أتَتْكَ وَلم تَبعُدْ على عاشِقٍ مِصرُ … ووافاكَ مشتاقاً لكَ المدحُ والشعرُ
إلى الملكِ البرّ الرحيمِ فحدثوا … بأعجبِ شيءٍ إنهُ البرّّ والبحرُ
إلى الملكِ المسعودِ ذي البأسِ والندى … فأسيافهُ حمرٌ وساحاتهُ خضرُ
يَرِقّ ويَقْسُو للعُفاة ِ وللعِدى … فللهِ منهُ ذلكَ العرفُ والنكرُ
يراعي حمى الإسلامِ لا زمنَ الحمى … ويَحلُو لَهُ ثَغْرُ المَخافَة ِ لا الثّغْرُ
إذا ما أفضنا في أفانينِ ذكرهِ … يقولُ جَهُولُ القَوْمِ قد ذَهَبَ الحَصرُ
تكنفهُ منْ آلِ أيوبَ معشرٌ … بهمْ نَهضَ الإسلامُ واندحض بها
بهاليلُ أملاكٌ على كلّ منبرٍ … وفي كلّ دينارٍ يسيرُ لهمْ ذكرُ
ويكفيكَ أنّ الكاملَ الندبَ منهمُ … ويكفيكهم هذا هوَ المجدُ والفخرُ
فيَا مَلِكاً عَمّ البَسيطَة َ ذِكْرُهُ … يُرَجّى وَيُخشَى عندهُ النّفعُ والضَّرّ
لكَ الفضلُ قد أزْرَى بفَضْلٍ وَجعفَرٍ … وأصبحَ في خسرٍ لديهِ فناخسرو
وأنسَيتَ أمْلاكَ الزّمانِ الذي خَلا … فلا قُدرَة ٌ منهم تُعَدّ وَلا قَدْرُ
وكم لكَ من فعلٍ جميل فعلتهُ … فأصبح معتزاً به البيتُ والحجرُ
وَمَن يَغرِسِ المَعرُوفَ يَجنِ ثِمارَهُ … فعاجلهُ ذكرٌ وآجله أجرُ
وطوبَى لمصرٍ ما حوت منك من عُلًى … ومن مبلغٌ بغداد ما قد حوتْ مصرُ
بكَ اهتزّ ذاكَ القطرُ لما حللتهُ … وَأصْبَحَ جَذْلاناً بقُرْبكَ يَفتَرّ
رَأى لَكَ عِزّاً لم يكُنْ لمُعِزّهِ … وبعد ضياءِ الشمسِ لا يذكرُ الفجرُ
لَئن أدرَكتْ مِصرٌ بقُربكَ سُؤلَها … فَيا رُبّ مصرٍ شَقّهُ بَعدَكَ البَحرُ
يزيلُ بهِ اللأواءَ جودكَ لا الحيا … ويَجلُو به الظّلماءَ وَجهُك لا البدرُ
بلادٌ بهَا طابَ النّسيمُ لأنّهُ … يزورُكَ من أرْضٍ هيَ الهِندُ وَالشَّحرُ
وكم مَعقِلٍ فيها مَنيعٍ مَلَكْتَهُ … وَلم يَحمِهِ جيرانُهُ الأنجُمُ الزُّهرُ
أنافَ إلى أن سارتِ السحبُ تحتهُ … فلولا نداكَ الجمُّ عزّ بهِ القطرُ
وَلَوْ عَلِمَتْ صَنعاءُ أنّكَ قادِمٌ … لحلتْ لها البشرى ودامَ بها البشرُ
ألا إنّ قَوْماً غِبتَ عنهُمْ لَضُيَّعٌ … وإنّ مكاناً لستَ فيه هو القفرُ
فيا صاحبي هبْ لي بحقكَ وقفة ً … يكونُ بها عندي لك الحمدُ والأجرُ
تحملْ سلاماً وهو في الحسن روضة ٌ … تزفّ بها زهرُ الكواكبِ لا الزهرُ
تُخَصُّ به مِصرٌ وَأكنافُ قَصرِها … فيا حَبّذا مِصرٌ ويا حَبّذا القَصرُ
بعيشكَ قبلْ ساحة َ القصرِ ساجداً … وقُمْ خادِماً عني هناكَ وَلا صُغْرُ
لدى ملكٍ رحبِ الخليقة قاهرٍ … فمجلسهُ الدنيا وخادمهُ الدهرُ
سأذكي لهُ بينَ الملوكِ مجامراً … فمن ذكره ندٌّ ومن فكري الجمرُ
بقيتَ صلاحَ الدينِ للدينِ مصلحاً … تصاحبكَ التقوى ويخدمكَ النصرُ
وخذْ جملاً هذا الثناء فإنني … لأَعجَزُ عن تَفصِيلِهِ وَليَ العُذْرُ
على أنّني في عصريَ القائِلُ الذي … إذا قالَ بَزّ القائِلينَ وَلا فَخْرُ
لعمري قدأنطقتَ من كان مفحماً … لك الحمدُ ياربّ الندى ولك الشكرُ