صِبا من شاب مَفْرقه تصابص وإن طلب الصِّبا والقلبُ صَابِ … أعاذِلُ راضني لك شيب رأسي
ولولا ذاك أعيا اقتضابي … فلُومي سامعاً لكِ أو أَفيقي
فقد حان اتِّئابُكِ واتِّئابي … وقد أغناكِ شيبي عن ملامي
كما أغنى العيونَ عن ارتقابي … غضضتُ من الجفون فلست أَرمي
ولا أُرمى بطرف مستراب … وكيف تعرُّضي للصيد أَنَّى
وقد رِيشتْ قِداحي باللُّغابِ … كفى بالشيب من ناهٍ مُطاعٍ
على كُرهٍ ومن داعٍ مُجاب … حططتُ إلى النُّهى رحلي وكلَّتْ
مطية ُ باطلي بعد الهِبابِ … وقلت مُسلِّماً للشيب أهلاً
بهادي المخطئين إلى الصوابِ … ألستَ مُبشِّري في كلّ يومٍ
بوشكِ ترحُّلي إثرَ الشبابِ … لقد بشّرتني بلحاقِ ماضٍ
أحبَّ إليَّ من بَرْدِ الشرابِ … فلستُ مسمِّياً بُشراك نَعْياً
وإنْ أوعدتَ نفسي بالذَّهاب … لك البشرى وما بشراك عندي
سوى ترقيع وَهْيك بالخضابِ … وأنت وإن فتكتَ بحبِّ نفسيم
وإن طلب الصِّبا والقلبُ صَابِ … أعاذِلُ راضني لك شيب رأسي
ولولا ذاك أعيا اقتضابي … فلُومي سامعاً لكِ أو أَفيقي
فقد حان اتِّئابُكِ واتِّئابي … وقد أغناكِ شيبي عن ملامي
كما أغنى العيونَ عن ارتقابي … غضضتُ من الجفون فلست أَرمي
ولا أُرمى بطرف مستراب … وكيف تعرُّضي للصيد أَنَّى
وقد رِيشتْ قِداحي باللُّغابِ … كفى بالشيب من ناهٍ مُطاعٍ
على كُرهٍ ومن داعٍ مُجاب … حططتُ إلى النُّهى رحلي وكلَّتْ
مطية ُ باطلي بعد الهِبابِ … وقلت مُسلِّماً للشيب أهلاً
بهادي المخطئين إلى الصوابِ … ألستَ مُبشِّري في كلّ يومٍ
بوشكِ ترحُّلي إثرَ الشبابِ … لقد بشّرتني بلحاقِ ماضٍ
أحبَّ إليَّ من بَرْدِ الشرابِ … فلستُ مسمِّياً بُشراك نَعْياً
وإنْ أوعدتَ نفسي بالذَّهاب … لك البشرى وما بشراك عندي
سوى ترقيع وَهْيك بالخضابِ … وأنت وإن فتكتَ بحبِّ نفسي
وصاحبِ لذتي دون الصِّحابِ … فقد أعتبتني وأمتَّ حقدي
بحَثِّك خَلْفَه عَجِلاً ركابي … إذا ألحَقتني بشقيق عَيْشِي
فقد وَفَّيتني فيه ثوابي … وحسبي من ثوابي فيه أني
وإياهُ نؤوب إلى مآبِ … لعمرُك ما الحياة ُ لكلّ حي
إذا فَقَدَ الشبابَ سوى عذابِ … فقُل لبناتِ دهري فلتُصبني
إذا ولَّى بأسهُمِها الصُّيابِ … سقى عهدَ الشبيبة ِ كلُّ غيثٍ
أغرَّ مُجلجلٍ داني الرَّبابِ … ليالي لم أقلْ سَقْيا لعهدٍ
ولم أَرغَبْ إلى سُقيا سَحابِ … ولم أتنفس الصُّعداءَ لَهفاً
على عيشٍ تداعَى بانقضابِ … أُطالعُ ما أمامي بابتهاجٍ
ولا أقفو المُولِّي باكتئاب … أَجَدَّ الغانيات قَلَيْنَ وصلي
وتَطْبيني إليهنَّ الطَّوابي … صددن بأعيُنٍ عني نَواب
ولسنَ عن المَقاتل بالنوابي … ولم يصدُدنَ من خَفَرٍ ودَلٍّ
ولكن من بِعادٍ واجتنابِ … وقلنَ كفاكَ بالشيبِ امتهاناً
وبالصَّرمِ المُعَجَّلِ من عِقاب … وما أنصفنَ إذ يَصرِمْنَ حَبلي
بذنبٍ ليس منّي باكتسابِ … وكُنَّ إذا اعتدَدْنَ الشيبَ ذنباً
على رجلٍ فليس بمُستتابِ … ومَا لَكَ عند من يعتدُّ ظلماً
عليك بذنب غيرِك من مَتابِ … يذكِّرني الشبابَ صَدَى ً طويلٌ
إلى بَرَدِ الثنايا والرُّضابِ … وشُحُّ الغانِياتِ عليهِ إلاَّ
عن ابن شَبيبة ٍ جَوْنِ الغُرابِ … فإن سقَّينَني صَرَّدْن شُربي
