على عذب الجرعاءِ من أيمنِ الحمى … مرادُ الظِّباءِ الأدمِ أو ملعبُ الدُّمى
رَعابيبُ يُحْمَى سِرْبَهُنَّ بِغِلْمَة ٍ … يَشُمُّ بِهِمْ أَنْفُ المُكاشِحِ مَرْغَما
غيارى ، إذا أرخى الظَّلامُ سدولهُ … سروا في ضميرِ اللَّيلِ سرّاً مكتَّما
يَبيتُونَ أيْقاظاً على حينَ هَوَّمَتْ … كَواكِبُ يَغْشَيْنَ المَغارِبَ نُوَّما
طَرَقْتُهُمُ وَالبِيضُ بِالسُّمْرِ تَحْتَمي … فخضتُ إليهنَّ الوشيجَ المقوَّما
وَكادَ يُريني أَوَّلُ الفَجْرِ غُرَّة ً … على أُخْرِياتِ اللَّيْلِ في وَجْهِ أَدْهَما
وكم شنبٍ في ثغرهِ لم أبل بهِ … فَفي شَفَة ِ الظَّلْماءِ مِنْ دُونِهِ لَمى
فَبِتْنَ على ذُعْرٍ يُقَلِّبْنَ في الدُّجى … بِزُجٍّ على دُعْجٍ ، قِسِيّاً وَأَسْهُما
وَغازَلَتُ إحْداهُنَّ حَتّى بَكَتْ دَماً … مدامعنا للصُّبحِ حينَ تبسَّما
وَضاقَ عِناقٌ يَسْلُبُ الجيدَ عِقْدَهُ … ولم يَحْتَضِنْ مِنّا الوِشاحانِ مَأْثَما
فَوا عَجَبا حتّى الصَّباحُ يَرُوعُني … لهُ الويلُ كم يشجو الفؤادَ المتيَّما
ولو قابلتهُ بالذَّوائبِ راجعت … بِها اللَّيْلَ مُلْتَفَّ الغّدائِرِ أَسْحَما
وإن كفَّ عنّا ضوءهُ باتَ حليها … يَنُمُّ علينا جَرْسُهُ إِنْ تَرَنَّما
ولسنا نبالي الحلي، إنَّ فصيحهُ … بِحَيْثُ يُرَى مِنْ قِلَّة ِ النُّطْقِ أَعْجَما
فما شاعَ بالأسرارِ منها مسوَّرٌ … وَلَم نَتَّهِمْ أيضاً عليها المُخَدَّما
إِذا ما سَرَتْ لَمْ يُمْكِن القُلْبَ مَنْطِقٌ … ولا حاولَ الخلخالُ أن يتكلَّما
ولكن وَشَى بي نَشْرُها إِذْ تَوَشَّحَتْ … لديَّ جمانَ الرَّشحِ فذّاً وتوأما
لَئِنْ كَثُرَ الواشُونَ فَالوُدُّ بَيْنَنا … على عُقَبِ الأيّامِ لن يَتَصَرَّما
وأبرحُ ما ألقاهُ في الحبِّ رائعٌ … من الشَّيبِ بالفودينِ منّي تضرَّما
أَقْبْلَ بُلوغِ الأَرْبَعينَ تَسومُني … صروفُ اللَّيالي أن أسشيبَ وأهرما؟
وتسحبني ذيلَ الخصاصة ِ، والعلا … تُحَمِّلُني عِبْءَ السِّيادَة ِ مُعْدِما
وأهتزُّ عندَ المكرماتِ فشيمة ٌ … لنا ساعَة َ الضَّرَّاءِ أَن نَتَكَرَّما
وأرضى بحظّ في الثَّراءِ مؤخَّرٍ … إِذا كانَ بَيْتي في العَلاءِ مُقَدَّما
وَتَأْلَفُ نَفْسي عِزَّها وَهْيَ حُرَّة ٌ … ترى الكبرَ غنماً والضَّراعة َ مغرما
وقدْ لامَني مَنْ لو تَأَمَّلْتُ قَوْلَهُ … علمتُ يقيناً أنَّهُ كانَ ألوما
يعيِّرني أنّي صددتُ عن الورى … ولم أمتدح منهم لئيماً مذمَّما
رويدكَ إنّي أبتغي إرثَ معشري … وهمُّكَ أن تعطى لبوساً ومطعما
فو اللهِ لا عتَّبتُ بابكَ أخمصي … فذرني وجرَّ الأتحميَّ المسهَّما
أأنحو طريقاً للطَّماعة ِ مجهلاً … وَأَتْرُكُ نَهْجاً لِلْقَناعَة ِ مَعْلَما
وقد شبَّهتني إذ ولدتُ قوابلي … من الأسدِ مجدولَ الذِّراعينِ ضيغما
ولو شِئْتِ إدراكَ الغِنى بالتِماسِهِ … زجرتُ على الأينِ المطيَّ المخزَّما
