أثرها وهي تنتعلُ الظِّلالا … وَإنْ ناجتْ مناسمها الكلالا
فليسَ بمنحنى العلمينِ وردٌ … يروِّي الرَّكبَ والإبلَ النِّهالا
وَهبها فارقتهُ فأيُّ وادٍ … تُصادفُ في مذانبهِ بلالا
كأنَّكَ حينَ تزجرها وترخي … أَزِمَّتَها تَروَعُ بِها رِئَالا
فَكَم تُدمي أَخِشَّتَها بِسَيرٍ … يُحَكِّمُ في غوارِبِها الرِّحالا
وتسري في ضميرِ اللَّيلِ سرَّاً … وتخطرُ في جواشنهِ خيالا
وَتَفْري الأَرضَ أحياناً يميناً … على لَغَبٍ، وآونة ً شِمالا
فتوطئها وإنْ حفيت جِبالاً … وتغشيها وقد رزحتْ رمالا
بِآمالٍ تُلَقِّحُهُنَّ عُجْباً … بهنَّ وهنَّ يسررنَ الحِيالا
وَلو خبرَ البريَّة َ من رجاهمْ … لشد على مطيته العقالا
إذا لم يَسْتَفِدْ مِنِهـمْ نَوالاً … فلم يزجي على ظلعٍ جمالا
طَلائِحَ كالقِسيّ، فَإنْ تَرامتْ … على عجلٍ به حكتِ النِّبالا
وَأَينَ أَغَرُّ إنْ يَفْزَعْ كَريمٌ … إليهِ يجدهُ للعافي ثمالا
إذا التفتت عُلاهُ إلى القوافي … وَفَدْنَ عَلى مَكارِمِهِ عِجالا
مَتى تُرِدِ الثَّراءَ فَلسْتَ مِنّي … وخدني غيرُ من سألَ الرِّجالا
فلا تصحب منَ اللُّؤَماءِ وغداً … يكونُ على عشيرتهِ عيالا
وشايعيني فإنيّ لستُ أبدي … لِمَنْ يَنْوي مُخالَصَتي مَلالا
ومن أعلقتهُ أهدابَ وعدٍ … بما يهواهُ لم يخفِ المطالا
أنا ابنُ الأكرمينَ أباً وأمّاً … وهم خيرُ الورى عمّاً وخالا
أَشَدُّهُمُ إذا اجْتَلَدوا قِتالاً … وَأَوْثَقُهُمْ إذا عَقَدوا حِبالا
وأرجحهم إذا قدروا حلوماً … وأصدقهم إذا افتخروا مقالا
وَأَصْلَبُهُمْ لَدى الغَمَراتِ عُوداً … إذا الخَفِراتُ خَلَّيْنَ الحِجالا
غَنُوا في جاهِلِيَّتِهِمْ لَقاحاً … ونارُ الحربِ تشتعلُ اشتعالا
ويسمعُ للكماة ِ بها أليلٌ … إذا خضبت ترائبهم إلالا
وإنْ دعيت نزالِ، مشوا سراعاً … إلى الأقرانِ، وابتدروا النِّزالا
يكبُّونَ العشارَ لمعتفيهم … ويروونَ الأسنَّة َ والنِّصالا
ويثنونَ المغيرة َ عن هواها … إذا الوادي بِظَعْنِ الحَيِّ سالا
ويحتقبون أعماراً قصاراً … وَيَعْتَقِلونَ أَرماحاً طِوالا
على أثباجِ مقربة ٍ تمطَّتْ … بِهمْ، وَرِعالُها تَنْضوا الرِّعالا
فجروُّا السُّمر راجفة ً صدوراً … وَقادوا الجُرْدَ راعِفَة ً نِعالا
بِأَيْدٍ يُسْتَشَفُّ الجودُ فيها … تُفيدُ مَحامِداً وَتُفيتُ مالا
وَأَوْجُهُهُمْ إذا بَرِقَتْ تَجَلَّتْ … عَلَيها هَيْبَة ٌ حَضَنَتْ جَمالا
وإن أشرقنَ فاكتحلتْ عيونٌ … بها لم ترضَ بالقمرِ اكتحالا
وَقَدْ مُلِئَتْ أَسِرَّتُها حَياءً … وألبستِ المهابة َ والجلالا
