لا تنكروا الأنات في أوتاري … لم يبق لي في العيش من أوطار
ذهب الأحبة بعضهم متعقب … بعضا وكان السبق للأخيار
أرزاء دهر شفتي تكرارها … أفما بها سأم من التكرار
أنا في الحياة رهينة من يفتدي … وأنا الأسير فمن يفك إساري
ما طال عمري في مداه وإنني … لأخاله يعدو مدى الأعمار
جبريل واولدا مضى قبلي فبي … ثكل ولذع الثكل لذع النار
في دار والده شهدت نموه … أيام يدرج ناعم الأظفار
وشهدت كيف تعد أم بعده … للمجد أوحدها وللأخطار
لا بدع أن يلفى صغار أنبتوا … لله والأوطان جد كبار
ما أنس لا أنسى المهذبة التي … صينت محاسنها بتاج وقار
أم من اللائي ندرن وكان من … أبنائهن نوادر الأدهار
نشأنهم وبنورهن أضأنهم … ومن الشموس أشعة الأقمار
يا ناعيا جبريل إن نعيه … لأشد ما خطت يد المقدار
إني لتدمي بالحروف نواظري … ما للحروف يثبن وثب شرار
في العالم العربي أية هزق … لأفول ذاك الكوكب المتواري
فدح المصاب به فما من مقلة … إلا بكته بمدمع مدرار
كيف الأسى في مصر لو يجزى الأسى … بالحق أجر مجاهد صبار
سارت تشيعه ولم تر أمة … في مثل ذاك المشهد الجرار
أمعيد هذا الشرق بعد سحابة … غشيته دهرا مصدر الأنوار
لو أنصفتك صحافة بك أصبحت … ذات الجلالة كللتك بغار
لأبيك كان السبق في مضمارها … وإليك آل السبق في المضمار
ولعل من أعقبت والآثار قد … وضحت له يجري على الآثار
ماذا صنعت وقد ورثت صحيفة … تحيا بها في بسطة ويسار
لم يرضك استقرارها ولقد ترى … أن الجمود حليف الاستقرار
فمضيت في تحسينها قدما ولم … تحجم على العلات والأخطار
ورفعتها للعالمين منارة … تعتادهم بشعاعها السيار
ديوانها بالأمس كان دويرة … واليوم أضحى دولة في دار
شتان بين صحيفة بمتونها … وشروحها فياضة الأنهار
وصحيفة من كل مطلع كوكب … يزجى إليها أطرف الأخبار
هي معرض للحادثات قريبة … وبعيدة في كل صبح نهار
هي حلبة فيها مدى متطاول … لمكافحي رأي وللأنصار
ضمنت بها لحماة كل حقيقة … حرية النزعات والأفكار
أين الصواب هو الطلاب ودونه … كد النهى وتنافح الأحرار
أظهر على ما في الضمائر كل ذي … شأن به فالخير في الإظهار
قد تفتن الأبصار بهرجة وقد … تغشى البصائر فتنة الأبصار
لكن حكم الحق يصدق آخرا … فيما يقومه من الأقدار
والشعب يومئذ يولي أمره … من يصطفيه عن رضى وخيار
أهرام مصر عتيدها بعث لها … وعهيدها للفخر والتذكار
جبريل كالئها الدؤوب وشخصه … في المرقب العالي وراء ستار
مصر الهوى يحيا لها ورضاه ما … ترضاه في الإعلان والإسرار
ولمصر ما يجني وما يبني وما … يصل الأصائل فيه بالأسحار
لا شيء في الأقوام إلا قومه … لا شيء إلا مصر في الأمصار
هذا هو الصحفي إلا أنه … في صورة أخرى من التجار
من جالبي الإيسار حيث توسطوا … في الناس لا من جالبي الإعسار
والناصحين النافعين ديارهم … بنزاهة الإيراد والإصدار
جادت بضاعته وضوعف ربحه … بسماح بائعها وشكر الشاري
تتعدد الصدقات في نفقاته … حتى ليخطئها الحساب الجاري
لا ينظرن إلى العظيم بفعله … قوم بأعين ماهنين صغار
فالمتلف الجبار فيما قدروا … ما كان غير المخلف الجبار
إن الصحافة حومة الأقلام لا … مرمى القداح وملعب الأيسار
يرمى بها عن كل قوس إنما … لا قوس إلا ما يراه الباري
أو ما رأيناها تشيد ممالكا … وتعز أقطارا على أقطاره
أمؤبني جبريل من أقرانه … فضلا ومن إخوانه الأبرار
أنصفتموه بهذه الذكرى وما … أحراه بالتخليد والإكبار
حسب المنى ما هيأت أهرامه … لبلاده من عزة وفخار
ليثبه عن مصر وعن جاراتها … بالخير داعيه لخير جوار
وليوله بسليله من بعده … أمنا على الذكرى وطيب قرار