لا شيء أحسن من إلفَينِ قد قسما … حسنَ الرعاية والإخلاص بينهما
تقاسما الحسن والإحسان فامتزجا … على الصفات فصارا في الهوى عَلَما
كأنَّما قلمٌ قد خطَّ شكلَهما … بل كان ذلك لطفَ اللَه لا قلما
ترى الفكاهة والآداب بينهما … حدائقاً ورياضاً تنبت الحِكَما
قد أُعطِيا من فنون الشكل ما اشتهيا … وحُكِّما في صروف الدهر فاحتكما
وحين يسلم هذا يزدهي فرحاً … لعِلمِه أنَّ مَن يهواه قد سلما
لو حُرِّكا انتثرا شكلاً وإن نطقا … تناثرا لؤلؤاً نظماً وما نُظِما
صار الحفاظُ لعين العيب مُتَّهِماً … فلن ترى منهما بالعَيب مُتَّهَما
تراضَعا بوفاءٍ كان عيشهما … منه ولو فُطِما ماتا وما انفطما
كأنَّ رُوحَيهما روح فأنت ترى … وهميهما واحداً في كلِّ ما وَهِما
وليس يحلم ذا حلماً برقدته … إلا وهذا بذاك الحلم قد حلما
أعجبْ بإلفَينِ لو بالنار عُذِّبَ ذا … وذاك في جنَّة الفردوس قد نعما
لكان ينعم هذا من تنعُّم ذا … وكان يألم هذا ذلك الألما
حُسن اتِّفاقٍ بظهر الغيب بينهما … في كلِّ حالٍ تراه الدهرَ ملتئما
لو مسَّ ذا سَقَمٌ قامت قيامتُه … لعِلمه أنَّ مَن يهواه قد سقما
كذا يكون وداد الأصفياء كذا … تصفو القلوبُ فيجلو نورُها الظُّلَما
سَقياً لإلفَين لو هَمّا بمَقلِيَةٍ … ما همَّ أن يبلغا من حيرةٍ نَدَما
تشاكلا في دوام العهد فائتلفا … والختل والغدر من هذا وذا عَدِما
استخلصا خلوات الأُنس بينهما … محضاً فلو أبصرا ظلَّيهما احتشما
لو خُلِّيا سرمدَ الدنيا قد انفردا … عند التغازل ما مَلّا وما بَرِما
ولا أرادا اعتزالاً طول عمرهما … كأنما شَرِبا من ذا وقد طَعِما
يلتذُّ هذا لشكوى ذا ويَعلَمه … وفي التذاذهما تصديق ما عُلِما
كلٌّ له حَرَمٌ من صون صاحبه … ولن يُصاد مصونٌ يألف الحَرَما
فكلُّ ما فعلا قبل اعتصامهما … بالودِّ قد طهرا منه مذ اعتصما
كالجاهليَّة بالإسلام قد غُسِلت … ذنوبُها ونفى الإسلامُ ما اجتُرِما
صار الهوى لهما دِيناً فصانهما … عن المساءة ما عِيبا ولا اتُّهِما
إنَّ المُحبين إن داما على ثقةٍ … تَهنَّيا العيشَ والدنيا صفت لهما
كُلٌّ لصاحبه تُبلى سرائرهُ … بكلِّ ما أظهرا من بعد ما كتما
فللمحبِّينَ في صفو الهوى نِعَمٌ … إن يشكروهنَّ يزدادوا بها نِعَما
يا ربّ إنَّ الهوى لا كاد يحمله … إلا الكرام فزِد أهلَ الهوى كرما