غدا سلفٌ فأصْعَدَ «بالرَّبَابِ» … وحنَّ وما يحنُّ إلى صحابِ
دعا عبراته شجنٌ تولَّى … وشامات على طلل يبابِ
وأطهر صفحة ً سترت وأخرى … من العبرات تشهدُ بالتباب
كأن الدار حين خلت رسومٌ … كهذا الْعصْبِ أوْ بعْض الْكتاب
إذا ذكر الحبابُ بها أضرَّتْ … بها عيْنٌ تَضَرُّ علَى الْحِباب
ديارُ الْحيِّ بالرُّكْحِ الْيماني … خرابٌ والديارُ إلى خراب
رجعن صبابة ُ وبعثن شوقاً … على متحلبِ الشأنين صاب
وما يَبْقَى علَى زَمَنٍ مُغِيرٍ … عدا حدثانُهُ عدْوَ الذِّئاب
ودهر المرء منقلبٌ عليه … فُنُوناً، والنَّعيمُ إِلى انْقلاب
وكُل أخٍ سَيَذْهبُ عنْ أخيه … وباقي ما تُحبُّ إِلَى ذَهَاب
ولما فارقتنا “أم بكر” … وشطّت غربة ً بعد اكتئاب
وبِتُّ بحاجة ٍ في الصَّدْر منْها … تَحَرَّقُ نارُها بيْن الْحجاب
خططتُ مثالها وجلستُ أشكو … إِليْها ما لَقِيتُ علَى انْتِحَابِ
أكلِّمُ لَمْحَة ً في التُّرْب مِنْها … كلام المستجير من العذاب
كأَنِّي عِنْدَها أشْكُو إِليْها … همومي والشَّكاة ُ إلى التراب
سقى الله القباب بتلِّ “عبدى ” … وبالشرقين أيام القباب
وأياماً لنا قصرت وطابتْ … علَى «فُرْعَانَ» نَائِمَة َ الْكِلاَبِ
لقد شط المزار فبتُّ صبا … يطالعني الهوى من كل باب
وعهدي بالفراع وأم بكر … ثقال الردف طيبة الرضاب
من الْمُتصيِّدات بكُلِّ نَبْلٍ … تسيلُ إِذَا مشتْ سَيْلَ الْحُباب
مصورة يحار الطرف فيها … كأنَّ حديثها سُكْرُ الشَّراب
لياليَ لا أعُوجُ عَلَى الْمنَادي … ولا العذال من صعم الشباب
وقائلة ٍ رأتني لا أبالي … جنوح العاذلات إلى عتاب:
مللت عتاب أغيد كلَّ يومٍ … وشَرٌّ ما دَعَاكَ إِلَى الْعِتَابِ
إذا بعث الجواب عليك حرباً … فَمَا لَكَ لاَ تَكُفُّ عَن الْجَوَاب
أصونُ عن اللئام لباب ودي … وَأخْتَصّ الأَكَارِمَ باللُّبَاب
وَأيُّ فَتًى منَ الْبَوغَاءِ يُغْني … مقامي في المخاطب والخطاب
وتجمعُ دعوتي آثارَ قومي … همُ الأسد الخوادر تحت غاب
وُلاَة ُ الْعزِّ والشَّرَف الْمُعَلَّى … يردون الفضول على المصاب
نَقُودُ كَتَائباً ونَسُوقُ أخْرَى … وفعنا فوقهم غر السحابِ
وأبراراً نعود إذا غضبنا … بأحلام رواجح كالهضاب
وإِنْ نُسْرعْ بمَرْحَمَة ٍ لقَوْمٍ … فلسنا بالسراع إلى العقاب
نُرَشِّحُ ظَالماً وَنَلُمُّ شُعْثاً … ونَرْضَى بالثَّنَاءِ منَ الثَّوَابِ
ترانا حين تختلفُ العوالي … وقَدْ لاَذَ الأَذلَّة بالصِّعَاب
نقودُ كتائبنا ونسوقُ أخرى … كأنَّ زُهَاءَهُنَّ سَوَادُ لاَب
إذا فزعت بلادُ بني معدٍّ … حَمَيْنَاهَا بأغْلمَة غِضَاب
وكلِّ متوَّجٍ بالشيب يغدو … طويل الباع منتجعَ الجنابِ
مِنَ الْمُتَضَمِّنِينَ شَبَا الْمَنَايَا … يَكُونُ مَقِيلُهُ ظِلَّ الْعُقَابِ