وفتِ السعودُ بوعدها المضمونِ … وترادفتْ بالطـائر الميمـون
وعلا لواءُ المسلمينَ وشافهوا … تحقيقَ آمالٍ لهم وظنونِ
وأضاءتِ الدنيـا وسُلَّ صباحُها … من بينِ جانحتي دجى ودجون
واخضرَّ مغبرُّ الثرى فنسيمهُ … يثني على سقيا أجشَّ هتونِ
بالفتحِ فتحَ بابه ذو عزة ٍ … وَعَد الإجـابة حين قال: ادعوني
إنَّ الحديثَ لذو شجونٍ فاستمع … أحلى حديثٍ بل ألذَّ شجونِ
أما الممالكُ فالسرورُ مطنبٌ … في مستقر سريرها الموضونِ
شقّتْ عقيـقَ شفاهِهـا مُفترَّة ً … عـن مَبَسمٍ كـاللؤلؤِ المكْنونِ
بعدَ اعتراضِ اليأسِ نالَ محاقهُ … قمرُ الرجاءِ فعادَ كالعرجونِ
فضـلٌ من اللهِ العزيـزِ ونعمـة ٌ … كفّتْ فضولَ البغـيِ من ” فَضْلون ”
لمّا اغتـدى جـارَ الغمامِ وغره … بالومضِ بارقُ رأيهِ المأفون
في شامخٍ أيست وفودُ الريح من … جرِّ الذُّيـولِ بصحنِـهِ المسكونِ
لم تفترعْـه الحـادثاتُ ولم تطُـفْ … إلا بمحـروسِ الجهاتِ مَصـونِ
يَلقـى برَوقَيْـهِ النجومَ مُناطحاً … ويحكُّ بالأظلافِ ظهرَ النون
أَنْستْهُ بِطْنتُه أيـاديَ مُنعـمٍ … سدكٍ بعادة ِ لطفهِ مفتونِ
في ضِمنِ بُرديـهِ مَهيبٌ مُتّقى ً … وعليهِ بشرُ مؤملٍ مأمونِ
كالمرخِ يبدي الاخضرارَ غصونه … والنارُ في جنبيهِ ذاتُ كمونِ
فبغى ، وألسنة ُ القنا ينذرنهُ … برحى ً لحِبّاتِ القلوب طَحونِ
وطَغى ، ومن يَستغْنِ يطغِ كما الثّرى … إن يروَ يوصف نبتهُ بجنونِ
وافْـتنَّ في آرائـهِ مُتلوِّنـاً … كأبي بَراقِشَ أو أبي قَلَمونِ
طَوراً يجـُرُّ فـؤادُهُ رسَنَ المُنى … أيْ كيفَ أُلْحَقُ والمجـرَّة ُ دوني
ويقيسُ طَوراً حصْنَه بالسجنِ من … فَشِلٍ وراءَ إهـابِـهِ مَسجونِ
والحربُ تَنكِـحُ والنفـوسُ مهورُها … ما بينَ أبكارٍ تزفُّ وعونِ
والبيضُ تقمرُ والغبارُ كأنه … خِرَقٌ شُقِقْنَ من الدّآدي الجُونِ
والنبلُ يمطرُ وبلهُ من منحنى … نبعٍ كمرتجزِ الغمام حنونِ
رَشْقاً كألحاظِ الحسانِ رمى بها الـ … ـعُشّاقَ قوسُ الحاجبِ المقرونِ
وتطيرُ أفلاذُ الجبالِ كأنها … من كلِّ ناحية ٍ تقولُ: خـذُوني
صُمٌّ رَواجعُ إنْ تزِنْ رَضْوى بها … تُخْبرْكَ عن كميِّـة ِ الكمّـونِ
وترى الدماءَ على الجراحِ طوافياً … فكأنها رمدٌ بنجلِ عيونِ
حتى إذا نضِبَتْ بحارُ عُبابِـه … عنهُ سوى حمأٍ بها المظنونِ
ركبَ البحـارَ سُحَـيرَة ً وتخايلَتْ … صُورُ النجـاة ِ لوهْمِهِ المظْنونِ
