لا تُكبِروا من ملاح المرد إنسانا … ما الحُسن والطِّيب إلا عبد ظِبيانا
نفديك من كاملٍ حُسناً وإحسانا … تُحيي وتقتل أحياناً فأحيانا
تبارك اللَهُ ماذا فيك من بدعٍ … في الجسم والوجه إسراراً وإعلانا
كأنما عجن الكافورُ طينتَه … بالزعفران فعَلَّى منه كثبانا
وصيغ أعلاه من نورٍ ومن ظُلَمٍ … وجهاً وفرعاً يمجُّ المسك والبانا
فالفرع من سَبَجٍ والخد من ضَرَجٍ … والطَّرف من غنجٍ يلقاك وسنانا
فمن تنزَّه يوماً في محاسنه … فليس مُستحسِناً ما عاش بستانا
ومن تنفس من أنفاسه نَفَساً … لم يرضَ ما عاش أن يشتمَّ ريحانا
كأنما اللَه أوحى إذ براه إلى … خزائن المسك ممّا طاب أو لانا
بأن تُؤلِّف من نَشرٍ جواهرها … وقال كوني على التأليف إنسانا
كأنه قبَّة من فضَّةٍ قسِمت … في ملتقى الخَور أردافاً وأعكانا
كأنه مُحَّةٌ من فرط نَعمته … تكاد تجري من الأثواب أحيانا
تراه كالماء رجراجاً ومَلمسه … كالنار حرّاً فتلقى اللونَ ألوانا
تبدو له حركات من حرارتها … ولينه يستحيل الماء رَيّانا
قد قلتُ إذ حار طرفي في محاسنه … ولم أزل شاخصَ العينين حيرانا
لا شك أنت من الجنّات مسترَقٌ … أو هارب فمتى فارقتَ رضوانا
فاستضحكته على عجبٍ مساءَلتي … وقلتُ لمّا رأيتُ الثغر قد بانا
لم ترضَ إذ جئتَنا من جنةٍ هرباً … حتى سرقتَ لنا في فيك مرجانا
ليس الحبيب الذي يأتيك مؤتزراً … مثلَ الحبيب الذي يأتيك عريانا