يا ليلة ً في آخر الشّهر … قد جئتِ بعد الصَّوم بالفطر
كشف الصباح لنا حوادثها … وتكشّفت عن مضمر الغدر
أصبحتُ منها غير مفتقر … أبداً إلأى حرس على وكر
هجمت عليَّ بحادث جلل … وهجومها من حيث لا أدري
خطبٌ ألمَّ ويا لنازلة ٍ … طلعت عليَّ به مع الفجر
في ليلة ليلاء تحسبها … يوم الفراق وليلة القبر
ما جنّ حتى جنّ طارقه … طرق المبيت بطارق الشر
وأظن أن الشمس ماكسفت … إلاّ لتكشف بعدها ضري
ولقد أقمت مقام ذي سفه … صعبَ المقامُ به على الحر
في منزل أخذوا مساحته … يوماً فما أوفى على شبر
يا مؤجري داراً سرقتُ بها … لا فزتَ بعد اليوم بالأجر
لولا الضرورة كنتَ مرتحلاً … عنها وكنت نزلت في قفر
دامي العيون على أُصَيبيَة ٍ … سوء الحظوظ وأوجه غر
ماعندهم صبر على أمل … يرجونه في العر لليسر
… لم يفرحوا بغلائل حمر
من كل مبتهج بكسوته … طرب الشمائل باسم الثغر
ناموا وما انتبهوا لشقوتهم … إلاّ انتباه الخوف والذعر
يتلفَّتون إلى غلائلهم … فدموعهم من فقدها تجري
ضاقت بهم بغداد أجمعها … واليوم ضاق لضيقهم صدري
ونظيرة الخنساءِ مكثرة … بالنوح باكية على صخر
ولقد عجبت لها ويعجبني … أمران ما اتفقا على أمر
أبكي على حظٍّ منيت به … وهي التي تبكي على القدر
هذا وتضحكني مقالتها … كيف البقاء بنا مع الفقر
فكأنما كانت وأين لها … في نعمة موصوفة الخير
هل كنت قبل اليوم في سعة … وملابس من سندس خضر
أو ما ذكرت العمر كيف مضى … لا كان ذاك العمر من عمر
إذ تذكرين جلاجلاً سرقت … ولقد نسيت الجوع في شهر
… خمص البطون حواني الظهر
صفرٌ يسؤوك ما عرفت بهم … من شؤم وقع حوادث غير
وعددت ألف قضيّة سلفت … تطوى الضلوع بها على الجمر
ما أنكرت منهنّ واحدة … فلطمتها بأنامل عشر
وعذرتها وعذلت عاذلها … والعذل بيَّنَ بَيِّنَ العذر
وقع البلاء فلم يفدْ جزع … فتعلّلاً بعواقب الصبر
بعد الرجاء بموطن خشن … يلقي الكارم بجانب وعر
بَلَدٌ كبارُ ملوكِه بَقَرٌ … صاروا ولاة النهي والأمر
… فبات يرعى الفرقدين والسها
لا يفقهون حديث مكرمة … فيهزّهم نظمي ولا نثري
أصبحتُ أشقى بين أظهرهم … فكأنني أصبحت في أسر
… حتى يريك النعل في الصدر
وإذا سألتهم بمسألة ٍ … بخلوا ولو بقلامة الظفر
ذهب الذين أنال نائلهم … وأعدّهم من أنفس الذخر
إنْ ساءَني زمنٌ سرِرت بهم … وكفيت فيهم صولة الدهر
ومدحتهم وشكرت نعمتهم … بغرائب الأبيات من شعري
ولئن شكرت بمثلها أحداً … فأبو الجميل أحقّ بالشكر
لم يبق من أهل الجميل سوى … عبد الغني ونيله الوفر
إلاّ تداركني برحمته … إني إذاً وأبي لفي خسر
وترحّلت بي عن مَباركِها … ولاّجة في المهمه القفر
ومبدّد الأموال مهلكها … بالمكرمات لخالد الذكر
قسماً به وجميل مصطنع … من فضله قسماً لذي حجر
لولاه ماعلق الرجاء ولا … عرف الجميل بأهل ذا العصر
ما زال أندى من مجللّة … بالقطر تملي سائر القطر
فانشر ثناءك ما استطعت على … عبق العناصر طيب النشر
مزجت محبته بأنفسنا … مثل امتزاج الماء والخمر
لفضائل شهد العدو بها … ومناقب كالأنجم الزهر
درعٍ يقي من كل نائبة … لا ما يقي من البرد والحر
أمعللَّي بحديثه كرماً … حَدِّثْ ولا حرج عن البحر
وإذا أثابك من مكارمه … فمثوبة في الأجر والفخر
أدعو له ولمن يلوذ به … في العالمين دعاء مضطر
أنْ لا يزال كما أشاهده … كالبدر أو في رفعة البدر