وتدبَّرتْ عُصْمُ الوُعولِ مكانَهُ … وغدا كضبٍّ بالعراءِ مكونِ
فإذا الطلائع كالدبا مبثوثة ٌ … لفوا سهولاً خلفهُ بحزونِ
يطؤونَ أعقابَ العتاة ِ كما هوى … نجمٌ لرجلِ الماردِ الملعونِ
كانوا التُّيوسَ ولا قُرونَ فكلّلّتْ … سمرُ الرماحِ رؤوسهم بقرونِ
وأتّوا بفضْلونَ الشّقيِّ كأنّهم … نبشوا به الغبراءَ عن مدفونِ
في قدِّ رابي الأحْدَبَيْـنِ أبـانَهُ … عن سرجِ راسي الوطأتينِ حرونِ
أعطى المقادَ بأرض فارسَ راجلاً … يَفْدي الدّمـاءَ بمالـهِ المخزونِ
متدحرجاً من طودِ نخوتهِ إلى … سفحٍ من القدرِ الدنيِّ الدونِ
لولا عواطـفُ راية ٍ رَضَويّة ٍ … عَقدتْ حُباهُ عـلى دمٍ مَحْقونِ
وقَضيّـة ٌ مـن سيرة ٍ عُمريّة ٍ … حكمت بفكِّ لسانهِ المرهونِ
لتَضلّعتْ طـيرُ الفـلا وسباعُها … من شِلْوِه المُلقى بـدارِ الهُونِ
نسبوا إلى الشيخِ الأجلِّ إباقهُ … عنتاً، وعُونيَ فيهِ مـا قد عُوني
فالذنْبُ ذنبُ السامـريِّ وعجْلِهِ … مـادٌ وأجـرٌ ليس بالمنـون
ولذاك أرسى كلكلاً خشعت لهُ … شُمُّ الحصونِ فسُوِّيتْ بصُحونِ
ليثٌ تواضـعَ في الفريسة ِ فاجْتَرى … بالتيسِ ذي القرنينِ والعثنونِ
أهلاً بأخلاقِ الوزيرِ كأنها … دَمَثُ الحُزونِ وفَرحـة ُ المحزونِ
قد شالَ عبءَ الملك منه بازلٌ … لا يستطيعُ صيالهُ ابن لبون
لم يرعَ أكنافَ الهُوَيْنى مُمْرِجـاً … نعمَ الرَّفـاهة َ في رياض هُدون
خلعٌ كما ارتدت الفرندَ صفيحة ٌ … أَهدى الصقالَ لها أكفُّ قُيونِ
واسْمٌ طوتْ ذكـراهُ كـلَّ مسافة ٍ … في الأرضِ نائيـة ِ المزارِ شَطونِ
يفشي ثناهُ كاتبٌ أو راكبٌ … من بطنِ قرطاسٍ وظهرِ أمونِ
ولعلَّ كرمانَ المروعة َ ترتدي … منهُ بأمنٍ شاملٍ وسكونِ
فقد اغتدى كالزيرِ نضواً بمها … وأحسَّ أهلـوها برَيـب مَنـونِ
نكبتهـمُ الأيـامُ حـتى إنَّهم … مرنوا على النكباتِ أيَّ مرونِ
أهون بحرِّ وطيسها لو أنهُ … نادى بها: يا نـارُ برداً كوني
فلينتظر غدهُ لأنّ نصيبهُ … من يومه كعجالة ِ العربونِ
وليسترح من طعنِ لباتِ العدا … بمُجاجِ لبَّـة ِ دَنِّـهِ المطْعونِ
من كفِّ أغيدَ ما لكفي ربهِ … إذ يشتريه، صفقة ُ المغْبـونِ
وليسمحنَّ بصبرة ٍ من عسجدٍ … مُكتالة ٍ لكـلامـيَ المـوْزون
فقد استذلنيَ الزمانُ وقبلَ ذا … ما كانَ يَسمحُ للزَّمـانِ قُـروني
وليملكـنَّ كنـوزَ قـارونٍ كما … ورثت عداهُ الخسفَ من قارونِ
ولتبقَ دوحة ُ عزهِ ملتفة ً … في خضرِ أوراقٍ وملدِ غصونِ