فديتك من ظبي وان لم ترد قربي … ولم تحن من شكو ولم تدن من عتب
تعاملني بالهجر من غير موجب … وتبدهني باللوم في غير ما ذنب
وان كنت تجفوني فانك مالك … فما لك لا تنفك عن خصلة العجب
ومالي ارى الواشين بي بك احدقوا … وكلهم والله ينطق بالكذب
يرومون اني ضائع الاجر في الهوى … واصبح من بعد التصبر في تلب
فلا والذي اولاك ذا الحسن لم يزل … مثالك في طرفي وحبك في لبى
لئن ضقت ذرعا بالصدود فكلما … عراني وجد فيك قلت على الرحب
وما كنت ادرى قبل عشقك ان لي … عدوين مخفيين في الماق والخلب
فهذا متى ثار الجوى حادم اللهب … وذاك متى جار الهوى دائم السكب
ومن دون نحب منك يقضى لمغرم … حمام وكم نحب يؤول الى نحب
ومن عجبي ان ليس يرضيك في الهوى … تطوع قلب دون غزو ولا حرب
ولكنما تبغى مع الحسن شهرة … بان للصغير اليوم عزة من يسبى
ولو لم يكن مشهور لحظك صارما … لما صرت مشهورا لدى الناس في الحب
وسائل دمعي قد نهرت ولم يمل … فؤادك نهر منه صب على صب
ولا نار اشواقي الانت حديده … ولا كل ما عانيته فيك من طبي
ولكنما ربي قضى لك بالتي … تطيب بها نفسي ويصبو لها قلبي
قضى بيننا بالفرق منذ فتنتني … فجسمي في محل وجسمك في خصب
وطرفي لا يغفى وطرفك ناعس … وقلبك في امن وقلبي في رعب
وان كان دابى ان اجافي من جفا … فاني منقاد لما قد قضى ربي
اذل لذي حسن واعنوا لذي حجا … وامدح من يحويهما مصطفى وهبي
كريم السجايا لن ينال مثاله … فتى ليس في كسب المعالي بذي داب
اضآت لنا اقواله وفعاله … دياجي اوقات تمخضن بالكرب
واسفاره اللاءى طبعن بضبطه … وتصحيحه اسفرن في الشرق والغرب
اقر له الناؤون بالفضل والذي … يدانيه يستفتيه في مشكل الكتب
مساعيه قد جلت وافعاله زكت … فكانت على اطراء مادحها تربى
فما ورد الوراد منهل ناجر … الذ واحلى من جني لفظه العذب
ولا اتسعت للخير فيحاء مثلما … ترى اعين الراجين في صدره الرحب
لعمرك ما تدنو المعالي لمولع … بلهو ولا تزكو المساعي لذي لعب
ولكن لمن يسعى ويدأب عمره … وان يدع للجلى يكن ايما ندب
الم تر مما سنه مصطفى لنا … مثالا على ان اللذاذة في الصعب
الم تره قد جد في العلم وانتهى … الى امد منه بعيد عن الصحب
الم تر ارباب المعارف عولت … عليه ومنهم عارف شرف العرب
تحرى غناء الناس في نظم لجنة … تجدد رسم العلم في سالف الحقب
فان يك نظم يستجاد فنظمه … ودعني من نظم على حانة الشرب
وان حق اطراء لمن ينفع الورى … فاطراؤه حق على كل ذي لب
فلولا مساعيه الحميدة اوشكت … مآثر اهل الفضل ترمس في الترب
إذا الخلق طرا باللوم فحبذا … غذاء به الارواح تنمو بلا نحب
بداهته تجلو لنا كل مشكل … وتدبيره يغنى عن السمر والقضب
واقلامه تلك النحيلة كم شفت … سقيم زمان بعد يأس من الطب
فان ترها ظمأى لنقس فانها … لتروى فتغنى القوم عن لغب الغب
تفجر منها كل ينبوع حكمة … فتهدى الى ما فيه كسب رضى الرب
فدعني من ابهام قول موارب … وصرح بمدح في علاه فذا حسبي
لقد كان ابهام الكلام يضلني … ويسلك بي يا رب غوثك في ردب
على انني ما زلت مذ صرت كاتبا … احاذر مهما اسطعت غائلة العقب
وما كان ابغاض الخليل بهين … على ولا اغضب ذي الفضل من كسبي
وان تسأل الركبان عني تجدهم … يملون عن عهدي ويملون عن حبي
ولكنما يكبو الفتى وهو سابق … وينخدع اللب المحاذر للخب
وهذا زمان لا يسامح من هفا … وليس يعافى من تجافى عن الشغب
امنت سهام المعتدين وانما … ابى الله الا ان اصاب من الغرب
فلله مصر معدن الفضل والوفا … ومطلع انوار العلوم بلا حجب
كأن بها النيل المبارك والد … مرب فكل في المحاسن كالترب
تجمعت الآداب فيها فان تجد … اديبا لبيبا فهو في ارضها ربي
سرى في جميع الارض سارى ثنائها … فاعجب من يروى واطرب من ينبى
بها ما يسر النفس من كل بغية … فمن ادب غض ومن كرم الادب
واشوق ما فيها مديح عزيزها … فذاك الذي كل امرء نطق يصبى