وفي الإسلامِ ساسوا النَّاسَ حتّى … هُدوا لِلْحَقِّ فَاجْتَنَبوا الضَّلالا
وَهُمْ فَتَحوا البِلادَ بِباتِراتٍ … كأنَّ على أغرَّتِها نمالا
ولولاهم لما درّت بفيءٍ … ولا أرغى بها العربُ الفصالا
وَقَدْ عَلِمَ القَبائِلُ أَنَّ قَوْمِي … أَعزُّهُمُ وأَكْرَمُهُمْ فَعالا
وأصرحهم إذا انتسبوا أصولاً … وأعظمهم إذا وهبوا سجالا
مَضَوا وَأَزالَ مُلْكَهُمُ اللَّيالي … وَأَيَّة دَولَة ٍ أَمِنَتْ زَوالا
وقد كانوا إذا ركبوا خفافاً … وَفي النّادي إذا جَلَسُوا ثِقالا
ولم يسلبهمُ سفة ٌ حباهم … وَكَيْفَ تُزَعْزِعُ الرِّيحُ الجِبالا
وفيمن خلَّفوا أسارُ حربٍ … كَأُسْدِ الغابِ تَقْتَحِمُ المَصالا
يراميهم أراذلُ كلِّ حيٍّ … وَهُمْ نَفَرٌ يُجيدُونَ النِّضالا
وَيَدْنو شَأوُ حاسِدِهِمْ وَيَنْأى … عليهِ مناطُ مجدهمُ منالا
وها أنا منهمُ، والعرقُ زاكٍ … أَشُدُ لِمَنْ يَكِيدُهُمُ القِبالا
نماني من أميَّة َ كلُّ قرمٍ … تردُّ البزلَ هدرتهُ إفالا
أُشَيِّدُ ما بَناهُ أَبي وَجَدِّي … وأحمي العرضَ خيفة َ أن يذالا
بعارفة ٍ أريشُ بها كريماً … إذا طلبَ الغنى كرهَ السُّؤالا
وكابي اللَّونِ يغمرهُ نجيعٌ … فيصدأُ أو أجدُّ لهُ صقالا
وكلِّ مفاضة ٍ تحكي غديراً … يعانقُ وهوَ مرتعدٌ شمالا
وقد أهدى الدَّبى حدقاً صغارا … لَها فَتَحَوَّلَتْ حَلَقاً دِخالا
وأسمرَ في نحولِ الصَّبِّ لدنٍ … كقدِّ الحبِّ ليناً واعتدالا
تبينُ لهُ مقاتلُ لم تصبها … بَسالَة ُ أَعْزَلٍ شَهِدَ القِتالا
وكيفَ يضلُّ في الظَّلماءِ سارٍ … وَيَحْمِلُ فَوْقَ قِمَّتِهِ ذُبالا
فإن أفخر بآبائي فإنِّي … أراهُمْ أَشْرَفَ الثَّقَلَيْنِ آلا
وفيَّ فضائلٌ يغنينَ عنهم … بها أوطأتُ أخمصيَ الهِلالا
تَريعُ شَوارِدُ الكَلِمِ البَواقِي … إِليَّ فَلا اجْتِلابَ ولا انْتِحالا
فإن أمدح إماماً أو هماماً … فلا جاهاً أرومُ ولا نوالا
وأنظمُ حينَ أفخرَ رائعاتٍ … تَكونُ لِكُلُّ ذي حَسَبٍ مِثالا
وأعبثُ بالنَّسيبِ ولستُ أغشى الـ … ـحرامَ فيقطرُ السِّحرَ الحَلالا
إذا وسعَ التُّقى كرمي فأهونْ … بخودٍ ضاقَ قلباها مجالا
ومن علقَ العفافُ ببردتيهِ … رَأَى هَجْرانَ غانِيَة ٍ وِصالا
فَلَمْ أَسَلِ المَعاصِمَ عَنْ سِوارٍ … وَلا عَنْ حَجْلها القَصَبَ الخِدالا
ولولا نوشة ُ الأيَّامِ منِّي … لما نعمَ اللِّئامُ لديَّ بالا
ولكنّي منيتُ بدهرِ سوءٍ … هُوَ الدّاءُ الذي يُدْعَى عُضالا
يُقَدِّمُ مَنْ يَنالُ النَّقْصُ مِنْهُ … وَيَحْرِمُ كُلَّ مَنْ رُزِقَ الكَمالا