صبراً على أشياءَ كُلِّفْتُها … أُعْقِبْتُها الآنَ وسُلِّفْتُها
ويح القوافي ما لها سَفْسَفتْ … حَظِّي كأَنِّي كنتُ سَفْسَفْتُها
ألمْ تكُن هوجاً فسدَّدْتُها … ألم تكن عوجاً فَثَقَّفْتُهَا
كم كلماتٍ حكْتُ أبْرادَهَا … وَسَّطْتُها الحسْنَ وطَرَّفْتُهَا
ما أحْسَنَتْ إن كنتُ حَسَّنْتُهَا … ما ظَرَّفَتْ إن كنت ظرَّفْتُها
أنْحتْ على حظِّي بمِبْرَاتِهَا … شكراً لأني كنتُ أرهَفْتُهَا
فرقَّقَتْهُ حين رقَّقْتُها … وهفْهَفَتْهُ حين هفهَفْتُهَا
وكثَّفتْ دون الغنى سدَّها … حتّى كأنِّي كنتُ كثَّفْتُها
أحلِفُ باللَّه لقد أصْبَحتْ … في الرزق آفتي وما إفْتُها
لمْ أُشكِهَا قطّ بِتَقْصِيرَةٍ … فيها ولا من حَيْفَةٍ حِفْتُهَا
حُرِمتُ في سنِّي وفي مَيْعَتي … قِرَايَ من دنيا تَضيَّفْتُها
لَهْفي على الدنيا وهل لهفةٌ … تُنْصِفُ منها إن تلهَّفْتُهَا
كم أَهَّةٍ لي قد تأوَّهْتُهَا … فيها ومن أُفٍّ تأففتها
أغدُو ولا حالَ تَسَنَّمْتُها … فيها ولا حال تَرَدَّفْتُهَا
أوسعتُها صبراً على لؤْمِها … إذا تَقَصَّتْهُ تَطرَّفْتُهَا
فَيُعْجِزُ الحيلةَ منْزُورُها … إلا إذا ما أنا لطَّفْتُها
قُبحاً لها قبحاً على أنَّهَا … أقبحُ شيءٍ حين كشَّفْتُها
تَعَسَّفَتْني أنْ رَأتْني امرَأً … لم ترني قَطُّ تَعَسَّفْتُها
تَضَعَّفَتْني ومتَى نالني … عونُ أبي الصَّقْرِ تَضَعَّفْتُهَا
أرجوه عن أشياء جرَّبتُهَا … وليس عن طير تَعَيَّفْتُهَا
مقدارُ ما يُلْبِثُ عنِّي الغِنَى … إشارةُ الإصْبع أوْ لَفتُهَا
سَلَّيْتُ نفسي بأفاعِيله … من بعد ما قد كنت أسَّفْتُهَا
وقد يعزّيني شباباً مضى … ومدَّةً للعيشِ أسلفْتُهَا
فكَّرتُ في خمسين عاماً خَلَتْ … كانتْ أمامي ثم خلَّفْتُهَا
تَبَيَّنَتْ لي إذ تَذَنَّبْتُهَا … ولم تَبيَّنْ إذا تأنَّفْتُهَا
أجهلتها إذ هي موفورةٌ … ثم نَضَتْ عني فعُرِّفْتُها
ففرحَةُ الموهوب أعدِمتُها … وترحةُ المسلوب أردفْتُها
لو أن عمري مائةٌ هَدَّني … تذكُّري أنِّيَ نَصَّفْتُها
فكيف والآثارُ قد أصبحت … تُرجف بالعمر إذا قِفْتُها
كنزُ حياةٍ كانَ أنفقتُهُ … على تصاريفَ تصرَّفْتُها
لا عُذر لي في أسفي بعدها … على العطايا عفتها عفْتُها
إلا بلاغاً إن تأبَّيتَهُ … أشقيت نفسي ثم أتلفْتُها
قوتٌ يُقيم الجسم في عفّةٍ … أشعِرتُها قِدْماً وألحفْتُها
وقد كددتُ النفس من بعدما … رفَّهتها قدماً وعَفَّفْتُها
لا طالباً رزقاً سوى مُسْكةٍ … ولو تعدّت ذاك عنَّفْتُها
طالبتُ ما يمسكها مُجملاً … فطفتُ في الأرض وطوَّفْتُها
وناكدَ الجَدُّ فمنّيتُها … وماطلَ الحظ فسوَّفْتُها
وإن أراد اللَّهُ في ملكهُ … جاوزت خَمْسِيَّ فأضعفْتُها
