قُمْ حِّي هذي المنشآت معاهدا … الناهضاتِ مع النُجومِ خوالدا
الشامخاتِ أنوُفهن إلى السما … والمطلعاتِ لفرقَدين فَراقدا
والفاتحاتِ على الخلودِ نوافذاً … والمجرياتِ مع الحياة روافدا
قم حيِّهنَّ ببعثِ شعب واثقاً … وَتَرضَّهُنَّ بخَلق جيلٍ جاهدا
جَلَّتْ بُنىً تَلدُ الرجال وقُدست … غُرفٌ تَبوَّأها الخلودُ مقاعدا
قم حييِّ هذي الموحيات صوامتاً … واستنطِقِ الحَجَرَ البليغ الجْامدا
واخلَعْ عليهنَّ المواهبَ تُجتلى … لا النثَرَ ، لا الشعرَ المعادَ ، قلائدا
يا بنتَ رسطاليسَ امُّكِ حرَّةٌ … تلد البنينَ فرائداً وخرائدا
وأبوكِ يحتضنُ السرير يَرُبُّها … ويقوتُها قلباً وذهنا حاشدا
مَشَتٍ القرونُ وما يزالُ كعهده … في أمسِ ، ” مشاءً ” يعودُ كما بدا
يستنزلُ الخَطراتِ من عَليائها … عُصْماً ويُدني العالمَ المتباعدا
لم يقتنصنْ جاهاً ولاسامَ النُهى … ذُلاً ، ولا اتخذَ الحريرَ وسائدا
جلَّ النُهى . الفكر أعظمُ عصمةً … من أنْ يُريدَ وصائفاً وولائدا
يا بنتَ رسطاليسَ قُصِّي نستمعْ … عن عاشِقيكِ أقارباً وأباعدا
عن واهبينَ حياتَهم ، ما استُعبِدوا … للشاكرين ، ولم يَذُموا الجْاحدا
والصاعدينَ إلى المشانق مثلما … ارتَقتِ النُّسورُ إلى السماءِ صواعدا
ومُحَرَّقين يُغازلون وَقودَها … شوقاً إليكِ ويَحمَدون الواقدا
والمُسمَلات عُيونُهم ، وكأنهم … بطيُوف شخصك يكحلون مراودا
قُصِّي فَدَيتُك من لَعوب غَضةٍِ … تَصِفُ القُرونَ مَخابراً ومَشاهداً
إني وَجدْتُ – وللشبابِ حدودهُ … أشهى بناتِ الفكر أقصاها مَدى
فتخلّعي نجدِ الفُهومَ عَوارِياً … وتَبَسمي نجد الفُنونَ نضائدا
وتطلَّبي نُزْجِ النفوسَ عزيزةً … هَدياً وننتظمُ القُلوبَ قصائدا
يا بنت رسطاليس لُحتِ ” بواسط ” … فَنزَلت ” حيّاً ” بالصبابة حاشدا
خصبَ الشُعور ستَحَمدين مولَّهاً … من أهله ، ومُغازلاً ، ومُراوِدا
إيهٍ ” بلاسمُ ” والمفاخرُ جَمةٌ … أحرزتَ مَنهُنَّ الطريفَ التالدا
أحرزتَ مجداً ليس ينفدَ ذكرهُ … طولَ المدى وبذلتَ كنزاً نافِدا
ذكرٌ يظَلُّ بكل خطوٍ يرتَمي … للصف ، او جرَسٍ يُدقُّ معاودا
خَبِّرْ فقد جُبتَ الحياةَ رخيَّةً … خضراء َ ، لم تكذِبْ لعينك رائدا
وحَلبتَ من غَفلات دهرِك شطرَها … وَقنَصتَ من مُتع النَعيم الشاردا
وانسَبْتَ في غُدرُ اللذائذ خائضاً … وخَبَرتَهن مصادِراً ومَواردا
أعرَفْتَ كالأثر المخلَّدِ لذةً … جازَتْ مخَلِّدها ، فكان الخالدا
لله درُّك من كريمٍ أنعَشَت … كفّاهُ روحاً من نبوغ هامدا
نَفَّقتَ من عَذَبات صبيان الحِمى … عِلْقاً بمُنعَرج الأزقةِ كاسدا
إني وَجدتُ مواهباً مطمورةً … كالزراع أينعَ لمُ يصادفْ حاصدا
ولربَّ أشعثَ لأغبرٍ ذي هامة … تُلقي على كَتَفيهِ ثقلاَ آيدا
ألوى به فَقرٌ فنكَّب خطوَة … جَهلٌ فزلَّ عن الفضيلةِ حائدا
قد راحَ يبعَثُ بالتعاسةِ راحماً … قد كان لولا ذاكَ يرجِعُ حاسدا
قُتِلَ العُقوقُ ، فكم قَتَلنا نابغاً … بين البُيوتِ ، وكم وأدنا قائدا
اولاء حمدُك عاقِباً عن عاقبٍ … أتريدُ احسنَ من اولئك حامدا
سيقولُ عنك الدهرُ : ثَمَةَ ماجدٌ … في الرافدين شأى الكريم الماجدا
هل غيرُ أن رُمتَ الثناء كما ادعي … نَفَرٌ ، وأن أنْبَهتَ ذكرَكَ عامدا
مجداً على مجد ، فتلكَ طَماحةٌ … يمشي عليها المجدُ نحوكَ قاصدا
كذَبوا فان الأكرمينَ طرائدٌ … للمَكْرُماتِ وإنُ حسِبنَ طرائدا
وإذا صدقتُ فللخلودِ مصايدٌ … أبداً تَلَقَّفُ من أتاه صائدا