أُكَلِّفُهُ الإسْآدَ حتّى يَمَلَّهُ … ويرعفُ في المسرى سناماً ومنسما
فَلا عاشَ مَنْ يَرْضَى بِأَسْآرِ عِيشَة ٍ … تبرَّضها، إلاّ ذليلاً مهضَّما
ولي نظرة ٌ شطرَ المعالي وهمَّة ٌ … أبت أن تزورَ الجانبَ المتجهِّما
وَأَقْرَعُ أَبْوابَ المُلوكِ بِوالِدٍ … حَوى بِأَبي سُفيانَ أَشْرَفَ مُنْتَمَى
ولولا ابنُ منصورٍ لما شمتُ بارقاً … لِجَدْوى ، وَلَم أَفْتَحْ بِمَسْألَة ٍ فَما
يَعُدُّ إلى دودانَ بِيضاً غَطارِفاً … تَفرَّعَ رَوْقِيْ عِيصِهِمْ وَتَسَنَّما
وفي مَزْيَدٍ مِنْ بَعْدِ رَيَّانَ مَفْخًرٌ … لَوَى عَنْ مَداهُ ساعِدَ النَّجْمِ أَجْذَما
فأكرم بآباءٍ همُ في اشتهارهم … بُدورٌ ، وَأَبْناءٍ يُعالُونَ أَنْجُما
وأنتَ ابنهم، والفرعُ يشبهُ أصلهُ … تُحامي وَراءَ المَجْدِ أَنْ يُتَقَسَّما
تروضُ مصاعيبَ الأمورِ وتمتطي … غَوارِبَ مِنْ دَهْرٍ أَبى أَنْ يُخَطَّما
وَتَسْمو إِلى شَأْوٍ ثَنى كُلَّ طالِبٍ … على ظَلَعٍ يَمْشي وَقَدْ كانَ مِرْجَما
وتنهلُّ من كلتا يديكَ غمائمٌ … يَظَلُّ عَلَيْهِنَّ الأمانِيُّ حُوَّما
فَجارُكَ لا يَخْشى الأَذى وَتَخالُهُ … مِنَ الأَمْنِ في أَنْضادِ يَذْبُلُ أَعْصَمَا
وعافِيكَ في رَوْضٍ تَوَسَّدَ زَهْرَهُ … يُناجي غَديراً في حَواشِيهِ مُفْعَما
ويمتارُ نعمى لا تغبُّ، ويجتلي … مُحَيّاً يَروقُ النَّاظِرَ المُتَوَسِّما
وإن ألقتِ الحربُ العوانُ قناعها … وَطارَتْ فِراخٌ كُنَّ في الهَامِ جُثما
بِيَوْمٍ مَريضِ الشَّمسِ جَوْنٍ إهابُهُ … تَظنُّ الضُّحى لَيْلاً مِنَ النَّقْعِ أَقْتَما
ضَرَبْتَ بِسَيْفٍ لَمْ يَخُنْكَ غِرارُهُ … يردُّ شباهُ جانبَ القرنِ أثلما
وَرَأيٍ كَفاكَ المَشْرَفِيَّ وَسَلَّهُ … وَسُمْرَ العَوالي وَالخَميسَ العَرَمْرَما
بَلَغْتَ المَدى فَارْفُقْ بِنَفْسِكَ تَسْتَرِحْ … فَليسَ عَليها بَعْدَهُ أن تُجَشَّما
وَحَسْبُ الفَتى أَنْ فاقَ في الجودِ حاتِما … وفي بأسهِ عمراً، وفي الرَّأي أكثما
فَهُنِّئَتِ الأيّامُ منكَ بِماجِدٍ … أضاءَ بهِ الدَّهرُ الّذي كان مظلما
لهُ هيبة ٌ فيها التَّواضعُ كامنٌ … وَعِزٌّ بذَيْلِ الكِبْرِياءِ تَلَثَّما
وزاركَ عيدٌ ناشَ ذيلكَ سعدهُ … وَألْقى عَصاهُ في ذُراكَ وَخَيَّما
فَصَيِّرْ أَعاديكَ الأَضاحِيَّ إذْ لَوَوْا … طلى ً يستزرنَ المشرفيَّ المصمِّما
وَسقِّ الثَّرى لِلْنُّسْكِ مِنْ نَعَمٍ دَماً … وَرَوِّ الظُّبا لِلْمَلِكِ مِنْ بُهَمٍ دَما
ولا تصطنع إلاّ الكرامِ فإنَّهم … يُجازونَ بِالنَّعْماءِ مَنْ كانَ مُنْعِماً
وَمَنْ يَتَّخِذْ عِنْدَ اللِّئامِ صَنيعَة ً … تَجِدْهُ على آثارِها مُتَنَدِّما
وَأَيُّ فَتى ً من عَبْدِ شَمْسٍ غَمَرْتَهُ … بسيبٍ كشؤبوبِ الغمامِ إذا همى
فَأَهْدى إليكَ الشِّعْرَ حُلْواً مَذاقُهُ … تَضُمُّ قَوافِيهِ الجُمانَ المُنَظَّما
وَمَنْ يَتَرَقَّبْ في رَجائِكَ ثَرْوَة ً … فإنّي لم أخدمكَ إلاّ لأخدما