … فمن نيله اليوم باعي قصير
وكن لي بريدا بباب البريد … فأنت بأخبار شوقي خبير
أعنون كتبي بشكوى العناء … وفيهن من بث شجوى سطور
متى تجد الري بالقريتين … خوامس أثر فيها الهجير
ونحو الجليجل أزجي المطي … لقد جل هذا المرام الخطير
تراني أنيخ بأدنى ضمير … مطايا براها الوجا والضمور
وعند القطيفة المشتهاة … قطوف بها للأماني سفور
ومنها بكوري نحو القصير … ومنية عمري ذاك البكور
ويا طيب بشراي من جلق … إذا جاءني بالنجاح البشير
ويستبشر الأصدقاء الكرام … هنالك بي وتوفى النذور
ترى بالسلامة يوما يكون … بباب السلامة مني عبور
وأن جوازي بباب الصغير … لعمري من العمر حظ كبير
وما جنة الخلد إلا دمشق … وفي القلب شوقا إليها سعير
ميادينها الخضر فيح الرحاب … وسلسالها العذب صاف نمير
وجامعها الرحب والقبة المنيفة … والفلك المستدير
وفي قبة النسر لي سادة … بهم للكارم أفق منير
وباب الفراديس فردوسها … وسكانها أحسن الخلق حور
والأرزة فالسهم فالنيربان … فجنات مزتها فالكفور
كأن الجواسق مأهولة … بروج تطلع منه البدور
بنيربها تتبرا الهموم … بربوتها يتربى السرور
وما غر في الربو العاشقين … بالحسن إلا الربيب الغرير
وعند المغارة يوم الخميس … أغار على القلب مني مغير
وعند المنيبع عين الحياة … مدى الدهر نابعة ما تغور
بجسر ابن شواش تم السكون … لنفسي بنفسي تلك الجسور
وما أنس لا أنس أنس العبور … على جسر جسرين إني جسور
وكم بت ألهو بقرب الحبيب … في بيت لهيا ونام الغيور
فأين اغتباطي بالغوطتين … وتلك الليالي وتلك القصور
لمقرئ مقرى كقمريها … غناء فصيح وشدو جهير
وأشجار سطرى بدت كالسطور … نمقهن البليغ البصير
وأين تأملت فلك يدور … وعين تقور وبحر يمور
وأين نظرت نسيم يرق … وزهر يروق وروض نضير
كأن كمائم نوارها … شنوف تركب فيها شذور
ومثل اللآلي سقيط الندى … على كل منثور نور نثير
مدار الحياة حياها المدر … مطار الثراء ثراها المطير
وموعدها رعدها المستطيل … وواعدها برقها المستطير
إلام القساوة يا قاسيون … وبين السنا يتجلى سنير
لديك حبيبي ومنك الحبا … وعندك حبي وفيك الحبور
فيا حسرتا غبت عن بلدة … بها حظيت بالحظوظ الحضور
ومنذ ثوى نور دين الإله … لم يبق للشام والدين نور
وإني لأرجو من الله أن … يقدر بعد الأمور الأمور
وللناس بالملك الناصر الصلاح … صلاح ونصر وخير
لأجل تلافيه لم يتلفوا … لأجل حيا بره لم يبوروا
بفيض أياديه غيث النجاح … لأهل الرجاء سموح درور
مليك بجدواه يقوى الضعيف … ويثرى المقل ويغنى الفقير
أرى الصدق في ملكه المستقيم … وملك سواه ازورار وزور
لعز الولي وذل العدو … نوال مبر وبأس مبير
بنعمته للعفاة الحبور … بسطوته للعداة الثبور
هو الشمس أفلاكه في البلاد … ومطلعه سرجه والسرير
إذا ما سطا أو حبا واحتبى … فما الليث من حاتم ما ثبير
إياب أبن أيوب نحو الشآم … على كل ما ترتجيه ظهور
بيوسف مصر وأيامه … تقر العيون وتشفى الصدور
رأت منك حمص لها كافيا … فواتاك منها القوي العسير
مليك ينادي رجائي نداه … ومولى جداه بحمدي جدير
وكم قد فللت جموع الفرنج … بحد اعتزام شاه طرير
بضرب تحذف منه الرؤوس … وطعن تخسف منه النحور
وغادرت غادرهم بالعراء … ومن دمه كل قطر غدير
بجرد عليها رجا الهياج … كأن صقورا عليها صقور
من الترك عند دبابيسها … صحاح الطلى والهوادي كسور
سهام كنائنها الطائرات … لهن قلوب الأعادي وكور
وعندهم مثل صيد الصوار … إذا حاولوا الفتح صيدا وصور
بحيشك أزعجت جأش العدو … فما نضر منه إلا نفور
تركت مصارع للمشركين … بطون القشاعم فيها قبور
تزاحم فرسانها الضاريات … فتصدم فيها النسور النسور
وإن تولد بكر الفتوح … إذا ضربت بالذكور الذكور
إلي شكا الفضل نقص الزمان … وهل فاضل في زماني شكور
حذارك من سطوة الجاهلين … وذو العلم من كل جهل حذور
وهل يلد الخير أو يستقيم … زمان عقيم وفضل عقير
شكت بكر فضلي تعنيسها … فما يجلب الود كفء كفور
فقلت لفضلي أفاق الزمان … ودر المراد ودار الأثير
وعاش الرجاء ومات الإياس … وسر الحجا وأنار الضمير
ووافى المليك الذي عدله … لذي الفضل من كل ضيم يجير
فلست أبالي بعيث الذئاب … إذا ما انتحى لي ليث هصور
ملكت فأسجح فما للبلاد … سواك مجير ومولى نصير
وفي معصم الملك للعز منك … سوار ومنك على الدين سور
لك والله في كل ما تبتغيه … بحق ظهير ونعم الظهير
أما المفسدون بمصر عصوك … وهذي ديارهم اليوم قور
أما الأدعياء بها إذ نشطت … لإبعادهم زال منك الفتور
ويوم الفرنج إذا ما لقوك … عبوس برغمهم قمطرير
نهوضا إلى القدس يشفى الغليل … بفتح الفتوح وماذا عسير
سل الله تسهيل صعب الخطوب … فهو على كل شيء قدير
إليك هجرت ملوك الزمان … فمالك والله فيهم نظير
وفجرك فيه القرى والقران … جميعا وفجر الجميع الفجور
وأنت تريق دماء الفرنج … وعندهم لا تراق الخمور