ولم يكُ عن هوى ً بل عن خلابِ … يُذكرني الشبابَ هوانُ عَتبي
وصدُّ الغانيات لدى عتابي … ولو عَتْبُ الشَّبابِ ظهيرُ عَتْبي
رَجَعْنَ إليَّ بالعُتبى جوابي … وأصغَى المُعْرضاتُ إلى عتابٍ
يُحَطُّ به الوُعولُ من الهِضابِ … وأَقلقَ مضجعَ الحسناءِ سُخطي
فأرضَتني على رَغمِ الغِضابِ … وبتُّ وبين شخصينا عَفافٌ
سِخابُ عِناقِها دون السِّخابِ … ولو أني هناك أُطيعُ جهلي
لكنتُ حِقابها دون الحِقابِ … يُذكرني الشبابَ سهامُ حَتْفٍ
يُصبنَ مقاتلي دون الإهاب … رمتْ قلبي بهنّ فأقصدتْه
طُلوعَ النَّبْلِ من خَلَل النِّقاب … فراحتْ وهْيَ في بالٍ رَخيٍّ
ورحتُ بلوعة ٍ مثْل الشّهابِ … وكلُّ مبارزٍ بالشيبِ قِرْناً
فمَسْبيُّ لعمرُك غيرُ سابي … ولو شهد الشبابُ إذاً لراحتْصِبا من شاب مَفْرِقُهُ تَصابِ
وإن طلب الصِّبا والقلبُ صَابِ … أعاذِلُ راضني لك شيب رأسي
ولولا ذاك أعيا اقتضابي … فلُومي سامعاً لكِ أو أَفيقي
فقد حان اتِّئابُكِ واتِّئابي … وقد أغناكِ شيبي عن ملامي
كما أغنى العيونَ عن ارتقابي … غضضتُ من الجفون فلست أَرمي
ولا أُرمى بطرف مستراب … وكيف تعرُّضي للصيد أَنَّى
وقد رِيشتْ قِداحي باللُّغابِ … كفى بالشيب من ناهٍ مُطاعٍ
على كُرهٍ ومن داعٍ مُجاب … حططتُ إلى النُّهى رحلي وكلَّتْ
مطية ُ باطلي بعد الهِبابِ … وقلت مُسلِّماً للشيب أهلاً
بهادي المخطئين إلى الصوابِ … ألستَ مُبشِّري في كلّ يومٍ
بوشكِ ترحُّلي إثرَ الشبابِ … لقد بشّرتني بلحاقِ ماضٍ
أحبَّ إليَّ من بَرْدِ الشرابِ … فلستُ مسمِّياً بُشراك نَعْياً
وإنْ أوعدتَ نفسي بالذَّهاب … لك البشرى وما بشراك عندي
سوى ترقيع وَهْيك بالخضابِ … وأنت وإن فتكتَ بحبِّ نفسي
وصاحبِ لذتي دون الصِّحابِ … فقد أعتبتني وأمتَّ حقدي
بحَثِّك خَلْفَه عَجِلاً ركابي … إذا ألحَقتني بشقيق عَيْشِي
فقد وَفَّيتني فيه ثوابي … وحسبي من ثوابي فيه أني
وإياهُ نؤوب إلى مآبِ … لعمرُك ما الحياة ُ لكلّ حي
إذا فَقَدَ الشبابَ سوى عذابِ … فقُل لبناتِ دهري فلتُصبني
إذا ولَّى بأسهُمِها الصُّيابِ … سقى عهدَ الشبيبة ِ كلُّ غيثٍ
أغرَّ مُجلجلٍ داني الرَّبابِ … ليالي لم أقلْ سَقْيا لعهدٍ
ولم أَرغَبْ إلى سُقيا سَحابِ … ولم أتنفس الصُّعداءَ لَهفاً
على عيشٍ تداعَى بانقضابِ … أُطالعُ ما أمامي بابتهاجٍ
ولا أقفو المُولِّي باكتئاب … أَجَدَّ الغانيات قَلَيْنَ وصلي
وتَطْبيني إليهنَّ الطَّوابي … صددن بأعيُنٍ عني نَواب
ولسنَ عن المَقاتل بالنوابي … ولم يصدُدنَ من خَفَرٍ ودَلٍّ
ولكن من بِعادٍ واجتنابِ … وقلنَ كفاكَ بالشيبِ امتهاناً
وبالصَّرمِ المُعَجَّلِ من عِقاب … وما أنصفنَ إذ يَصرِمْنَ حَبلي
بذنبٍ ليس منّي باكتسابِ … وكُنَّ إذا اعتدَدْنَ الشيبَ ذنباً
على رجلٍ فليس بمُستتابِ … ومَا لَكَ عند من يعتدُّ ظلماً
عليك بذنب غيرِك من مَتابِ … يذكِّرني الشبابَ صَدَى ً طويلٌ
إلى بَرَدِ الثنايا والرُّضابِ … وشُحُّ الغانِياتِ عليهِ إلاَّ
عن ابن شَبيبة ٍ جَوْنِ الغُرابِ … فإن سقَّينَني صَرَّدْن شُربي
ولم يكُ عن هوى ً بل عن خلابِ … يُذكرني الشبابَ هوانُ عَتبي
