أأُهنيك قائلاً لك بشرى … أم اُعزّيك قائلاً لك صبرا؟
فرحة اردفت بترحة ثكلٍ … ساء فيها الزمانُ ساعة َ سرّا
شفعت فيه أوبة ٌ بذهابٍ … فمنحنا سجلين نفعاً وضرّا
ملأا بالسرور للمجد شطراً … من حشاه وبالكآبة شطرا
زمنٌ آب بالسعود حميداً … بعدما أقلق الركائب عصرا
قلت ألقى العصا وما كنتُ أدري … أنَّ فيها له مآربَ أخرى
بينما تكتسى وجوهُ الليالي … رونقاً للسرور إذ عدن غبرا
خيرُ يومٍ بدا بحلَّة زهوٍ … ما له تحتها تأبَّط شَرا
يا خليليَّ والحديثُ شجونٌ … فأجيلا معي إلى الحزم فكرا
خبراني عن الصواب برشدٍ … إن تكونا أحطتما فيه خبرا
كان لي في الأمور قلبٌ ولكن … بمقاديم دهشتي طار ذعرا
قد وفدنا لكي نهنّي المعالي … فوجدنا العيونَ منهنَّ عبرى
فماذا أواجهُ الفخرَ أم في … أيِّ شيءٍ أخاطب المجدَ جهرا؟
أبنعيٍ فأنثر الشجوَ دمعاً؟ … أم اُحيِّ فانظم السعدَ شعرا
فالليالي أقررن للجود عيناً … وعلى النعيِّ منه أقذين أخرى
ومن المكرمات أبكين جفناً … بعدما للسعود أضحكن ثغرا
طبت يا أرضُ بين حيٍّ وميتٍ … بالشذا عطرّاك بطناً وظهرا
فعزاءً «لمصطفى » المجد عن مَن … خلت «بالمصطفى » أهنّيه بشرى
رحلت بالجواد أيامُ دهرٍ … أين مرَّت من بعده قيل عقرا
كان بالأمس أنظرَ الناس ربعاً … وهو اليوم أطيبُ الناس قبرا
يا بني “المصطفى ” وبيتُ نداكم … قد بنى طائرُ الرجا فيه وكرا
شدتموه على التقى يهدمُ الدهرَ … ويبقى بناؤه مشمخرّا
لست أدري أأودعَ المجدُ منكم … بشراً فيه أم ملائك غرّا؟
خلَّد «المصطفى » به لكم الفخرَ … وزدتم «بالمصطفى » فخرا
أرجُ المجد لو تجسَّم نشراً … من شذاه لعطَّر الأرضَ نشرا
ولودَّت أترابُها الغيدُ أن قد … جعلته على الترائب عطرا
بسط الكفَّ بالسماح فقلنا: … أرسلت نوءَها الثريّا فدرِّا
ملكٌ في يديه عشرُ بنانٍ … نشأت للورى سحائبَ عشرا
زاد في قدره التواضعُ حتى … عاد عنه الزمانُ يصعر قدرا
فهو قلبُ العُلى وأيُّ مكانٍ … حلَّ فيه تواضعاً كان صدرا
بل هو العقدُ زانها وكذا العقـ … ـدُ يزين الفتاة َ جيداً ونحرا
لو تحكُّ النجومُ في عاتقيها … أخمصيه لقيل حسبُك فخراً
أطبقت ظلمة ُ الخطوب ولكن … بأخيه من ليلها شقًّ فجرا
فأرانا شمساً بوجه أبي “الها … دي» وشمنا به ـ ولا ليلَ ـ بدرا
ذاكَ مَن أزهرت مزايا عُلاه … فبدت والكواكبُ الزهر زهرا
جاء محضَ النجار أملسَ عرضٍ … فيه طابت حواضنُ المجد حجرا
عبقَ الجيب طاهرَ الردن والأذ … يال عفَّ الأزار سرّاً وجهرا
قد حلتْ لي أخلاقه في زمانٍ … قلتُ لمّا طعمته ما أمّرا
علمتني هي النظام إلى أن … قيل لي أنتَ أشعرُ الناس طرا
وأداروا لي المدامة منها … ثم قالوا تحبُّها قلتُ بهرا
ماجدٌ تطرب المسامعُ منه … من رقيق الثناء ما كان حرا
وإذا مرَّ في العطا ودَّ فيه … مجلسُ الجود لم يزل مستمرا
لا كمن إن تكلَّف الرفدَ يوماً … أكلتْ كفَّه الندامة ُ دهراً
ففداءاً لشبره باع قومٍ … لم تقس في ذراعها منه فترا
مدَّ لكن يداً صناع العطايا … طرَّزت بردتيه حمداً وشكرا
لا تفاخر به المجرَّة إلا … إن ترد تكسب المجرة َ فخرا
فهو بحرٌ ويقذف الدرَّ جوداً … وهي نهرٌ وليس يقذف درّا
وهو والمصطفى بنادي العُلى شفـ … ـعٌ وكلُّ يقوم في القوم وترا
حفظا حوزَة السماح وكلٌّ … دونها للعذول كم سدَّ ثغرا
فدمُ المكرمات لو لم يجيئا … لنعته يتائمُ الشعر هدرا
قد غرسنا فأثمر النظمُ حمداً … وسقيتم فأينع الجودُ وفرا
لسواه يا عاصراً حلبَ الفكر … بكفِّ الخسار تعصر خمرا
أيها الطيبون معقدَ أزرٍ … لكم الله شدَّ بالنصر أزرا
ذكركم بالجميل سار ولكن … كمسير الرياح براً وبحرا
قرّت الأرضُ بالجبال وكانت … هي والراسياتُ فيكم أقرّا
هاكموها بكرَ القريض وعنها … سائلاها هل مثلها افتضَّ بكرا؟
بسوى السحر لم تعب أي وعيـب … البابليات إنه كان سحرا
مزجت راحة َ السرور بضرٍّ … فأذاقت طعمين حلواً ومرا
همت في عفرها وما كلُّ من ها … م بوادي القريض يصطاد عفرا
زان تحبيرُها الطروسَ ففتّش … ما عداها تجده طرساً وحبرا