وافتكَ والزُّهْر في روض الدُجى زَهَرُ … والفجر نهرٌ على الظلماء منفجر
فأقبلت هي والصبح المنير معاً … حتى تحير في ضوءيهما النظر
وأسفرَتْ عن سَنى وجه أبانَ لنا … بدر التمام ولكن ليله الشعر
غرَّاء لولا اتضاحُ الفَرق لاحَ لنا … ما شَكَّ ذو بصيرٍ في أنَّها القمرُ
إن تجلُ غرَّتَها فالصبحُ متَّضحٌ … أو تُرخِ طِرَّتها فالليلُ مُعتكِرُ
هنديَّة ٌ فعلت منها اللِّحاظُ بنا … ما ليس تفعلُه الهنديَّة ُ البتُرُ
حوراءُ ما بَرِحتْ من سحر مُقلتِها … تسبي العقول بطرفٍ زانه حور
تديرُ من ثَغرها راحاً معتَّقة ً … كأنَّما ثغرُها للرَّاح مُعتصَرُ
هيفاءُ مائسة ُ الأعطافِ ما خطرت … الاّ وكان لنا من عشقِها خطَرُ
لم تخشَ ثأراً بما أرْدت لواحظُها … دم المحبين في شرع الهوى هدر
كانت ليالي الهوى من مصلها غرراً … حتى تناءت فأمسى دونها غرر
يا ربة الحسن مهلاً قد أسأت بنا … مالي على كل هذا البين مصطبر
أما لقربك من وعدٍ أسر به … حتَّامَ لا وطنٌ يدنو ولا وطرُ
نأيت هجراً فلا وصلٌ ولاسببٌ … وبنت داراً فلا عينٌ ولا أثر
إن تعتبي لا تحيليني على قدرٍ … ما كلُّ هذا الجفا يَجري به القدرُ
فاقضي الذي شِئتِ من صدٍّ ومن بُعَدٍ … ذنبُ الحبيب على الحالينِ مُغتَفَرُ
كم عاذلٍ ضل يلحوني فقلت له … حظِّي هواها وحظُّ العاذلِ الحجَرُ
فقال عشقُك هذا كلُّه عبَثٌ … فقلتُ عذلُكَ هذا كلُّه هذَرُ
يا لائمي غيرُ سَمعي للملامِ فلي … حبٌ توازر فيه السمع والبصر
إن كان لي من هواها لا بليت به … وزرٌ فلي من عليٍ في العلى وزر
الماجد الندس السامي برتبته … أبو الحسين السري الصارم الذكر
الموسوي الذي واست مكارمه … عفاتِه وهمى من كفِّه المطرُ
مهذبٌ نال من أسنى العلى رتباً … قد رامها قبله قومٌ فما قدروا
فضمَّ شملَ المعالي يافعاً وحَوى … من المحامد ما لم يَحوِهِ بَشرُ
إن ساد آباؤه قِدماً فبينهما … فرقٌ كما افترق الأشجار والثمر
يولي الجزيل ولا يمنن بكثرته … ويوسعُ الضَّيفَ قَلُّوا وإن كثروا
إسمع مدائحه وانظر إليه تجد … وصفاً تَطَابَق فيه الخُبْر والخَبر
ما رام حصر معاليه أخو لسنٍ … إلاَّ اعترى نُطقَه من دونها حَصَرُ
وما عسى يبلغ المطرى مديح فتى ً … مطوَّل المدح في عَلياه مختصرُ
ما مهدياً لي نظماً خلته درراً … يشنف السمع لا بل دونها الدرر
قلدتني منناً لا أستطيع لها … شكراً ولو ساعدتني البدو الحضر
فخذ إليك عَروساً بتُّ أنظمُها … ليلاً فيحسد ليلي عندها السحر
تُثني عليك كما أثنى لشكر يدٍ … على الحيا من رياض نشرها العطر
ولا برحت مدى الأيام في دعة ٍ … يمدُّك المُسْعِدان السَّعدُ والعُمُرُ