وصدُّ الغانيات لدى عتابي … ولو عَتْبُ الشَّبابِ ظهيرُ عَتْبي
رَجَعْنَ إليَّ بالعُتبى جوابي … وأصغَى المُعْرضاتُ إلى عتابٍ
يُحَطُّ به الوُعولُ من الهِضابِ … وأَقلقَ مضجعَ الحسناءِ سُخطي
فأرضَتني على رَغمِ الغِضابِ … وبتُّ وبين شخصينا عَفافٌ
سِخابُ عِناقِها دون السِّخابِ … ولو أني هناك أُطيعُ جهلي
لكنتُ حِقابها دون الحِقابِ … يُذكرني الشبابَ سهامُ حَتْفٍ
يُصبنَ مقاتلي دون الإهاب … رمتْ قلبي بهنّ فأقصدتْه
طُلوعَ النَّبْلِ من خَلَل النِّقاب … فراحتْ وهْيَ في بالٍ رَخيٍّ
ورحتُ بلوعة ٍ مثْل الشّهابِ … وكلُّ مبارزٍ بالشيبِ قِرْناً
فمَسْبيُّ لعمرُك غيرُ سابي … ولو شهد الشبابُ إذاً لراحتْ
وإن بها وعيشك ضِعْفَ ما فيا غَوثاً هناك بقَيْدِ ثأري … إذا ما الثأرُ فات يدَ الطِّلابِ
فكم ثأرٍ تلاقتْ لي يداهُ … ولو من بين أطرافِ الحرابِصِبا من شاب مَفْرِقُهُ تَصابِ
وإن طلب الصِّبا والقلبُ صَابِ … أعاذِلُ راضني لك شيب رأسي
ولولا ذاك أعيا اقتضابي … فلُومي سامعاً لكِ أو أَفيقي
فقد حان اتِّئابُكِ واتِّئابي … وقد أغناكِ شيبي عن ملامي
كما أغنى العيونَ عن ارتقابي … غضضتُ من الجفون فلست أَرمي
ولا أُرمى بطرف مستراب … وكيف تعرُّضي للصيد أَنَّى
وقد رِيشتْ قِداحي باللُّغابِ … كفى بالشيب من ناهٍ مُطاعٍ
على كُرهٍ ومن داعٍ مُجاب … حططتُ إلى النُّهى رحلي وكلَّتْ
مطية ُ باطلي بعد الهِبابِ … وقلت مُسلِّماً للشيب أهلاً
بهادي المخطئين إلى الصوابِ … ألستَ مُبشِّري في كلّ يومٍ
بوشكِ ترحُّلي إثرَ الشبابِ … لقد بشّرتني بلحاقِ ماضٍ
أحبَّ إليَّ من بَرْدِ الشرابِ … فلستُ مسمِّياً بُشراك نَعْياً
وإنْ أوعدتَ نفسي بالذَّهاب … لك البشرى وما بشراك عندي
سوى ترقيع وَهْيك بالخضابِ … وأنت وإن فتكتَ بحبِّ نفسيه
وصاحبِ لذتي دون الصِّحابِ … فقد أعتبتني وأمتَّ حقدي
بحَثِّك خَلْفَه عَجِلاً ركابي … إذا ألحَقتني بشقيق عَيْشِي
فقد وَفَّيتني فيه ثوابي … وحسبي من ثوابي فيه أني
وإياهُ نؤوب إلى مآبِ … لعمرُك ما الحياة ُ لكلّ حي
إذا فَقَدَ الشبابَ سوى عذابِ … فقُل لبناتِ دهري فلتُصبني
إذا ولَّى بأسهُمِها الصُّيابِ … سقى عهدَ الشبيبة ِ كلُّ غيثٍ
أغرَّ مُجلجلٍ داني الرَّبابِ … ليالي لم أقلْ سَقْيا لعهدٍ
ولم أَرغَبْ إلى سُقيا سَحابِ … ولم أتنفس الصُّعداءَ لَهفاً
على عيشٍ تداعَى بانقضابِ … أُطالعُ ما أمامي بابتهاجٍ
ولا أقفو المُولِّي باكتئاب … أَجَدَّ الغانيات قَلَيْنَ وصلي
وتَطْبيني إليهنَّ الطَّوابي … صددن بأعيُنٍ عني نَواب
ولسنَ عن المَقاتل بالنوابي … ولم يصدُدنَ من خَفَرٍ ودَلٍّ
ولكن من بِعادٍ واجتنابِ … وقلنَ كفاكَ بالشيبِ امتهاناً
وبالصَّرمِ المُعَجَّلِ من عِقاب … وما أنصفنَ إذ يَصرِمْنَ حَبلي
بذنبٍ ليس منّي باكتسابِ … وكُنَّ إذا اعتدَدْنَ الشيبَ ذنباً
على رجلٍ فليس بمُستتابِ … ومَا لَكَ عند من يعتدُّ ظلماً
عليك بذنب غيرِك من مَتابِ … يذكِّرني الشبابَ صَدَى ً طويلٌ
إلى بَرَدِ الثنايا والرُّضابِ … وشُحُّ الغانِياتِ عليهِ إلاَّ
عن ابن شَبيبة ٍ جَوْنِ الغُرابِ … فإن سقَّينَني صَرَّدْن شُربي
