يا عَجَبا للعَذَارَى يَوْمَ مَعْقُلَةٍ، … عَيّرْنَني تحتَ ظلّ السِّدرَةِ الكِبَرَا
فَظَلّ دَمْعيَ مِمّا بَانَ لي سَرِباً … عَلى الشّبابِ إذا كَفْكَفتُه انحَدَرَا
فإنْ تكنْ لِمّتي أمسَتْ قدِ انطَلَقَتْ … فَقَدْ أصِيدُ بهَا الغِزْلانَ وَالبَقَرَا
هَلْ يُشتَمَنّ كَبِيرُ السنّ أنْ ذرَفتْ … عَيْنَاهُ أمْ هُوَ مَعذورٌ إنِ اعتَذرَا
يا بِشْرُ إنّكَ سَيْفُ الله صِيلَ بِهِ … عَلى العَدُوّ وَغَيْثٌ يُنْبِتُ الشّجَرَا
مَنْ مِثْلُ بِشْرٍ لحَرْبٍ غَيْرِ خامدةٍ … إذا تَسَرْبَل بِالمَاذِيّ وَاتّزَرَا
العَاصِبِ الحَرْبَ حَتى تَسْتَقيدَ لَهُ … بِالمَشْرَفِيّةِ، وَالعَافي إذا قَدَرَا
سَيْفٌ يَصُولُ أمِيرُ المُؤمِنين بِهِ … وَقَدْ أعَزّ بِهِ الرّحْمَنُ مَنْ نَصَرَا
كمُخدِرٍ من لُيُوثِ الغِيلِ ذي لِبَدٍ … ضِرْغامَةٍ يَحطِمُ الهاماتِ وَالقَصَرَا
تَرَى الأسُودَ لَهُ خُرْساً ضَرَاغِمُها … يَسْجُدْنَ مِنْ فَرَقٍ مِنهُ إذا زَأرَا
مُسْتَأنِسٍ بِلِقاءِ النّاسِ مُغْتَصِبٍ … للألفِ يَأخُذُ مِنْهُ المِقْنَبُ الخَمَرَا
كَأنّمَا يَنْضحُ العَطّارُ كَلْكَلَهُ … وَساعِدَيْهِ بِوَرْسٍ يَخضِبُ الشَّعَرَا
وَمَا فَرِحْتُ ببُرْءٍ مِنْ ضَنى مَرَضٍ … كَفَرْحَةٍ يَوْمَ قالُوا أخبَرَ الخَبَرَا
ألْفَتْحُ عِكْرِمَةُ البَكْرِيُّ خَبّرَنَا … أنّ الرّبِيعَ أبَا مَرْوَانَ قَدْ حَضَرَا
فَقُلْتُ للنّفْسِ: هَذي مُنيَةٌ صَدقتْ … وَقَدْ يُوَافِقُ بَعضُ المُنيَةِ القَدَرَا
كُنّا أُنَاساً بِنَا اللأوَاءُ فَانْفَرَجَتْ … عَن مثلِ مَرْوَانَ بالمصرَينِ أوْ عمرَا
مُشَمِّرٌ يَستَضيءُ المُظْلِمُونَ بِهِ، … يَنْكي العَدُوَّ وَنَستَسقي بهِ المَطرَا
ما النّيلُ يَضْرِبُ بالعِبْرَينِ دارِئَهُ … وَلا الفُرَاتُ إذا آذِيُّهُ زَخَرَا
يَعْلُو أعَاليَ عَانَاتٍ بِمُلْتَطِمٍ، … يُلْقي على سُورِها الزّيتونَ وَالعُشَرَا
تَرَى الصَّرارِيَّ وَالأمَواجُ تَلِطمُهُ، … لَوْ يَسْتَطِيعُ إلى بَرّيةٍ عَبَرَا
إذا عَلَتْهُ ظِلالُ المَوْجِ وَاعْتَرَكَتْ … بِوَاسِقَاتٍ تَرَى في مائِها كَدَرَا
بِمُسْتَطِيعِ نَدَى بِشْرٍ عُبَابُهُمَا … وَلَوْ أعانَهُمَا الزّابُ إذا انْحَدَرَا
لَهُ يَدٌ يَغْلِبُ المُعْطِينَ نَائِلُهَا، … إذا تَرَوّحَ للمَعْرُوفِ أوْ بَكَرَا
تَغْدُو الرّيَاحُ فتُمسي وَهيَ فاتِرَةٌ، … وَأنْتَ ذُو نَائِلٍ يُمْسِي وَما فَتَرَا
تَرَى الرّجَالَ لبِشرٍ وَهْيَ خَاشِعَةٌ … تَخاَشُعَ الطَّيْرِ للْبَازي إِذا انكدَرا.
