صاح الحمى ببني الهيجاء فاعتزموا … وراح يهتز في أبطاله العلم
جند من الحق ما في بأسه وهن … عند اللقاء ولا في دينه سقم
ما جال إلا انجلت عن مصر أبؤسها … ولا تبلج إلا انجابت الظلم
يغضي عن الحرب يستقصي وسائلها … كالموت يهدأ حينا ثم يقتحم
شر الجنود غداة الحرب منقلبا … من كان يزعم أن الحق ينهزم
قل للكنانة جد القوم فانتظري … عقبى الوغى وانظري ما تصنع الهمم
من كان يجهل في البانين موضعهم … فالصاعدون بآمال البلاد هم
لولا يذودون قوما عن جوانبها … طاحت قواعدها أو طارت القمم
ليت المدمر تنهاه معاوله … إذ ينثنين وأمضاهن منثلم
أشقى الرجال بما تلمي وساوسه … من ظن أن بناء الله ينهدم
وأكثر الناس في أحلامه شططا … من كان يطمع أن تستعبد الأمم
هو الجلاء وإن ريعت له فئة … يود ساداتها لو أنهم خدم
ما أعجب القوم رأي اللاعبين بهم … حق ورأي الجلائيين متهم
إن يسألوا الهون يعطوه وإن طردوا … عن موطن الذل ظنوا أنهم ظلموا
لا يهجعون ولا يفنى لهم صخب … إن جف مرتزق أو عز مغتنم
تغضي البلاد حياء من لجاجتهم … والحر يغضي عن العوراء يحتشم
رسل الصداقة من صرعى رسالتهم … حق البلاد ومن قتلاهم الشمم
راحت تخادع منهم كل مختبل … فما تريع ولا ينأى بها السأم
لو أنهم بذلوا الدستور تكرمة … لمن يبشرهم بالحكم ما ندموا
هم خاصموا مصر ثم استرسلوا حنقا … إلى الألى شرعوا العدوان فاحتكموا
بني الكنانة كفوا عن مقاتلها … أما لها ذمة فيكم ولا رحم
إني أرى حادثات الدهر تصدمها … وما تزال بها الأحزاب تصطدم
الخصم مستوفز العدوان مرتقب … والشر متقد البركان مضطرم
حرب من العار ما يفدي الكماة بها … إلا المناصب والأموال تلتهم
عودوا إلى الحق يحميه غطارفة … لم يبق من دونهم للحق معتصم
لا يعرفون سوى الإيمان منزلة … تعلو النفوس بها أو تعظم القيم
أئمة الرشد جاءتهم رسالتهم … فلا عمى حين جاءتهم ولا صمم
أتى بها من بقايا الرسل منتدب … ما في شريعته أن يعبد الصنم
موفق الرأي موفور النهى يقظ … ما زل قط لسان منه أو قلم
هذا الشهيد الذي ما انفك من دمه … في جفن كل فتى بالمشرقين دم
شهدت يوم علي بعد مصرعه … فازددت في القلب جرحا ليس يلتئم
صان الذمار وأعلى شأنه علما … صينت به الحرمات الغر والذمم
حق البلاد عزيز فيه ممتنع … ما يستباح ولا يغشاه مهتضم
ما للكنانة إلا فارس بطل … يحمي اللواء وإلا صارم خذم
إني أرى شهداء النيل ما برحوا … ملء الميادين والهيجاء تحتدم
يرمي فريد ويرمى بين رفقته … والحق يعبس أحيانا ويبتسم
لا هم أدرك حماة الحق منتصرا … إن الكنانة بالأحداث تزدحم