ولم يكُ عن هوى ً بل عن خلابِ … يُذكرني الشبابَ هوانُ عَتبي
وصدُّ الغانيات لدى عتابي … ولو عَتْبُ الشَّبابِ ظهيرُ عَتْبي
رَجَعْنَ إليَّ بالعُتبى جوابي … وأصغَى المُعْرضاتُ إلى عتابٍ
يُحَطُّ به الوُعولُ من الهِضابِ … وأَقلقَ مضجعَ الحسناءِ سُخطي
فأرضَتني على رَغمِ الغِضابِ … وبتُّ وبين شخصينا عَفافٌ
سِخابُ عِناقِها دون السِّخابِ … ولو أني هناك أُطيعُ جهلي
لكنتُ حِقابها دون الحِقابِ … يُذكرني الشبابَ سهامُ حَتْفٍ
يُصبنَ مقاتلي دون الإهاب … رمتْ قلبي بهنّ فأقصدتْه
طُلوعَ النَّبْلِ من خَلَل النِّقاب … فراحتْ وهْيَ في بالٍ رَخيٍّ
ورحتُ بلوعة ٍ مثْل الشّهابِ … وكلُّ مبارزٍ بالشيبِ قِرْناً
فمَسْبيُّ لعمرُك غيرُ سابي … ولو شهد الشبابُ إذاً لراحتْ
وإن بها وعيشك ضِعْفَ ما بي … فيا غَوثاً هناك بقَيْدِ ثأري
إذا ما الثأرُ فات يدَ الطِّلابِ … فكم ثأرٍ تلاقتْ لي يداهُ
ولو من بين أطرافِ الحرابِ … يُذكرني الشبابَ جِنانُ عَدْن
على جنبات أنهارٍ عذاب … تُفَيِّىء ُ ظلَّها نفحاتُ ريحٍ
تهزُّ متونَ أغصان رِضاب … إذا ماسَتْ ذوائبُها تداعتْ
بواكي الطير فيها بانتحابِ … يُذكرني الشبابَ رياضُ حَزْنٍ
ترنَّم بينها زُرقُ الذُّبابِ … إذا شمسُ الأصائلِ عارضَتها
وقد كَرَبَتْ تَوارَى بالحجابِ … وألقتْ جُنحَ مغْربها شُعاعاً
مريضاً مثلَ ألحاظ الكَعابِ … يذكرني الشبابَ سَراة ُ نِهْيى ٍ
نَميرِ الماءِ مُطرِد الحَبابِ … قَرَتهُ مُزنة ٌ بِكرٌ وأضحَى
تُرقرقُهُ الصَّبا مثلَ السّرابِ … على حَصْباءَ في أرضٍ هجانٍ
كأن تُرابَها ذَفِرُ المَلابِ … له حُبُكٌ إذا اطَّردتْ عليه
قرأتَ بها سُطوراً في كتابِ … تُذكرني الشبابَ صباً بَليلٌ
رسيسُ المَسِّ لاغبة ُ الرِّكابِ … أتت من بعدِ ما انسحبتْ مَلياً
على زَهْر الرُّبا كل انسحاب … وقد عَبِقَتْ بها ريَّا الخُزامى
كَريّا المِسك ضُوِّعَ بانتهابِ … يُذكرني الشبابَ وميضُ برقٍ
وسجعُ حمامة ٍ وحنينُ نابِ … فيا أسفَا ويا جزعَا عليه
ويا حَزَنَا إلى يومِ الحساب … أأُفجعُ بالشباب ولا أُعزَّى
لقد غَفَلَ المُعزِّي عن مُصابي … تَفَرَّقْنَا على كُرهٍ جميعاً
ولم يكُ عن قِلَى طولِ اصطحابِ … وكانت أيكتي ليدِ اجتناءٍ
فعادتْ بعدَهُ ليدِ احتطابِ … أيا بُرْدَ الشبابِ لكنتَ عندي
من الحَسَنَاتِ والقِسَمِ الرِّغابِ … بَليتَ على الزمان وكلُّ بُردٍ
قبينَ بِلى ً وبين يدِ استلابِ … وعزَّ عليَّ أن تبْلى وأبقى
ولكنَّ الحوادثَ لا تُحابي … لَبِستُك برهة ً لُبْسَ ابتذالٍ
على علمي بفضلك في الثيابِ … ولوُ ملِّكْتَ صَوْنَكَ فاعْلَمنْهُ
لصنتُك في الحريز من العياب … ولم أَلْبَسْكَ إِلاَّ يومَ فخرٍ
ويومَ زيارة ِ المَلكِ اللُّبابِ … عبيد اللَّه قَرْمِ بني زُريقٍ
وحسبُك باسمه فَصْلَ الخطابِ … فتى صَرُحَتْ خلائقُهُ قديماً
فليستْ بالسَّمارِ ولا الشهابِ … ولم يُخْلَقْنَ من أَرْي جميعاً
ولكن هُنَّ من أَرْيٍ وصَابِ … وما مَنْ كان ذا خُلُقَين شتَّى
وكانا ماجدَينِ بذي ائتشابِ … له حِلمٌ يَذُبُّ الجهلَ عنهُ
كَذبِّ النحل عن عَسلِ اللِّصابِ … وما جهلُ الحليمِ لَهُ بجهلٍ
ولكنْ حدُّ أُظفورٍ ونابِ … يلينُ مُلاَيناً لمُلاينيهِ
