لَقَدْ ذَكَّرَتْنِي لَيْلَة ُ الْقَدْرِ مَجْلِساً … لثنتينِ من شعبٍ على غيرِ موعدِ
سرَى بِهِمَا شَوْقٌ إِلَيَّ فَجَاءَتَا … على وجلٍ من أقربين وحسد
وكاتمتَا أخرى هواي وغرَّتا … أمِيرَهُمَا مِنِّي بِنُسْكٍ وَمَسْجِدِ
كعابٌ وأخرى كالكعاب خريدة ٌ … ثَقَالٌ وَلَمْ تَسْتَشْعِرَا عَيْشَ جُحَّد
فَنَبَّهِنِي زَيْدٌ فَقُمْتُ إِلَيْهِمَا … أجُرُّ أسَابِيَّ الْكَرَى غَيْرَ مُرْقَدِ
فلَمَّا الْتَقَيْنَا بِالْحَدِيثِ تَبَسَّمَتْ … إلي وقالت :بيت أمن فأنشد
فَعَلَّلْتُهَا حَتَّى تَسَحَّرَ طَائِرٌ … وكادت تقضى سورة ُ المتهجِّد
تَقُولُ لِيَ الصُّغْرَى الصَّلاَة َ وَقَدْ دَنَتْ … شواكل توديعِ الإمام المؤيَّد
وَإِنْ مَرَّ مُجتازٌ عَلَيْنَا تَقَنَّعَتْ … مخافة قول الفاحش المتزيِّد
فَقُلْتُ لَهَا: أُلْقِي الصَّلاَة َ وَأنْثَنِي … شَفَاعَة َ مَنْ يَأوي لِحَرَّان مُقْصَدِ
تَبَدَّلَ مِنْ حُبِّ الصَّلاَة ِ حَدِيثُنَا … وَكُنْتُ أراهُ غَايَة َ الْمُتَعَبِّدِ
فَيا مَجْلِساً لَمْ نَقْضِ فِيهِ لُبَانَة ً … وَيَا لَيْلَة ً قَدْ كُنْتُ عَنْهَا بِمَقْعَدِ
إذا العاتق العسراءُ عتَّقت الهوى … تيَّسر من أخرى لنا غير منكدِ
لعمرك ما تركُ الصلاة بمنكرٍ … ولا الصَّوم إن زارتك “أمُّ محمَّدِ”
فَتَاة ٌ لَهَا عِنْدِي دَخِيلُ كَرَامَة ٍ … وَسَاعِفُ حُبّ مِنْ طِرِيف وَمُتْلَدِ
أهيمُ بِكُمْ يَا «حَمْدَ» إِنْ كُنْتُ خَالِياً … وَأنْت حَديثُ النَّفْسِ فِي كُلِّ مَشْهَدِ
وما كنت أخشى أن تكون منيَّتي … مَوَدَّتُكُمْ يَوْماً وَكُنْتُ بِمَرْصَدِ
وللقلبُ وسواسٌ من الحبِّ يغتدي … وَرَائحُ رَوْعَاتِ الْهَوَى الْمُتَرَدِّدِ
وكلُّ خليلٍ بعد عينكَ عينه … ستنكرني إلاَّ بقايا التَّجلُّد
تَضَمَّخُ بِالْجَادِي إِذَا ما تَرَوَّحَتْ … وتأوي إذا قالت إلى كنِّ مسجدِ
إذا قلت : أوفي العهد قالت وأعرضت: … ستدرك ما قد فاتك اليوم في غد
فلَمْ تَرَ عَيْنِي مِثْلَهَا يَوْمَ عُطِّلَتْ … سوى حلي خلخال وقرطٍ ومعضد
أسيلَة ُ مَجْرَى الدَّمْعِ مَهْضُومَة ُ الْحَشَا … كشمسِ الضُّحى حلَّت ببرجٍ وأسعدِ
تَكَادُ إِذَا قَامَتْ لِشَيءٍ تُريدُهُ … تَمِيلُ بِهَا الأَرْدَافُ مَا لَمْ تَشَدَّدِ
وَقَدْ نَسِيَتْ عَهْدَ الصَّفاء وَلَمْ أزَلْ … عَلَى ذُكَرٍ مِنْهَا أرُوحُ وأغْتدَي
يُمَوِّتُنِي شَوقِي وتُحِينِيَ الْمُنَى … فلستُ بحي في الحياة ولا الرَّدي
وَمَا كَانَ مَا لاَقَيْتُ مِنْ وَصْلِ غَادَة ٍ … وهجرانها إلا بما قدمت يدي
فلمَّا رأيتُ الحبَّ ليس بعاطفٍ … هواها ولا دانٍ لها بتودُّدِ
أخَذْتُ بِكَفَّيَّ النَّدَامَة َ رَاجِعاً … وأيقنت أني عندها غير موطدِ
عشية َ زادتني الزيارة فتنة ً … فَأقْبَلْتُ مَحْرُوماً بِهَا لَمْ أزوَّدِ
وَقَدْ عَلِمَتْ حَمَّادَة ُ النَّفْسِ أنَّنِي … إلى نائلٍ لو نلتُ من وردها صدِ
وأنَّ الهوى إن لم ترحْ لي بزفرة ٍ … يكون جوى ً بين الجوانح مغتدِ