مِنْ فَوقِ مُرْتَقِبٍ باتتْ شامِيَةٌ … تَلُفّهُ، وَسَمَاءٌ تَنْضحُ الدِّرَرَا
حَتى غَدا لَحِماً من فَوْقِ رَابِيَةٍ، … في لَيْلَةٍ كَفّتِ الأظفارَ وَالبَصَرَا
إذا رَأتْهُ عِتَاقُ الطّيْرِ أوْ سَمِعَتْ … مِنِ هَوِيّاً تَشَظّتْ تَبتغي الوَزَرَا
أصْبَحَ بَعدَ اختلافِ النّاسِ بَيْنَهُمُ … بِآلِ مَرْوَانَ دِينُ الله قَدْ ظَهَرَا
مِنْهُمْ مَساعِرَةُ الشّهباءِ إذ خمدتْ … وَالمُصْطَلوها إذا مَشْبوبُها استَعَرَا
خَلِيفَةُ الله مِنْهُمْ في رَعِيّتِهِ، … يَهْدِي بِهِ الله بَعْدَ الفِتْنَةِ البشرَا
بهِ جَلا الفِتْنَةَ العَمياءَ فانكَشَفَتْ … كَما جَلا الصّبحُ عَنهُ اللّيلَ فانسفَرَا
لَوْ أنّني كنتُ ذا نَفسَينِ إنْ هَلَكَتْ … إحداهُما كانَتِ الأخرَى لمنْ غَبَرَا
إذاً لجِئْتُ على ما كانَ من وَجَلٍ، … وَمَا وَجَدْتُ حِذاراً يغلِبُ القَدَرَا
كُلُّ امْرِىءٍ آمِنٌ للخَوْفِ أمّنَهُ … بِشرُ بنُ مَرْوَانَ وَالمَذعورُ من ذَعرَا
فَرْعٌ تَفَرّعَ في الأعيَاصِ مَنْصِبُهُ، … وَالعامِرَينِ لَهُ العِرْنينُ من مُضرَا
مُعْتَصِبٌ بِرِدَاءِ المُلْكِ، يَتْبَعُهُ … مَوْجٌ تَرَى فَوْقَهُ الرّايَاتِ وَالقَتَرَا
مِنْ كُلّ سَلْهَبَةٍ تَدْمى دَوَابِرُها … مِنَ الوَجا وَفُحولٍ تَنفُضُ العُذَرَا
وَالخَيلُ تُلقي عِتاقَ السَّخلِ مُعجَلةً … لأياً تُبِينُ بِها التّحْجيلَ وَالغُرَرَا
حَوّاً تُمَزِّقُ عَنْها الطّيْرُ أرْدِيَةً، … كغِرْقىء البَيض كَنّتْ تحتَها الشَّعَرَا
شَقَائِقاً مِنْ جِيَادٍ غَيْرِ مُقْرِفَةٍ، … كما شَقَقتُ من العُرْضِيّةِ الطُّرَرَا
يُزَيِّنُ الأرْضَ بِشْرٌ أنْ يَسِيرَ بها، … ولا يَشُدّ إلَيْهِ المُجْرِمُ النّظَرَا