يَا طُولَ هَذَا اللَّيْلِ لَمْ أرْقَدِ … إِلاَّ رُقَادَ الْوَصِبِ الأَرْمَدِ
مِثْلَ اكْتِحَالِ الْعَيْنِ نَوْمِي بِهِ … بَلْ دُونَ كُحْلِ الْعَيْنِ بِالْمِرْوَدِ
أراقب الصبح كأني امرؤٌ … مِنْ رَاحَة ٍ فِيهِ عَلَى مَوْعِدِ
بِتُّ إِلَى أنْ رَاعَنِي ضَوْؤُهُ … وخلف سني إصبعي من يدي
تَعَجُّباً مِمَّا دَهَانِي بِهِ … أقْرَبُ جِيرَانِي لِذِي الأَبْعَدِ
رقى إليها كذباً لم يكن … مني على ممشى ولا مقعد
حتى أدلت بل ثنى لبها … عنى مقالُ الكاشح المفسد
فِي الصَّدْرِ مِمَّا بُلّغَتْ حِبَّتِي … مِثْلُ شِهَابِ الْقَابِسِ الْمُوقِدِ
إن بردت عن كبدي لوعة ٌ … طالت على القلب فلم تبرد
بل أيها الواشي بها عندنا … لاَ زِلْتَ لاَ تُعْجِبُنِي فَازْدَدِ
أنْتَ لَعَمْرُ اللّه أوْجَدْتهَا … علي حتى كدرت موردي
وكُنْتُ أسْبَانِي بِهَا صَاحِباً … يَعْتَلُّ فِي الأَمْرِ وَلَمْ يُوجَدِ
لَمْ تَرَ مِثْلِي مُغْرماً بِالْهَوَى … وَمِثْلَ عَبَّادَة َ لَمْ تَقْصِدِ
تَبْرُو لدى هَجْرِي وَأَدْوَى بِهِ … فلست بالحي ولا بالردي
لَكِنَّنِي مِثْلِ سَبِيلِهما … مِثْل سَلِيم الْحَيَّة ِ الأَسْوَدِ
شتان ذا منها وإرسالها: … أدَالِجٌ أنْتَ وَلَمْ تَعْهَدِ
غداة زمت إبلي غدوة ً … والْقَوْمُ مِنْ بَاكٍ وَمِنْ مُسْعِدِ
فَقُلْتُ: إِنْ آبُوا فَأنْتِ الْهَوَى … وإن أرح منك فلا تبعد
يَا عَبْدَ لاَ تَنْسَي فَلَمْ أَنْسَهُ … ممشاي بين المسجد المبتدي
يَوْمَ عُبَيْدُ اللّه كَالْمُعْتَدِي … عَلَيَّ فِي حُبِّكِ أوْ مُعْتَدِي
يقول إذ أبصرني مقبلا … فِي الْقَوْمِ مُعتَمّاً وَلَمْ أرْتَدِ
لَمَّا رَآهُ شَهِدَتْ عَيْنُهُ … مُشَوَّهَ اللّبْسَة ِ فِي الْمَشْهَدِ
هَذِي کلَّتِي دَلَّهَهُ حُبُّهَا … وكان حيناً من حصى المسجد
فقلت: يا صاح بها حيني … كلني لما بي لستُ بالمرشد
كنت كما قلت من أبنائهِ … وَفِتْنَتِي عَبْدَة ُ بِالْمَرْصَدِ
بينا كذا إذ برقت برقة ً … بَيْنَ رِدَاءِ الْخَزِّ وَالْمِجْسَدِ
بَيْضَاءُ حسْناً أشْربَتْ صُفْرَة ً … تهتز في غصن الصبى الأغيد
تحسدها الجارات من حسنها … وَمِثْلُ عَبَّادَة َ فَلْيُحْسَدِ
يَحْسُدْنَ مِنْهَا قَصَباً مَالِئاً … للقلب والخلخال والمعضد
والدر والياقوت يحسدنها … مناطة ً في الأوضح الأجيد
وَمَضْحَكاً مِنْها كَمَا أوْمَضَتْ … صيفية المزن ولم ترعد
وأنها حوراء مكحولة ٌ … غانية تغنى عن الإثمد
يَحْسُدْنَهَا ذَاكَ إِلَى صُورَة ٍ … قامت بها عندي ولم تقعد
لا عيب فيها غير تأخيرها … كل صباح وعدنا في غدِ