ويَخشُنُ للمُخاشِنِ ذي الشِّغابِ … وراءَ معاطِفٍ منهُ لِدانٍ
إباءُ مكاسرٍ منهُ صِلابِ … كَخُوط الخيزرانِ يُريك ليناً
ويأبى الكسر من عطفيهِ آب … موإن طلب الصِّبا والقلبُ صَابِ
أعاذِلُ راضني لك شيب رأسي … ولولا ذاك أعيا اقتضابي
فلُومي سامعاً لكِ أو أَفيقي … فقد حان اتِّئابُكِ واتِّئابي
وقد أغناكِ شيبي عن ملامي … كما أغنى العيونَ عن ارتقابي
غضضتُ من الجفون فلست أَرمي … ولا أُرمى بطرف مستراب
وكيف تعرُّضي للصيد أَنَّى … وقد رِيشتْ قِداحي باللُّغابِ
كفى بالشيب من ناهٍ مُطاعٍ … على كُرهٍ ومن داعٍ مُجاب
حططتُ إلى النُّهى رحلي وكلَّتْ … مطية ُ باطلي بعد الهِبابِ
وقلت مُسلِّماً للشيب أهلاً … بهادي المخطئين إلى الصوابِ
ألستَ مُبشِّري في كلّ يومٍ … بوشكِ ترحُّلي إثرَ الشبابِ
لقد بشّرتني بلحاقِ ماضٍ … أحبَّ إليَّ من بَرْدِ الشرابِ
فلستُ مسمِّياً بُشراك نَعْياً … وإنْ أوعدتَ نفسي بالذَّهاب
لك البشرى وما بشراك عندي … سوى ترقيع وَهْيك بالخضابِ
وأنت وإن فتكتَ بحبِّ نفسي … وصاحبِ لذتي دون الصِّحابِ
فقد أعتبتني وأمتَّ حقدي … بحَثِّك خَلْفَه عَجِلاً ركابي
إذا ألحَقتني بشقيق عَيْشِي … فقد وَفَّيتني فيه ثوابي
وحسبي من ثوابي فيه أني … وإياهُ نؤوب إلى مآبِ
لعمرُك ما الحياة ُ لكلّ حي … إذا فَقَدَ الشبابَ سوى عذابِ
فقُل لبناتِ دهري فلتُصبني … إذا ولَّى بأسهُمِها الصُّيابِ
سقى عهدَ الشبيبة ِ كلُّ غيثٍ … أغرَّ مُجلجلٍ داني الرَّبابِ
ليالي لم أقلْ سَقْيا لعهدٍ … ولم أَرغَبْ إلى سُقيا سَحابِ
ولم أتنفس الصُّعداءَ لَهفاً … على عيشٍ تداعَى بانقضابِ
أُطالعُ ما أمامي بابتهاجٍ … ولا أقفو المُولِّي باكتئاب
أَجَدَّ الغانيات قَلَيْنَ وصلي … وتَطْبيني إليهنَّ الطَّوابي
صددن بأعيُنٍ عني نَواب … ولسنَ عن المَقاتل بالنوابي
ولم يصدُدنَ من خَفَرٍ ودَلٍّ … ولكن من بِعادٍ واجتنابِ
وقلنَ كفاكَ بالشيبِ امتهاناً … وبالصَّرمِ المُعَجَّلِ من عِقاب
وما أنصفنَ إذ يَصرِمْنَ حَبلي … بذنبٍ ليس منّي باكتسابِ
وكُنَّ إذا اعتدَدْنَ الشيبَ ذنباً … على رجلٍ فليس بمُستتابِ
ومَا لَكَ عند من يعتدُّ ظلماً … عليك بذنب غيرِك من مَتابِ
يذكِّرني الشبابَ صَدَى ً طويلٌ … إلى بَرَدِ الثنايا والرُّضابِ
وشُحُّ الغانِياتِ عليهِ إلاَّ … عن ابن شَبيبة ٍ جَوْنِ الغُرابِ
فإن سقَّينَني صَرَّدْن شُربي … ولم يكُ عن هوى ً بل عن خلابِ
يُذكرني الشبابَ هوانُ عَتبي … وصدُّ الغانيات لدى عتابي
ولو عَتْبُ الشَّبابِ ظهيرُ عَتْبي … رَجَعْنَ إليَّ بالعُتبى جوابي
وأصغَى المُعْرضاتُ إلى عتابٍ … يُحَطُّ به الوُعولُ من الهِضابِ
وأَقلقَ مضجعَ الحسناءِ سُخطي … فأرضَتني على رَغمِ الغِضابِ
وبتُّ وبين شخصينا عَفافٌ … سِخابُ عِناقِها دون السِّخابِ
ولو أني هناك أُطيعُ جهلي … لكنتُ حِقابها دون الحِقابِ
يُذكرني الشبابَ سهامُ حَتْفٍ … يُصبنَ مقاتلي دون الإهاب
رمتْ قلبي بهنّ فأقصدتْه … طُلوعَ النَّبْلِ من خَلَل النِّقاب
فراحتْ وهْيَ في بالٍ رَخيٍّ … ورحتُ بلوعة ٍ مثْل الشّهابِ
وكلُّ مبارزٍ بالشيبِ قِرْناً … فمَسْبيُّ لعمرُك غيرُ سابي
