طَرَقَتْ ، ونحنُ بِسُرَّة ِ البَطْحاءِ … واللَّيلُ يَنْشُرُ وَفْرَة َ الظَّلْماءِ
فَرَأَتْ رَذَايا أَنْفُسٍ تُدْمِي بِها … أيدي الخُطوبِ غَوارِبَ الأَنْضاءِ
وإذا النّوى مدَّتْ إلينا باعها … سدَّتْ بهنَّ مطالعُ البيداءِ
أأميمَ كيفَ طويتِ أروقة َ الدُّجى … في كلِّ أغبرَ قاتمِ الأرجاءِ؟
هلاّ اتقيتِ الشُّهبَ حين تخاوصتْ … فَرَنَتْ إِليكِ بِأَعْيُنِ الرُّقَبَاءِ
خُضتِ الظَّلامَ، ومن جبينكِ يجتَلى … صُبْحٌ يَنِمُّ عليكِ بِالأَضواءِ
فطرقتِ مطويَّ الضلوعِ على جوى ً … أغضى الجفونَ بهِ على الأقذاءِ
من أريحّياتٍ إذا هبَّتْ بِها … ذكرى الحبيبِ نهضَ بالأحشاءِ
قَسَماً بِثَغْرٍ في رُضابِكِ كارِعٍ … فَكَأَنَّهُ حَبَبٌ على صَهْباءِ
وجفونكِ المرضى الصَّحيحة ِ لا درتْ … ما الدّاءُ، بل لا أفرقتْ من داءِ
لأخالفَّن هوى العَذولِ فطالما … أَفْضَى المَلامُ بِهِ إلى الإغراءِ
وإِذا القُلوبُ تَنَقَّلَتْ صَبَواتُها … في الغانِياتِ تَنَقُّلَ الأَفْياءِ
لم تتَّبعْ عيني سواكِ، ولا ثنى … عَنْكِ الفُؤادَ تَقَسُّمُ الأَهواءِ
وأقلُّ ما جنتِ الصَّبابة ُ وقفة ٌ … مَلَكَتْ قِيادَ الدَّمْعِ بِالخَلْصَاءِ
وبدا لنا طللٌ لربعكِ خاشعٌ … تَزدادُ بَهْجَتُهُ على الإقواءِ
وأبي الدِّيارِ لقد مشى فيها البلى … وَعَفَتْ مَعالِمُها سِوى أَشْلاءِ
يبكي الغمامُ بها ويبسمُ روضُها … لا زلنَ بينَ تبسُّمٍ وبكاء
وَقَفَتْ مَطايانا بِها فَعَرَفْنَها … وَكَفَفْنَ غَرْبَيْ مَيْعَة ٍ وَنَجاءِ
وَهَزَزْنَ مِن أعطافِهِنَّ ، كأَنَّما … مُلِئَتْ مَسامِعُهُنَّ رَجْعَ غِناءِ
ونزلتُ أفترشُ الثَّرى متلوِّياً … فيهِ تَلَوِّيَ حَيَّة ٍ رَقْشاءِ
وبنفحة ِ الأرجِ الذي أودعتهِ … عبقتْ حواشي ريطتي وردائي
وَكَأَنَّنِي بِذَرا الإمامِ مُقَبِّلٌ … من سدَّتيهِ معرَّسَ العَلياءِ
حيثُ الجباهُ البيضُ تلثمُ تربهُ … وتحلُّ هيبتهُ حبا العظماءِ
وَخُطَا المُلوكِ الصِّيدِ تَقْصُرُ عِندَهُ … وتطولُ فيهِ ألسنَ الشُّعراءِ
مَلِكٌ نَمَتْ في الأَنْبِياءِ فروعُهُ … وَزَكَت بِهِ الأعْراقُ في الخُلَفاءِ
بَلَغَ المَدى ، والسِّنُّ في غُلَوائِها … خَضِلَ الصِّبا ، مُتَكَهِّلَ الآراءِ
فغدا الرَّعيَّة ُ لائذينَ بظلِّهِ … يرجونَ غيثَ حياً، وليثَ حياءِ
وَمَرابِضُ الآساد في أَيَّامِهِ … بالعدلِ مثلُ مجاثمِ الأطلاءِ
مَلأَ البِلادَ كَتائِباً لَمْ يَرْضعوا … إِلاَّ ، لِبانَ العِزَّة ِ القَعْساءِ
يتسرَّعونَ إلى الوغى بصوارمٍ … خَلَطَتْ بِنَشْرِ المِسْكِ رِيحَ دِماءِ
لم تهجرُ الأغمادَ إلاّ ريثما … تعرى لتغمدَ في طُلى الأعداءِ
من كلِّ مشبوحِ الأشاجعِ، ساحبٍ … في الرَّوعِ ذيلَ النَّثرة ِ الحصداءِ
يَنْسابُ في الأّدْراعِ عامِلُ رُمْحِهِ … كَالأَيْمِ يَسْبَحُ في غَديرِ الماءِ
أَخَذَ الحٌقوقَ بِهمْ وَأَعْطَاهَا مَعاً … والحزمُ بينَ الأخذِ والإعطاءِ
يابْنَ الشَّفيعِ إلى الحَيا، وَقَدِ اكْتَسَتْ … شَمَطاً فُروعُ الرَّوضَة ِ الغَنَّاءِ
فدنا الغمامُ وكادَ يمري المجتدي … بيديهِ خلفَ المزنة ِ الوطفاءِ
لولاهُ لم تشمِ الريِّاضُ بأعينٍ … من زهرهنّ مخايلَ الأنواءِ
خُلِقَتْ طِلاَعَ القَلْبِ هَيْبَتُكَ التي … خَلَفتْ غِرارَ السَّيْفَ في الهَيْجَاءِ
ونضا وزيركَ دونَ مُلككَ عزمة ً … تَكْفيهِ نَهْضَة َ فَيلَقٍ شَهْباءِ
وَتَرُدُّ مَن قَلِقَتْ بِهِ أَضْغانُهُ … حَيَّ المَخَافة ِ، مَيِّتَ الأَعْضاءِ
وتصيبُ شاكلة َ الرَّميّ إذا بدت … رِيَبٌ تُهيبُ بِمُقْلَة ٍ شَوساءِ
فكأنَّ أسرارَ القلوبِ تُظلُّهُ … بِغُيوبِهنَّ جَوائِبُ الأَنْباءِ
يسعى ويدأبُ في رضاكَ، وإنْ غلتْ … مُهَجُ النّفوسِ عَلَيهِ بِالشَّحْناءِ
وَإذا الزَّمانُ أَتى بِخَطْبٍ مُعْضِلٍ … وليَ افتراعَ الخطَّة ِ العذراءِ
وَإصابَة ُ الخُلَفاءِ فيما حاوَلُوا … مقرونة ٌ بكفاية ِ الوزراءِ
لا زلتما متوشِّحين بدولة ٍ … مُرْخى ً ذَوائِبُها عَلى النَّعماءِ