أترى في الوجود مثلَكَ عالِمْ … يردُ الناسُ بحرَه المتلاطمْ
أنت من أشرف العوالم ذاتاً … إنما هذه الرجال عوالم
أظهر الله فيك للناس سرّاً … ما لذاك السرّ الربوبيّ كاتم
ولك الله ما برحت صراطاً … مستقيما وعارضاً متراكم
وكل ظامٍ على مناهل ما أو … تيت من فضل ربك حايم
تتلقى الأفهام منك وما تنـ … ـطق إلاّ بالحق والحقّ ناجم
كلمات كأنهن سيوف … أين من فضلك السيوف الصوارم
يا قوام الدين الحنيفيّ والـ … ـدين لعمري بمثل ذاتك قائم
إنّما أنتَ رحمة في الأر … ض على أمَّة ِ لها الله راحم
أنتَ للحق واليقين صباح … راح يجلو ليلاً من الشك فاحم
شهد الله أنَّها معجزات … لم تسلم بالحق من لا يسالم
حجج تفحم المجادل بالباطل … والجاحد الألّد المخاصم
وضعت للورى موازين بالقـ … ـسط وفيها لا زال دفع المظالم
طاوَلَتْ هذه السماء بأيدٍ … قصّرت دونها يدا كل ظالم
لا تبالي إذا حكمْتَ بأمر اللـ … ـدي جادت يمينه بالكرائم
آمرٌ بالمعروف ناهٍ عن المنكر … آتٍ بالحقّ ماضي العزائم
وإذا ما أمرتَ لله أمراً … لست تخشى في الله لومة لائم
لك جدُّ الكلام والكلم الطيّـ … ـب يؤني امرئٍ ما يلائم
نَبَّهتْ من أرَدْتَ من سِنة الغـ … ـفلة فاستيقظ الذي كان نائم
رجع المجرم الذي اقترف الذنـ … ـب منيباً فيها وأصبحَ نادم
أعرَبتْ عن بلاغة ٍ لك أقلا … م فِصاحُ الإعراب وهي أعاجم
غرّدت ما جرت بأيديك في … الطرس شبيهاً تغريدها بالحمائم
نافثات وهي الجدوال للفضل … بقلب العدى سموم الأراقم
اتَّبعنا بالحق ملّة إبراهيم حنيـ … ـفاً والحقُّ بالحقِّ قائم
واتَّخذناه قبلة ً وإماماً … ومشيد البيت الرفيع الدعائم
ـب يؤتي كل امرىء ٍ ما يلائم … سلكوا في الندى سبيل المكارم
نشروا ذكر ما طوته الليالي … قبل هذا من عهد كعب وحاتم
كتبولا فوق جبهة الدهر أنّ … الدهر عبدٌ لهم رقيق وخادم
دَرَّ دَرُّ الندى أعاد أكُفّاً … منأناسٍ أعداؤهن الدراهم
من ليوث ضراغم وغيوث … وبحور سواهم وخضارم
قال منهم للمكرمات قؤول … هكذا هكذا تكون المكارم
يتعدى جميل فعلهم الناس … وإنْ كان ذلك الفعل لازم
طهّر الله ذاتهم واصطفاهم … قبل ما ينتجون من صلب آدم
دائم الفخر خالد الذكر ما غير … فخارٍ لكم مدى الدهر دائم
واردٌ شرعة العلوم التي ليس … عليها إذا وَرَدْتِّ مزاحم
لم ينلها سواك نعمة مولى … أنت فيها تحلّ طرق النعايم
طالما حثحث النياق حثيثاً … راغبٌ في بديع فضلك هائم
ووقفنا بموقف العلم والتد … ريس والفضل والندى والمكارم
وشهدنا معالم المجد فيها … قد تعالت فيا لها من معالم
ثم شِمْنا برق المكارم قد لا … ح سناه من بين تلك المباسم
ولثمنا يدي عظيم قريب … من عظيم تعدَّه للعظائم
كشفتْ غمَّة َ النوائب عنا … ثم نابت لنا مناب الغمائم
لم تزل تتبع الجميل جميلاً … فهي إذ ذاك ساجم إثر ساجم
هذه سيّدي عريضة داعيك … كانت عن الوداد تراجم
كلّما أثبتت مديحك فيها … كان إثباتها لمحو المآثم
أطلب العفو في مديحك والغفـ … ـران والصفح عن جميع الجرائم
فتقبّل مني وما زال قدماً … ناثراً في مديحك العبد ناظم
بقوافٍ على عداك عوادٍ … يا فدتك العدى ووجهك سالم