في الشَّيبِ زَجْرٌ لهُ، لوْ كانَ يَنزَجِرُ، … وَواعظ منهُ، لَوْلا أنّهُ حَجَرُ
إبيَضّ ما اسوَدّ من فَوْديهِ، وَارْتجَعتْ … جَلِيّةُ الصّبحِ ما قد أغفَلَ السّحَرُ
وَللفَتى مُهْلَةٌ، في الحبّ، وَاسعَةٌ، … ما لمْ يَمُتْ في نَوَاحي رأسهِ الشّعَرُ
قالَتْ مَشيبٌ وَعِشْقٌ أنتَ بَيْنَهُما، … وَذاكَ في ذاكَ ذَنْبٌ ليسَ يُغتَفَرُ
وَعَيّرَتْني سِجَالَ العُدْمِ جَاهِلَةً، … وَالنّبعُ عُرْيانُ ما في فَرْعِهِ ثَمَرُ
وَما الفَقيرُ الذي عَيّرْتِ، آوِنَةً، … بَلِ الزّمانُ إلى الأحْرارِ مُفتَقِرُ
عَزّى عَنِ الحَظّ أنّ العَجزَ يُدرِكُهُ، … وَهَوّنَ العُسرَ عِلمي في مَنِ اليُسُرُ
لمْ يَبقَ، مِنْ جُلّ هذا النّاسِ، باقيةٌ … يَنَالُها الوَهْمْ، إلاّ هَذهِ الصّوَرُ
َبخل وجَهلٌ، وَحَسبُ المَرْءِ وَاحدةٌ … مِنْ تَينِ، حتى يُعَفّى خَلفَهُ الأثَرُ
إذا مَحَاسِنيَ اللاّتي أُدِلُّ بِهَا … كانَتْ ذُنُوبي فقُلْ لي كَيفَ أعتَذرُ
أهُزُّ بالشَعرِ أقْوَاماً ذَوي وَسَنٍ … في الجَهلِ لوْ ضُرِبوا بالسّيفِ ما شعرُوا
عَليّ نَحْتُ القَوَافي مِنْ مَقَاطِعِها، … وَمَا عَليّ لَهُم أنْ تَفهَمَ البَقَرُ
لأرْحَلَنّ، وَآمِالي مُطَرَّحَةٌ، … بِسُرّ مَنْ رَاءُ مُستَبطاً لها القَدَرُ
أبَعْدَ عشرِينَ شَهراً لا جَداً فيُرَى … بهِ انصِرَافٌ، وَلا وَعدٌ، فيُنتَظَرُ
لَوْلا عَليّ بنُ مُرٍّ لاسْتَمَرّ بِنَا … خَلفٌ من العيشِ فيهِ الصّابُ وَالصَّبِرُ
عُذْنا بأرْوَعَ، أقصَى نَيلِهِ كَثَبٌ، … على العُفَاةِ، وَأدْنَى سَعيِهِ سَفَرُ
ألَحّ جُوداً، وَلم تَضرُرْ سَحائبُهُ، … وَرُبّما ضَرّ في إلحَاحِهِ المَطَرُ
لا يُتْعِبُ النّائِلُ المَبذولُ هِمّتَهُ، … وَكَيفَ يُتْعِبُ عَينَ النّاظرِ النّظرُ
بَدَتْ عَلى البَدْوِ نُعْمَى منهُ سابِغَةٌ … وَفْرَاءُ، يُحضِرُ أُخرى مثلَها الحَضَرُ
مَوَاهبٌ، ما تجَشّمْنا السّؤالَ لهَا، … إنّ الغَمامَ قَليبٌ لَيسَ يُحتَفَرُ
يُهابُ فينا، وَما في لحظِهِ شَرَرٌ، … وَسْطَ النّديّ، وَلا في خدّهِ صعَرُ
بَرْدُ الحَشَا، وَهَجيرُ الرّوْعِ محْتفِلٌ، … وَمِسعَرٌ، وَشِهابُ الحرْبِ مُستَعِرُ
إذا ارْتَقَى في أعالي الرّأيِ لاحَ لَهُ … ما في الغيوبِ التي تخفى، فَتَستَتِرُ
تَوَسَّطَ الدّهْرَ أحْوالاً، فَلا صِغَرٌ … عنِ الخُطوبِ التي تَعرُو، وَلا كِبَرُ
كالرّمْحِ أذْرُعُهُ عَشْرٌ وَوَاحِدَةٌ، … فلَيسَ يُزْرِي به طولٌ ولا قِصَرُ
مُجَرَّبٌ طالماَ ما أشجَتْ عَزَائِمُهُ … ذَوي الحِجى وَهوَ غِرٌّ بَيْنَهُمْ غَمَرُ
آراؤهُ اليَوْمَ أسْيافٌ مُهَنَّدَةٌ، … وكانَ كالسّيفِ إذْ آراؤه زبُرُ
ومصعد في هضاب المجد يطلعها … كأنه لسكون الجأش منحدر
ما زَالَ يَسبُقُ، حتّى قال حاسدة … له مختصر الى العلياء طريق
حلو صميت متى تجن الرضا خلقاً … مِنْهُ، وَمُرٌّ إذا أحْفَظْتَهُ مَقِرُ
نَهَيْتُ حُسّادَهُ عَنهُ، وَقلتُ لهمْ: … ألسّيلُ باللّيلِ لا يُبقي، وَلا يَذَرُ
كُفّوا وَإلاّ كُفِفتمْ مُضْمرِي أسَفٍ، … إذا تَنَمّرَ، في إقْدامِهِ، النّمِرُ
ألْوَى، إذا شابَكَ الأعداءَ كَدَّهُمُ … حتى يَرُوحَ وَفي أظْفَارِهِ الظَّفَرُ
واللوم أن تدخلوا في حد سخطته … علماً بأن سوف يعفو حين يقتدر
جافَى المَضَاجعَ ما يَنفَكُّ مِن لَجبٍ، … يَكَادُ يُقْمِرُ مِنْ لألائهِ القَمَرُ
إذا خُطامَةُ سَارَتْ فيهِ آخِذَةً … خُطامَ نبهانَ، وَهيَ الشّوْكُ والشّجَرُ
رَأيْتَ مَجْداً عِيَاناً في بَني أُدَدٍ، … إذْ مَجْدُ كلّ قَبيلٍ دونَهمْ خَبَرُ
أحسِنْ أبا حَسَنٍ بالشّعرِ، إذْ جُعلتْ … عَلَيكَ أنْجُمُهُ، بالمَدْحِ، تَنتثرُ
فيها العَقائِقُ والعِقيانُ، إنْ لُبسَتْ … يوْمَ التّباهي، وفيها الوَشيُ وَالحِبَرُ
وَمَنْ يكُنْ فاخراً بالشّعرِ يُمدَحُ في … أضْعافِهِ، فَبِكَ الأشعارُ تُفْتَخَرُ