لِمَنْ أَيْنُقٌ يا سَعْدُ تُرْقِلَ أو تخدي … تغورُ في غور وتنجدُ في نجد
حَوَانٍ كأمثال القسيّ سهامها … أعاريب ترمي بالسرى غرض القصد
لهم فتكاتُ البيض والبيض شُرَّعٌ … بأغبر من وقع الحوادث مسودّ
صوادٍ إلى ورد المنون ومالهم … من العِزّ إلاّ كلّ صافية الوِرْد
جحاجحة ٌ شمُّ العرانين هتَّفٌ … بكلّ بعيد الغور ملتهب الزند
على مثل معوجّ الحنايا ضوامر … طَوَيْنَ الفيافي كيف ما شئن بالأيدي
أقول لحاديها رويدك إنّها … بقايا عظام قد تعقّفن بالجلد
زجرت المطايا غير وانٍ فسر بها … على ضعفها لا بالذميل ولا الوخد
أَلَسْتَ تراها في رسومٍ دوارسٍ … لها وقفة المأسور قُيّد في قيد
وما ذاك إلاّ من غرامٍ تُجِنُّه … وما كان أنْ يَخْفى عليك بما تبدي
وإلاّ فما بال المطِيّ يروعُها … ريسُ جوى ً يعدو وداءُ هوى ً يُعدي
وشامتْ وميض البرق ليلاً فراعها … سنا البارق النجيّ وقداً على وقد
وعاودها ذكر الغَميم فأصبَحتْ … تلوذُ بماء الدّمع من حرقة الوجد
فسيقَ إليها الشوقُ من كلّ وجهة … وليس لها في ذلك الشوق من بُدِّ
وقد فارقت من بعد لمياء أوجهاً … يسيل لها دمع العيون على الخد
وساءَ زمانٌ بعد أن سرّها بهم … فماذا يلاقي الحرُّ في الزمن الوغد
ويوشك أنْ تقضِي أسى ً وتلهّفاً … على فائت لا يستمالُ إلى الردّ
سقى الله من عينيّ أكنافَ حاجر … إذا هي تستجدي السحاب فما تجدي
وَرَعياً لأيام مضت في عِراصِها … تؤلفُ بين الظبي والأسدِ الورد
قضينا بها اللّذات حتى تصرَّمـتْ … وكنّا ولا نظم الجمان من العقد
سلام على تلك الديار وإنْ عَفَت … منازلُ أحبابي وعهدُ بني ودّي
فمن مبلغٌ عنّي الأحبَّة َ أنّني … حليف الهوى فيهم على القرب والبعد
ذكرتُهُم والوجُد في القلب كامن … عليهم كمونَ النار في الحجر الصلد
فهل ذكروا عهد الهوى يوم قَوَّضوا … وهل عَلموا أَنّي مقيمٌ على العهد
وما اكتحلت عيناي بالغمض بعدهم … كما اكتحلت بالغمض أعينهم بعدي
وما رُحْتُ أشكو لو حَظِيْتُ بقربهم … زماناً رماني بالقطيعة والصدّ
أما وعليّ القَدْر وهي أليَّة ٌ … رفعتُ بها قدري وشدتُّ بها مجدي
لقد سدّ ما بيني وبين خطوبه … فهل كان ذو القرنين في ذلك السدّ
ومنه متى حانت إليَّ التفاتَة ٌ … فلا نحسَ للأيام في نظر السعد
كريمٌ إذا کستعطفت نائِلَ بّرِة ِ … وقد تعطف المولى الكريم على العبد
إذا شاء في الدنيا أراني بفضله … مشافهة ما قيل في جنّة الخلد
وأمَّنني والحادثات تريبني … فأَصْبحَتُ أشكو في لظى ً شدة البرد
وقامَ إلى جَدواه يهدي عفاته … ولا ينكر المعروف بالقائم المهدي
يلوحُ عليه نور آل محمد … كما لاح إفرندٌ من لاصارم الهندي
يكاد يدلّ الناسَ ضوءُ جبينه … على النَسَب المرفوع والحسب المعدي
نتيجة آباءٍ كرامٍ أَئِمَّة ٍ … هداة ٍ بأمر الله تهدي إلى الرشد
ربوا في جحور المجد حتى ترعرعوا … وفوق جياد الخيل والضُمَّرِ الجُرْد
فلي فيهم عقد الولاء وكيف لا … ولم يخلقوا إلاَّ أولي الحلّ والعقد
إذا ما أتى في هل أتى بعض وصفهم … قَرَأْتُ على أجداثهم سورة الحمد
على أنَّني فيهم ربيبٌ وإنَّني … أعيش بجدواهم من المهد للحد
وما أنا في بغداد لولا جميلهم … لدى منهلِ عذب ولا عيشة رغد
فبورك من لا زال يُورثني الغنى … وذكَّرني أيَّام داود ذي الأيدي
وهب أنه البحرُ الخصمُّ لآملٍ … فهل وَقَفَتْ منه العقول على حد
له بارق الغيث المُلِثِّ وما له … لعمرُ أبيك الخير جلجلة الرعد
وما أشبهتك المرسلات بوبلها … بما لكَ من جَدوى ً وما لكَ من رفد
أَغَظْتُ بك الحسّادَ حتّى وجَدْتَني … ملأتُ بها صدرَ الزمان من الحقد
سلمتَ أبا سلمان للناس كلّها … ولا رُوّعَتْ منْك البرية في فقد
ولا حُرِم الرّاجون فيما تُنِيلُه … مكارم تُسْتَحلى مذاقتُها عندي
فداؤك نفسي والأنام بأسرها … وما أنا من يفديك من بينهم وحدي
لتعلوا على الأَشراف أبناءُ هاشم … وتقضي على علاّتها إرَب المجد
وما زالت مرَّ السَّخط مستعذبَ الندى … فآونة ً تُجدي وآونة تردي
كأنَّك شمسٌ في السماء وإنّما … بضُرُّ ضياءُ الشمس بالحَدَقِ الرُّمد
شهدتُ بأنَّ لا ربّ غيره … وأنَّ ندى كفَّيْك أحلى من الشهد
لقد عادك العيد المبارك بالهنا … فبشَّرْته من بعد ذلك بالعود
إلَيك فمُهديها إليكَ قوافياً … محاسن تروى لا عن القد والنهد
ربيب أياديك الّتي يستميحها … وشاعرك المعروف بالهزل والجد