أجابَ دَمعي وما الدّاعي سوَى طَلَلِ … دَعَا فَلَبّاهُ قَبلَ الرَّكبِ وَالإبِلِ
ظَلِلْتُ بَينَ أُصَيْحابي أُكَفْكِفُهُ … وَظَلّ يَسفَحُ بَينَ العُذْرِ وَالعَذَلِ
أشكُو النّوَى ولهُمْ من عَبرَتي عجبٌ … كذاكَ كنتُ وما أشكو سوَى الكِلَلِ
وَمَا صَبابَةُ مُشْتاقٍ على أمَلٍ … مِنَ اللّقَاءِ كمُشْتَاقٍ بلا أمَلِ
متى تَزُرْ قَوْمَ مَنْ تَهْوَى زِيارَتَهَا … لا يُتْحِفُوكَ بغَيرِ البِيضِ وَالأسَلِ
وَالهَجْرُ أقْتَلُ لي مِمّا أُراقِبُهُ … أنَا الغَريقُ فَما خَوْفي منَ البَلَلِ
مَا بالُ كُلّ فُؤادٍ في عَشيرَتِهَا … بهِ الذي بي وَما بي غَيرُ مُنتَقِلِ
مُطاعَةُ اللّحْظِ في الألحاظِ مالِكَةٌ … لمُقْلَتَيْها عَظيمُ المُلْكِ في المُقَلِ
تَشَبَّهُ الخَفِراتُ الآنِسَاتُ بهَا … في مَشيِهَا فيَنَلنَ الحُسنَ بالحِيَلِ
قَدْ ذُقْتُ شِدّةَ أيّامي وَلَذّتَهَا … فَمَا حَصَلتُ على صابٍ وَلا عَسَلِ
وَقَد أراني الشبابُ الرّوحَ في بَدَني … وَقد أراني المَشيبُ الرّوحَ في بَدَلي
وَقَدْ طَرَقْتُ فَتَاةَ الحَيّ مُرْتَدِياً … بصاحِبٍ غَيرِ عِزْهاةٍ وَلا غَزِلِ
فَبَاتَ بَينَ تَراقِينَا نُدَفّعُهُ … ولَيسَ يَعلَمُ بالشّكوَى وَلا القُبَلِ
ثمّ اغْتَدَى وَبِهِ مِنْ دِرْعِهَا أثَرٌ … على ذُؤابَتِهِ وَالجَفْنِ وَالخِلَلِ
لا أكْسِبُ الذّكرَ إلاّ مِنْ مَضارِبه … أوْ مِنْ سِنانِ أصَمِّ الكَعْبِ مُعتَدِلِ
جادَ الأميرُ بهِ لي في مَوَاهِبِهِ … فَزانَهَا وَكَسَاني الدّرْعَ في الحُلَلِ
وَمِنْ عَليّ بنِ عَبْدِالله مَعْرِفَتي … بحَمْلِهِ، مَنْ كَعَبدِ الله أوْ كَعَلي
مُعطي الكواعبِ وَالجُرْدِ السّلاهبِ وَالـ … ـبيضِ القَواضِبِ وَالعَسّالَةِ الذُّبُلِ
ضاقَ الزّمانُ وَوَجهُ الأرْض عن ملِكٍ … مِلءِ الزّمانِ ومِلءِ السّهْلِ وَالجبَلِ
فنَحنُ في جَذَلٍ والرّومُ في وَجَلٍ … وَالبَرّ في شُغُلٍ والبَحرُ في خَجَلِ
من تَغلِبَ الغالِبينَ النّاسَ مَنصِبُهُ … وَمِن عَديٍّ أعادي الجُبنِ وَالبَخَلِ
وَالمَدْحُ لابنِ أبي الهَيْجاءِ تُنجِدُهُ … بالجاهِلِيّةِ عَينُ العِيّ وَالخَطَلِ
لَيْتَ المَدائحَ تَسْتَوْفي مَنَاقِبَهُ … فَما كُلَيْبٌ وَأهْلُ الأعصُرِ الأُوَلِ
خُذْ ما تَراهُ وَدَعْ شَيْئاً سَمِعْتَ بهِ … في طَلعَةِ البَدرِ ما يُغنيكَ عن زُحَلِ