ولو شهد الشبابُ إذاً لراحتْ … وإن بها وعيشك ضِعْفَ ما بي
فيا غَوثاً هناك بقَيْدِ ثأري … إذا ما الثأرُ فات يدَ الطِّلابِ
فكم ثأرٍ تلاقتْ لي يداهُ … ولو من بين أطرافِ الحرابِ
يُذكرني الشبابَ جِنانُ عَدْن … على جنبات أنهارٍ عذاب
تُفَيِّىء ُ ظلَّها نفحاتُ ريحٍ … تهزُّ متونَ أغصان رِضاب
إذا ماسَتْ ذوائبُها تداعتْ … بواكي الطير فيها بانتحابِ
يُذكرني الشبابَ رياضُ حَزْنٍ … ترنَّم بينها زُرقُ الذُّبابِ
إذا شمسُ الأصائلِ عارضَتها … وقد كَرَبَتْ تَوارَى بالحجابِ
وألقتْ جُنحَ مغْربها شُعاعاً … مريضاً مثلَ ألحاظ الكَعابِ
يذكرني الشبابَ سَراة ُ نِهْيى ٍ … نَميرِ الماءِ مُطرِد الحَبابِ
قَرَتهُ مُزنة ٌ بِكرٌ وأضحَى … تُرقرقُهُ الصَّبا مثلَ السّرابِ
على حَصْباءَ في أرضٍ هجانٍ … كأن تُرابَها ذَفِرُ المَلابِ
له حُبُكٌ إذا اطَّردتْ عليه … قرأتَ بها سُطوراً في كتابِ
تُذكرني الشبابَ صباً بَليلٌ … رسيسُ المَسِّ لاغبة ُ الرِّكابِ
أتت من بعدِ ما انسحبتْ مَلياً … على زَهْر الرُّبا كل انسحاب
وقد عَبِقَتْ بها ريَّا الخُزامى … كَريّا المِسك ضُوِّعَ بانتهابِ
يُذكرني الشبابَ وميضُ برقٍ … وسجعُ حمامة ٍ وحنينُ نابِ
فيا أسفَا ويا جزعَا عليه … ويا حَزَنَا إلى يومِ الحساب
أأُفجعُ بالشباب ولا أُعزَّى … لقد غَفَلَ المُعزِّي عن مُصابي
تَفَرَّقْنَا على كُرهٍ جميعاً … ولم يكُ عن قِلَى طولِ اصطحابِ
وكانت أيكتي ليدِ اجتناءٍ … فعادتْ بعدَهُ ليدِ احتطابِ
أيا بُرْدَ الشبابِ لكنتَ عندي … من الحَسَنَاتِ والقِسَمِ الرِّغابِ
بَليتَ على الزمان وكلُّ بُردٍ … قبينَ بِلى ً وبين يدِ استلابِ
وعزَّ عليَّ أن تبْلى وأبقى … ولكنَّ الحوادثَ لا تُحابي
لَبِستُك برهة ً لُبْسَ ابتذالٍ … على علمي بفضلك في الثيابِ
ولوُ ملِّكْتَ صَوْنَكَ فاعْلَمنْهُ … لصنتُك في الحريز من العياب
ولم أَلْبَسْكَ إِلاَّ يومَ فخرٍ … ويومَ زيارة ِ المَلكِ اللُّبابِ
عبيد اللَّه قَرْمِ بني زُريقٍ … وحسبُك باسمه فَصْلَ الخطابِ
فتى صَرُحَتْ خلائقُهُ قديماً … فليستْ بالسَّمارِ ولا الشهابِ
ولم يُخْلَقْنَ من أَرْي جميعاً … ولكن هُنَّ من أَرْيٍ وصَابِ
وما مَنْ كان ذا خُلُقَين شتَّى … وكانا ماجدَينِ بذي ائتشابِ
له حِلمٌ يَذُبُّ الجهلَ عنهُ … كَذبِّ النحل عن عَسلِ اللِّصابِ
وما جهلُ الحليمِ لَهُ بجهلٍ … ولكنْ حدُّ أُظفورٍ ونابِ
يلينُ مُلاَيناً لمُلاينيهِ … ويَخشُنُ للمُخاشِنِ ذي الشِّغابِ
وراءَ معاطِفٍ منهُ لِدانٍ … إباءُ مكاسرٍ منهُ صِلابِ
كَخُوط الخيزرانِ يُريك ليناً … ويأبى الكسر من عطفيهِ آبهن
يُنضنِضُ منهُ مَنْ عاداهُ صِلاّ … من الأَصلال مَخْشيَّ الوِثابِ
إذا ما انسابَ كان لَهُ سَحيفٌ … يَميرُ الحارشينَ مِنَ الضِّبابِ
يُميتُ لُعابُهُ من غير نهشٍ … وأدنى نفثِهِ دون اللُّعابِ
وذلك منه في غير ارتقاءٍ … ظهورَ الموبِقَاتٍ ولا ارتكابِ
إليه يشار أيُّ رئابِ صدعٍ … إذا ما الصدعُ جَلَّ عن الرئابِ
يُضيء شِهابُهُ في كلِّ ليلٍ … فتنجابُ الدجى أيَّ انجيابِ
إذا ما الخُرْتُ لم يسلكْهُ خِلْفٌ … تَغَلْغَلَ فيهِ ولاَّجُ الثقابِ