بقدرة اللَّه ويُمْنِ امرئٍ … نعماه عُمْرٌ إن تَلَحَّفْتُها
فيها مَرادٌ إن تَرعَّيتُها … وأيُّ حِرز إن تكهَّفْتُها
يا واحد الناس الذي لم أجد … شَرواهُ في الأرض التي طُفْتُها
إليك أشكو أنني طالبٌ … خابت رِكابي منذ أَوجفْتُهَا
أصبحتُ أرجوك وأخشى الذي … جَرَّبتُ من حالٍ تسلَّفْتُها
فاطرُدْ ليَ الحرفةَ وادعُ الغِنى … واذكر سُموطاً كنت ألَّفْتُها
مَدائحٌ بالحق نمَّقتُها … وليس بالباطل زخرفْتُها
أعتدُّها شكوى تشكيتها … إليك لا زُلفى تَزلَّفْتُها
وكيف أعتدُّ بها زُلفةً … وإن تعمَّلتُ فأحصفْتُها
ولم أُشرِّفك بها بل أرى … بالحق أني بك شرَّفْتُها
ومن مَساعٍ لك ألَّفتها … لا من مساعي الناس لَفَّفْتُها
تعاوَرَتْها فِكَرٌ جمةٌ … أنضيتُها فيك وأزحفْتُها
وأنت لا تَبْخَسُ ذا كُلفةٍ … لا بَلْ ترى أن الغنى رَفْتُهَا
بحقِّ من أعلاك فوقَ الورى … إحلافةً بالحق أحلفْتُها
لا تُخطئَنّي منك في موقفي … سماءُ معروف توكّفْتُها
أنت المُرجَّى للتي رُمتها … أنت المرجى للتي خِفْتُها
كم بُلغةٍ ما دونها بُلغةٌ … قد نافرَتْني إذ تألَّفْتُها
فرُحتُ لا أرجو ولا أبتغي … وتاقت النفسُ فكَفْكَفْتُها
حُملتُ من أمري على صعبةٍ … خلَّيْتُها إذ عزّني كَفْتُها
بل خِفْتُ من كنتُ له راجياً … ورجَّتِ النفسُ فخوّفْتُها
ولم أخفْ في ذاك أنّي متى … وعدتُها رِفدَك أخلفْتُها
لكنني أفرَقُ من حِرْفةٍ … أنكرتُ نفسي منذ عُرِّفْتُها
أقول إذ عنَّفني ناصحٌ … في رفض أثمادٍ ترشَّفْتُها
إن أبا الصقر على بُعدِه … داني العطايا إن تكفَّفْتُها
ثمارُهُ في شُمِّ أغصانِهِ … لكنني إن شئتُ عَطَّفْتُها
لا كَثمارٍ سُمتُ أغْصانَها … إدْناءها مني فقصَّفْتُها
لِبَابِهِ المعمورِ أُسْكُفَّةٌ … لَتُعْتِبَنِّي إن تسكَّفْتُها
الآنَ أسلمتُ إلى نعمةٍ … غنّاء نفساً كنت أقشَفْتُها
قد وعدتني النفس جدوى له … إن شئت بعد اللَّه وظَّفْتُها
تاللَّه لا يَقْصُرُ دون المنى … قِرَى سجاياه التي ضِفْتُها
نُعمى أبي الصقر التي استبشرتْ … نفسي بريَّاها وقد سُفْتُها
خُذها ولا تَبْرَم بها إنني … قرَّطتُها الحسنَ وشنَّفْتُها
بَيِّنَةً من منطق محكمٍ … فَنَّنْتُهَا فيك وصرَّفْتُها
كم نظرةٍ فيها تَقَصَّيتها … كم وقفةٍ فيها توقَّفْتُها
بمجد آبائك أسَّستُها … ومجدِ آلائك شرَّفْتُها
ضَوَّعتُ فيكم كل مشمولة … لكنني من مسككُمْ دُفْتُها
ولم أدعْ في كلّ ما زانها … فلسفةً إلا تفلسفْتُها
إن كنتُ بالتطويل كمَّيتُها … فليس بالتثبيج كيَّفْتُها
لو أن خدّي كان أهلاً لهُ … واستهدفَتْ لي لتَهدَّفْتُها
يا من إذا صُغتُ أماديحَه … جَوَّدتُها فيه وزيّفْتُها
لو أنها ليلٌ لَنوَّرتُهُ … باسمك أو شمسٌ لأَكْسفْتُهَا