وَقد وَجدتَ مكانَ القَوْلِ ذا سَعَةٍ … فإنْ وَجَدْتَ لِساناً قائِلاً فَقُلِ
إنّ الهُمَامَ الذي فَخْرُ الأنَامِ بِهِ … خيرُ السّيوفِ بكَفّيْ خيرَةِ الدّوَلِ
تُمسِي الأمانيُّ صَرْعَى دونَ مَبْلَغه … فَمَا يَقُولُ لشيءٍ لَيتَ ذلكَ لي
أُنْظُرْ إذا اجتَمَعَ السّيْفانِ في رَهَجٍ … إلى اختِلافِهِمَا في الخَلْقِ وَالعَمَلِ
هذا المُعَدُّ لرَيْبِ الدّهْرِ مُنْصَلِتاً … أعَدّ هذا لرَأسِ الفارِسِ البَطَلِ
فالعُرْبُ منهُ معَ الكُدْرِيّ طائرَةٌ … وَالرّومُ طائِرَةٌ منهُ مَعَ الحَجَلِ
وَمَا الفِرارُ إلى الأجْبالِ مِنْ أسَدٍ … تَمشِي النّعَامُ به في معقِلِ الوَعِلِ
جازَ الدّروبَ إلى ما خَلْفَ خَرْشَنَةٍ … وَزَالَ عَنْها وذاكَ الرّوْعُ لم يَزُلِ
فكُلّما حَلَمَتْ عذراءُ عِندَهُمُ … فإنّمَا حَلَمَتْ بالسّبيِ وَالجَمَلِ
إن كنتَ تَرْضَى بأنْ يعطوا الجِزَى بذلوا … منها رِضاكَ وَمَنْ للعُورِ بالحَوَلِ
نادَيتُ مَجدَكَ في شعري وَقد صَدَرَا … يا غَيرَ مُنتَحَلٍ في غيرِ مُنتَحَلِ
بالشّرْقِ وَالغَرْبِ أقْوامٌ نُحِبّهُمُ … فَطالِعاهُمْ وَكُونَا أبْلَغَ الرّسُلِ
وَعَرّفَاهُمْ بأنّي في مَكارِمِهِ … أُقَلّبُ الطَّرْفَ بَينَ الخيلِ وَالخَوَلِ
يا أيّها المُحسِنُ المَشكورُ من جهتي … وَالشكرُ من قِبَلِ الإحسانِ لا قِبَلي
ما كانَ نَوْميَ إلاّ فَوْقَ مَعْرِفَتي … بأنّ رَأيَكَ لا يُؤتَى مِنَ الزَّلَلِ
أقِلْ أنِلْ أقْطِعِ احملْ علِّ سلِّ أعدْ … زِدْ هشِّ بشِّ تفضّلْ أدنِ سُرَّ صِلِ
لَعَلّ عَتْبَكَ مَحْمُودٌ عَوَاقِبُهُ … فرُبّمَا صَحّتِ الأجْسامُ بالعِلَلِ
وَلاَ سَمِعْتُ وَلا غَيرِي بمُقْتَدِرٍ … أذَبَّ مِنكَ لزُورِ القَوْلِ عن رَجُلِ
لأنّ حِلْمَكَ حِلْمٌ لا تَكَلَّفُهُ … ليسَ التكحّلُ في العَينَينِ كالكَحَلِ
وَمَا ثَنَاكَ كَلامُ النّاسِ عَنْ كَرَمٍ … وَمَنْ يَسُدّ طَريقَ العارِضِ الهطِلِ
أنتَ الجَوادُ بِلا مَنٍّ وَلا كَدَرٍ … وَلا مِطالٍ وَلا وَعْدٍ وَلا مَذَلِ
أنتَ الشّجاعُ إذا ما لم يَطأ فَرَسٌ … غَيرَ السَّنَوّرِ وَالأشلاءِ وَالقُلَلِ
وَرَدَّ بَعضُ القَنَا بَعضاً مُقارَعَةً … كأنّها مِنْ نُفُوسِ القَوْمِ في جَدَلِ
لا زِلْتَ تضرِبُ من عاداكَ عن عُرُضٍ … بعاجِلِ النّصرِ في مُستأخِرِ الأجَلِ