وليس بوالجٍ في الخُرْتِ إِلاَّ … مُمِرُّ الخلقِ سُلِّكَ لانسرابِ
غدا جبلاً جبالُ الأرضِ طُرّا … تضاءَلُ تحته مثلُ الظِّرابِ
يُلاذُ بمعقل منه حريزٍ … ويُرعى حوله أَثرى جَنابِ
ثِمالاً للأَراملِ واليتامى … يثوبُ الناسُ منهُ إلى مَثَابِ
بساحتِهِ قدورٌ راسياتٌ … تُفارِطها جِفانٌ كالجوابي
له نارانِ نارُ قِرى وحربٍ … ترى كلتيهما ذاتَ التهابِ
عجبتُ ولستُ أبرحُ مَنْ نداهُ … طوالَ الدهرِ في أمرٍ عُجابِ
له عزٌّ يُجيرُ على الليالي … ومالٌ مُستباحٌ كالنهابِ
وأعجبُ منه أنَّ الأرضَ سالتْ … بصوبِ سمائه إلاَّ شِعابي
فقولا للأميرِ وإنْ رآني … بمَزْجر ما يُهانُ من الكلابِ
أَما لي منْ دُعاءٍ مُستجابٍ … لديك مع الدُّعاءِ المستجابِ
أظلَّ سحابُ عُرفِك كلَّ شيءٍ … ودرَّ على البلادِ بلا عصابِ
سوايَ فإنني عنهُ بظَهيرٍ … كأني خلفَ مُنقطِعِ الترابِ
يجودُ بسيْبِهِ أبداً لغيري … ويخلُبني ببرقٍ غير خابي
أَما لي منهُ حظٌّ غيرُ برقٍ … تُشبِّهه العيونُ حريقَ غابِ
أبيتُ أَشيمُهُ وأذودُ نومي … ويُرزَقُ صوبَهُ أَقصى مصابِ
سقيتَ الواردين بلا رشاءٍ … كدجلة َ مدَّها سيلُ الروابي
وأدليتُ الدِّلاءَ فلم تَؤُبْ لي … بملءٍ من نَداك ولا قُرابِ
هَباً لي ما لِقَدْحي يُوري … ألم أَقدَحْ بزندٍ غير كابِ
لقد أيقنتُ أني لم يُقصِّرْ … تخَيُّرْيَ الزّنادَ ولا انتخابي
ألم تَسبِقْ جياديَ خارجاتٍ … بخَرَّاجٍ من الضِّيَقِ الهوابي
فما للتَّالياتِ لديك تحظَى … بحظِّ سوابقِ الخيلِ العِراب
أتحرُمني لأني مستغِلٌ … وأني لستُ كالرَّزْحى السِّغابِ
فما تحمي ذواتُ الدَّرِّ دَرَّا … إذا صادفْنَ مَلآنَ الوِطابِ
ولا تختصُّ بالحَلَبِ العيامَى … إذا الحُلاَّبُ قاموا بالعِلابِ
ولكن لا تزالُ تَدُرُّ عفواً … لكلِّ يدٍ مَرتْهَا لاحتلابِ
وما يطوي العمارَة َ كلُّ غيثٍ … إلى الأرض المعطَّلة ِ اليبابِ
ولكن لا يزال يجودُ كُلاًّ … بجَوْدٍ أو بَوبْلٍ ذي انسكابِ
لإحياء التي كانت مَواتاً … وحفِظ العامرات من الخرابِ
وإن أكُ من نداهُ على صعودٍ … فإني من نداك على انصبابِ
فلا تَضَعَنَّ رِفدَك دون قدري … فليس يفوتُ بسطَتَك انتصابي
وما سيْبُ الأميرِ بسيلِ وادٍ … يُقصِّر أن ينَال ذرا الروابي
وظنِّي أنه لو كان سيلاً … لعلَّمه التوقُّلَ في العِقاب
لقد رجَّيْتُ في عملي رجاء … فلا أصدُر بلا عملٍ مُثاب
ولا يكنِ الذي أمَّلْتُ منهُ … كرقراقِ السّراب على الحدَاب
ولا كرمادٍ اشتدت رياحٌ … به عُرْضَ الصِّحَاصح فَهْوَ هاب
كأني أَدَّري بنداك صيداً … يُباعدُهُ دُنُوِّي وارتقابى
لذاك إذا مررتُ وتلك تَشفي … من الحسَّاد أو صابَ الوِصَابِ
تشير إليَّ بالمحروم أيدٍ … كأيدي الناس في يوم الحصابِ
تَطاول بي انتظارُ الوعدِ جدَّاً … ورَيبُ الدهرِ يؤذِنُ بانشعابِ
فيا لكِ حسرة ً إن أحتقبْها … إلى جَدَثي فيا سوءَ احتقابي
وكان الوعدُ ما لم تُعطنيه … يدُ الإنجازِ شرَّ حِباءِ حابِ
أعوذ بطيب خِيمِكَ من مِطالٍ … حماني ورد بحرِك ذي العُبابِ
وما هذا المطال وليس عهدي … بنفسك من قرائنك الصعابِ
يروضُ النفسَ من صَعُبتْ عليه … ولم تكُ في الندى طوعَ الجِنابِ
