مضى ريب المنون بهم جميعا … وقوض ذلك البيت الرفيعا
ألم بهم مداركة فأفنى … أصولهم الزكية والفروعا
وكنت صبرت بعض الصبر عنهم … بباق منهم جبر الصدوعا
فلما ابن جدت في أناتي … مآتمهم وأقلقت الضلوعا
وبت إذا تذكرهم فؤادي … رأيت خواطري تجري دموعا
فيا قلبي وشيمتك التأسي … نهيتك عن نهاك فكن جزوعا
عذرتك أن تراع فبعد هذا … يشق على الحوادث أن تروعا
أمين إذا سكت فمن نديم … تهز شجونه الفطن السميعا
وإن تلق اليراع فمن أديب … متى يدع الخيال يجب مطيعا
عصامي البيان عن ابتداع … وإن لم ينس إلفته رضيعا
تضوع خلاله أدبا وظرفا … كما تهوى الأزاهر أن تضوعا
إذا نثر الطرائف مرسلات … أعز السهل وافتتح المنيعا
وإن نظم العراب من القوافي … أبت في النابغين له قريعا
شوارد تستضيق الأرض حدا … أوابذ ترتمي الأمد الوسيعا
أوانس راقصات مرقصات … يكاد الحلم يشهدها خليعا
معانيها سبت لب المعاني … وسحر بديعها فتن البديعا
غلت عن سائم والعصر عصر … إذا ما سيم فيه العرض بيعا
وتأخذها النهى نهبا مباحا … فتستكفي بها ظمأ وجوعا
وما يزهي مدبجها بسامي … مكانته فتحسبه وضيعا
إذا ما رمت غايات المعالي … وموطنها القلوب فكن وديعا
أمين طواك ليل خفت ألا … يكون ظلامه الداجي هزيعا
وأن يفنى بفخر منك فيه … فيأبى فجره الثاني طلوعا
على أني إخالك غير قال … سكينته ولا باغ رجوعا
وكنت المرء شارف من يفاع … فجال العمر واجتنب الوقوعا
فلم تسمع وأنت هناك لغوا … ولم تك رائيا إلا ربيعا
وتنضي واضح الحدين رأيا … فيملأ كل غامضة سطوعا
وترثي للأنام من الليالي … ولا يلقاك حادثها هلوعا
وتأنف أن تبيت على رجاء … ولست لما ترجي مستطيعا
يضيع المرء ما كسبت يداه … بمطمعه ويملكه قنوعا
فضائل أعطت الدنيا جمالا … ولكن لم تدعك بها ولوعا
فيا أسفي على تلك المزايا … وحاشا طيب ذكرك أن تضيعا
أحاشي الذكر وهو بغير جدوى … بطيئا ما تنوسي أو سريعا
وهل هو غير أفعال مواض … تذيع وفضلها ألا تذيعا
وهل في الشهرة اليقظى خلود … يرام لخالد عنها هجوعا
ألا إني ومرثيتي أمينا … لساق صخرة الوادي نجيعا
وأعلم أن أبلغ كل مدح … مليت مجده وسع الربوعا
غرور باطل كغرور يوم … رثى فيه الضحى نسرا صريعا
فصاغ من الشعاع له خيالا … وألقاه بجانبه ضجيعا
سموت إلى الحقيقة وهي شأو … فدعنا ظالعا يتلو ظليعا