يمشي الكريمُ مع التكرُّم توأماً … صنوٌ يسددُ خطوَ صنوٍ عائدا
حتى إذا بلغَ الجميلُ أشُدَّه … سارَ الكريمُ إلى المكارم فاردا
ما كان باللُغزِ الخلودُ وإنما … كان النفوسَ نوازلاً و صواعدا
هل غيرُ آلافٍ تروحُ كما اغتدت … بيَدى سواكَ طرائقاً وبدائدا
تغدو إلى مطمورةٍ ، إن لم تَرُحْ … للهوِ دوراً ، والقِمارِ موائدا
احييتَهُنَّ فكانَ عدلاً ناطقاً … هذا الجمادُ على سمِّكَ شاهدا
وضممتَهُنَّ لبعضِهنَّ مجْهِّزاً … جيشاً ترُدُّ به الوَباءَ الوافدا
الجهلَ : اكرمُ ذائدٍ عن موطنٍ … من راحَ فيه عن الجهالةِ ذائدا
أعطيتَ حقَّ العلمِ أوفاها ندى … ومدَدتَ للتعليم أزكاها يَدا
فاعطِ المعلمَ يا ” بلاسمُ ” حقهُ … واعضُدْ فقد عَدِمَ المعلمُ عاضداً
لو جازَ للحر السُجودُ تعبًّداً … لوُجدتُ عبداً للمعلِّم ساجدا
للمُتعَب المجهودِ في يَقظاتِهِ … والمرَتعي طيفَ المتاعبِ هاجدا
والمثُخنِ المجهولِ لم يَنشُد يداً … تأسوا الجْراحَ ولا تَطلَّب ناشدا
والمستبيحِ عُصارةً من ذهنِهِ … يغذو الألوفَ بها ، ويُحسبُ واحدا
قل للمعلم راجياً، لا راشداً … كن للشبيبةِ في المزالقِ راشدا
يا خالقَ الأجيالِ أبدِِعْ خَلْقَها … وتَوَّق بالإبداع جيلاً ناقدا
سيقولُ عهدٌ مقبلُ عن حاضرٍ … نُشوى عليه : لُعنتَ عهداً بائدا
ولسوفَ يبرأ عاقبٌ عن أهلهِ … ولسوفَ يَتَّهِمُ البنونَ الوالدا
قل للشبيبة حينَ يعصِفُ عاصف … ألا يَظلُّوا كالنسيمِ رواكدا
وإذا اغتَلَتْ فينا مراجلُ نقمةٍ … ألا يكونوا زمهريراً باردا
هيِّئ لنا نشءاً كما انصَبَّ الحيا … لُطفاً ، ونشءاَ كالزلازل راعدا
فلقد رأيتُ اللهَ يخلُق رحمةً … مَلَكاً ، ويخلُقُ للتمردِ ماردا
ومحمداً ما إنْ أهابَ بجيشهِ … يطأ البلادَ روابياً و فدافدا
ويكُبُّ جباراً ، ويُعلي مُدقعاً … ويُنيرُ خابطةً ، ويُنهضُ راقدا
لو لم يعبّئ للقيادةِ ثائِراً … حَنِقأً على نُظُمٍٍ بَلينَ وحاردا
ما إن يروحُ مع الضعيف مُطاوعاً … من لا يروحُ على القويِّ معاندا
وأذلُّ خلقِ اللهِ في بَلَدٍ طغت … فيه الرزايا من يكونُ محايدا
نشءٌ يقوِّمُ من زمانٍ فاسدٍ … لا كالزمانِ يكونُ خَلْقاً فاسدا
عُلِّمْتُمُ فُرْضَ الحسابِ فأنتُمُ … أدرى بِهنَّ فوائداً وعوائدا
ما إن تُعجِّلُ جيلٍ ناقصاً … إلاّ تحمَّلَ من عناءِ زائدا
أطلِقْ يدَ التحليل في تاريخهم … حراً ، وفكَّ من العِقال أوابدا
لابُدَّ من فَهم الحياةِ مَعايباً … ومفاخِراً ، ولذائذاً ، وشدائدا
جنباً إلى جنبٍ يُتمِّمُ بعضها … بعضاً كما انتظَم الجُمانُ فرائدا
علِّمْهُ حُبَّ الثائرين من الورى … طُرّاً ، وحُبَّ المخلصينَ عقائدا
واجْلُ الشٌّعوبَ كرائماً لا تَنتَقِصْ … شعباً ، ولا تَقحَمْ عليه شواهدا
واجلُبْ له أمسٍ البعيدَ مَراجِعاً … وألِحْ له أمسِ القريبَ مساندا
أرِه لثورته عِظامَ جماجمٍ … وابعَثْ له زنداً أطنَّ وساعدا
وإذا تقصَّاكَ الدليلُ مسائلاً … عن أيّ شيءٍ أعقَبَتْ ومناشدا
فابعثْ له الاشباحَ يشهدْ عندَها … ما يستفِّز مًطالعاً ومُشاهدا
يشهدْ خيالاً عارياً ومُجَوَّعاً … من أهلهم ومُضايقاً ومُطارَدا
أصِلحْ بنهجِك منهجاً مُستعبداً … صُنعَ الغريبِ ، على الثقافةِ حاقدا
قالوا : قواعدُ يبتنيها غاضبٌ … وسْطَ العراق على الكرامةِ قاعدا
تحتلُّ منه مشارفاً ومَناهلاً … وتَسدُّ منه مسالكاً و منافذا
ساقَتْ جُيوشَ الموبقاتِ حواشداً … للرافدين مع الجيوشِ حواشدا
ما كان أهونَ خطبَهُ مستعمراً … لو لم يُقِمْ وسْط العقولِ قواعد