لازلْتَ تفخمُ والثناءُ ضئيلُ … ويعزُّ عِرضُك والثراءُ ذليلُ
حَمَّلتني ما لا أُطيقُ وإنما … شأنُ الكريم الحملُ لا التحميلُ
كلفتني ماتستحق وبعضُه … ثِقْلٌ على المتكلفين ثقيلُ
إن كنتَ تطلبُ في المديح مُشاكلاً … لك في الرجال فما إليه سبيلُ
أتُرى عديلك في المديح مواتياً … هيهاتِ مالكَ في الأمورِ عديلُ
اعجزتْ وعيشِك عن حقوقك طاقتي … أأطيقُها وحدي وأنت قبيلُ
بل موسمٌ بل أمة ٌ بل عالمُ … بل عالمونَ وكل ذا فقليلُ
وكذاك معروفُ الكرام كفاية ٌ … أبداً وأكثر مَدْحِهم تعليلُ
يأتي القليلُ من الضئيلِ بحقّهِ … كيما يكونَ من الجزيل جزيلُ
ويدُ البخيل لما استفاد قرارة ٌ … ويدُ الجواد لما استفاد مَسِيلُ
هل أنتَ مستمعٌ فأنطق بالتي … يُشفى بها من ذي الغليل غليلُ
فلكم نطقتُ من الصوابِ بخطبة ٍ … فيها البيان إذا أحال محِيلُ
إن العيوبَ مع التتبّع جمة ٌ … وكثيرُهنّ إذا اغتفرت قليل
فاجعلُ تَصَفُّحكَ المديحَ تفرساً … في غيبِ ما تُسدِي غداً وتُنيلُ
فلذاكَ أجدرُ أن يعانيهِ الفتى … ولذاك أخْلق أن يقال نبيلُ
دع مادحيك يُقصرونَ ولاتكنْ … ممّنْ يقال مُقصرٌ وبخيلُ
إني أعيذك أن يقولوا كاتبٌ … ألِف الحسابَ فشأنه التحصيل
وأجلٌّ منها أن يقولوا ماجدٌ … ألِف السماحَ فشأنه التسهيل
والبسْ جمالك عند كلّ قبيحة ٍ … إن التجمّلَ بالرجالِ جميلُ
ماذا يضرُّ فتًى جليلاً قدرهُ … من أن يدقّ المدحُ وهْو جليلُ
وأحقُّ زوجٍ أن يُنتّجَ شكْله … حسناء تُذكرُ عاثرٌ ومُقيلُ
وإذا نظرتَ فإن أخلقَ منهما … لنِتاجِ مجدٍ جاحدٌ ومُنيل
أفيُغفرُ الكفرانُ وهْو كبيرة ٌ … ويؤاخذ التشبيهُ والتمثيلُ
فعلامَ أُعذلُ في امتثال مقالة ٍ … قد قالها جيلٌ سواي وجيلُ
ضرب الركامُ لكل تهمة ِ مُتهمٍ … مثلاً وشاعَ بذاك قبلي قيلُ
أفضِل وأغِضْ جفونَ عينكِ رأفة ً … بذوي العيوبِ يجبُ لك التفضيلُ
ولقد تُصيبُ بديلَ كل مُبرّزٍ … من مادحيك وليسَ منك بديلُ
كم قال جودُك للمنهنِه بدأة ً … هيهاتِ ليس لسُنّتي تبديلُ
وكذا يقولُ لمن ينهنه عوْده … هيهاتِ ليس لنعمتي تحويلُ
ولراحتيك بدأة ٌ وعُوادة ٌ … وليومِ عُرفك بكرة ٌ وأصيلُ
يامَنْ يطالبُ نفسَه بحقوقنا … مثلُ الغريم فرِفده تعجيلُ
وينامُ عنا حينَ نلوي شُكرَهْ … فِعْلَ الكريمِ فكشرهُ تأجيلُ
يامنْ إذا حرَّكتَهُ لكريمة ٍ … ألفيتَه والجُولُ منه مَهِيلُ
حتّى إذا نبهتَهُ لعظيمة ٍ … ألفيته والرأيُ منه أصيلُ
آمالُ نفسي فيك غيرُ مَطامعٍ … لكنهنّ مزارعٌ ونخيلُ
أجملتُ من وصفي خلالك جُملة ً … وعلى التجاربِ بعدها التفصيلُ
فليختبرْك السائلون فإنّهم … إن جرَّبُوك أتاهمُ التأويلُ
ليفسِرنَّ لهم فعالكَ أنه … أبداً بصدقِ المادحيك كفيلُ
لازلتُ مرغوباً إليك مُيمّماً … مثلَ الصباحِ عليك منك دليلُ
وإذا تأمّلك المعاشِرُ أمَّلوا … ولمن تأمل ماجداً تأميلُ
ما وجَّه التأميلُ نحوك آملٌ … إلا التقى التأميلُ والتمويلُ
شهدتْ بخيرٍ غُرة ٌ وضَّاحة ٌ … من حقّها التعظيمُ والتبجيلُ
ووفت بموعِدها يدٌ نفَّاحة ٌ … من حقّها الإفضالُ والتقبيلُ
ترجو سواك لدى َ التفكّهِ بالمنى … لكن عليك يُحَصْحص التعويلُ
لازال تعويلٌ عليك مصدّقاً … وعلى عداك وحاسديك عويلُ