وأنت كما علمت قرينُ نفسٍ … تُطيعك في السماح بلا جِذابِ
فمن أيِّ الثنايا ليتَ شعري … أتاني المطلُ أم أيِّ النِقَابِ
أفكِّر في نِصابٍ أنت منه … فيُغْلَقُ دون عذرِك كلُّ بابِ
وكم في الناس من رجلٍ مَليمٍ … يقوم بُعذرهِ لؤْمُ النِّصابِ
ألستَ المرءَ لا عزمٌ كَهامٌ … ولا بخلٌ إليه بذي انتسابِ
تجودُ بنانُهُ والغيثُ مُكْدٍ … ويمضي عزمُهُ والسيفُ نابِ
أَلستَ المرءَ يَجْبِي كلَّ حمدٍ … إذا ما لم يكنْ للحمدِ جابِ
تُوائلُ من لسان الذمّ رَكْضاً … وتَثْبُتُ للمهنَّدة ِ العِضابِ
تُظاهِرُ دونَ عرضِكَ كلَّ درعٍ … تُظَاهرُ للطِّعانِ وللضرابِ
نَعُدُّ مَعايباً للغيثِ شتَّى … وما في جودِ كفّك من مَعابِ
وجدنا الغيثَ يهدِمُ ما بنينا … سوى الخِيمِ المُبدَّى والقِبابِ
ويمنعنا الحَرَاكَ أشدَّ منعٍ … وإلا سامنا حَطْمَ الرقابِ
ويحتجبُ الضياءُ إذا سقانا … وما ضوءٌ بجودك ذو احتجابِ
وفضلُ جَداك بعدُ على جداهُ … مُبينٌ لا يُقابَلُ بارتيابِ
تَجُودُ يداك بالذهبِ المُصفَّى … إذا ما الغيثُ عَلَّل بالذِّهابِ
وجودك لا يُغِبُّ الناسَ يوماً … وجودُ الغيثِ تاراتُ اعتقابِ
وتتفقان في خلقٍ كريمٍ … فَتَشْتَرِكَانِهِ شِرْكَ الطِّيابِ
تجودان الأنام بلا امتنانٍ … بما تُستمطَران ولا احتسابِ
فعِشْ في غبطة ٍ ونعيم بالٍ … ومُلْكٍ لا يَخَافُ يدَ اغتصابِ
وآخِرُ خُطْبة ٍ لي فيك قولي … وليس عتابُ مثلك بالغِلابِ
بمهما شئْتَ دونك فامتحنِّي … فإنك غايتي والصَّبْرُ دابي
وليس لأنني سُدَّتْ سبيلي … ولا عَجَزَ اصطرافي واضطرابي
ولكني وما بي مدحُ نفسي … أرى عاب التكذُّب شرَّ عابِ
وإن جاوزتُ مدحَك لم يزل بي … تكذُّبي المدائحَ واجتلابي
متى أَجدُ المدائح ليتَ شعري … تُواتي في سواك بلا كِذابِ
وبعدُ فإنَّني في مَشْمَخرٍّ … عصائبُ رأسهِ قِطَعُ الضَّبَابِ
أحلَّتْنِيهِ آباءٌ كرامٌ … بتيجانِ الملوكِ ذوو اعتصابِ
فكيف تنالني كفٌّ بنيْلٍ … وليس تنالني كفُّ العُقابِ
أَكُفُّ الناسِ غيرَك تحت كفِّي … وقابُ الناس غيرك دون قابي
تعالتْ هضبتي عن كلِّ سيلٍ … وفاتتْ نبعتي نَضْخَ الذِّنابِ
فليس ينالني إلا مُنِيلٌ … يُطلُّ عليَّ إطلال السحابِ
وما كانت أصولُ النَّبْعِ تُسْقَى … معاذ اللَّه من قَلَص الجِبَابِ
فذلك عاقني عن شَدِّ رحلي … وعن عَسْفي المهامِة َ واجتيابي
ولولاهُ لما حنَّتْ قِلاصي … إلا وطن لهنَّ ولا سِقَابِ
ولا أرعتْ على عَطَنٍ قديمٍ … ولا حفِلتْ بِنَأْيٍ واغترابِ
ولا ألفتْ مُقَلْقِلَهَا بخيلاً … بحسراها على غَرْثَى الذئابِ
ولا بَرَحَتْ تَقَدُّ الليلَ قدَّا … بأعناقٍ كعيدانِ الخصابِ
فما سَرَتِ النجومُ سُرَايَ فيهِ … ولا انسابتْ أفاعيهِ انسيابي
إذاً ولراعَت الصيرانَ عَنْسي … بحيث تُشَقُّ عنهن السوابي
وعامت في دَهاسِ الرَّملِ عوماً … وإن عرضتْ عَوَانِكُها الحوابي
ولو أني قطعتُ الأرض طولاً … لكان إليك من بعدُ انقلابي
إذا كنتَ المآبَ ولا مآبٌ … سواك فأين عنك بذي الإيابِ
سأصبر موقناً بوفور حظي … وأجرُ الصابرين بلا حسابِ
ومهما تَبَّ من عملٍ وقولٍ … فما عملُ ابنِ مدحِك للتَّبابِ